(231)
(536)
(574)
(311)
شرح الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الطهارة: تتمة باب جامع غُسل الجنَابة، وباب في التَّيمم.
فجر الثلاثاء 7 ذي الحجة 1441هـ.
باب جَامِعِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ
135- وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ جُنُبٍ، وُضِعَ لَهُ مَاءٌ يَغْتَسِلُ بِهِ فَسَهَا، فَأَدْخَلَ أَصْبُعَهُ فِيهِ لِيَعْرِفَ حَرَّ الْمَاءِ مِنْ بَرْدِهِ. قَالَ مَالِكٌ: إِنْ لَمْ يَكُنْ أَصَابَ أَصْبُعَهُ أَذًى، فَلاَ أَرَى ذَلِكَ يُنَجِّسُ عَلَيْهِ الْمَاءَ.
باب فِي التَّيَمُّمِ
136 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ، أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ، انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْتِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقَالُوا: أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ، أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبِالنَّاسِ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ، فَقَالَ: حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعُنُ بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلاَ يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلاَّ مَكَانُ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى فَخِذِي، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى آيَةَ التَّيَمُّمِ، فَتَيَمَّمُوا. فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أبِي بَكْرٍ. قَالَتْ: فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ فَوَجَدْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ.
137 - وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَيَمَّمَ لِصَلاَةٍ حَضَرَتْ، ثُمَّ حَضَرَتْ صَلاَةٌ أُخْرَى، أَيَتَيَمَّمُ لَهَا، أَمْ يَكْفِيهِ تَيَمُّمُهُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: بَلْ يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلاَةٍ، لأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَبْتَغِيَ الْمَاءَ لِكُلِّ صَلاَةٍ، فَمَنِ ابْتَغَى الْمَاءَ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ.
138 - وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَيَمَّمَ، أَيَؤُمُّ أَصْحَابَهُ وَهُمْ عَلَى وُضُوءٍ؟ قَالَ: يَؤُمُّهُمْ غَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَلَوْ أَمَّهُمْ هُوَ لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْساً.
الحمدُ للهِ مكرمِنا بشريعتِه الغرَّاءِ المُنيرة، وبهديّ عبدِه المصطفى محمَّد ﷺ سيِّدِ أهلِ الحظيرة، أكرمِ داعٍ إلى اللهِ على بصيرة، الَّلهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِكْ وكرِّمْ عليهِ وعلى آلهِ وأصحابِه أهلِ القلوبِ المُنيرة، وعلى مَن تَبِعَهُم بإحسانٍ، ووالاهُم فيكَ، وسارَ بسيرتِهم خيرِ سيرة، وعلى آبائه وإخوانِه مِنَ الأنبياءِ والمرسلينَ المخصوصينَ منك بالمِنَحِ والمواهبِ، والعطايا والمزايا الكبيرة، وعلى آلهم وصحبهم وأتباعِهم، وعلى ملائكتِك المقرَّبين، وجميعِ عبادِك الصَّالحينَ، وعلينا معَهُم وفيهِم برحمتِك يا أرحمَ الرَّاحمين.
وبعدُ،
فيواصِلُ الشَّيخُ -عليهِ رحمةُ اللهِ- ذكرَ أحاديثِ الطَّهارةِ، وكانَ مِنْ آخرِ ما تقدَّمَ معَنا قبْلَ بابِ التِّيمُّمِ، ما ذكَرَ الإمامُ مالِكٌ -عليهِ رِضوانُ اللهِ تباركَ وتعالى- وقدْ سُئِل عن رجلِ جُنُبٍ، "وُضِعَ لَهُ مَاءٌ يَغْتَسِلُ بِهِ فَسَهَا، فَأَدْخَلَ أَصْبُعَهُ فِيهِ لِيَعْرِفَ حَرَّ الْمَاءِ مِنْ بَرْدِهِ." يعني: قبلَ أنْ يغسِلَ يدَهُ خارِجَ الإِناءِ، "قَالَ مَالِكٌ: إِنْ لَمْ يَكُنْ أَصَابَ أإصْبُعَهُ أَذًى، فَلاَ أَرَى ذَلِكَ يُنَجِّسُ عَلَيْهِ الْمَاءَ."، في نسخة: "أصابعه". أذىً؛ يعني: نجاسةً، "فلا أرى ذلك يَنْجُسُ عليهِ الماءُ"، وهكذا قالَ الأئِمَّةُ، بل الإمامُ مالكٌ نفسُهُ يرى: أنَّه ولو كانَ فيهِ نجاسةٌ ولكنْ لَمْ تُغَيِّرِ الماءَ فإنَّهُ لا يتأثَّرُ ولا يضُرُّ، ولكنْ قالَ غيرُهُ: إذا كانَ الماءُ قليلًا، فبِمُجَرَّدِ وضْعِ يدِهِ فيهِ وهي نَجِسَةٌ، يصيرُ الماءُ نَجِسًا.
ثمَّ ذكرَ لنا بابَ التَّيَمُّمِ، وهُو: الرُّخصَة المَخصُوصَة بأمَّةِ محمَّدٍ ﷺ كما قال: "وجُعِلَت ليَ الأرضُ مسجدًا وترابُها طَهوراً" وفي لفظٍ: "جُعِلَتٌ ليّ الأرضُ مسجدًا وطَهورًا" فلمْ يَكُنْ هذا للأنبياءِ مِنْ قبل ولا لأمَمِهِم، فكانَ التَّيمُّمُ مِنْ خصائصِ هذهِ الأمَّة.
ولمَّا حَمَلَ لفظُهُ معنى القَصْدِ، اشترطَ فيه الحَنَفِيَّةُ -كما اشترَطَ غيرُهم في جميعِ أبوابِ العبادةِ- النِّيَّةَ، وأخذوا مِنْ قوله : (..فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا..) [النساء:43] :اقْصُدُوا صعيدًا طيِّبًا، والقَصْدُ هو النِّيَّةُ، فَلَمْ يوجِبوا النِّيَّةَ في الوضوءِ، ولا في الغُسْلِ، وقالوا: أنَّهُ طهارةٌ حِسِّيَّة -الغَسْلُ بالماءِ- فلا يُشترط لها النيّة إلَّا لمزيدِ الثَّواب والأجرِ، أمَّا التَّيَمُّمُ: فما هو طهارةٌ حِسِّيَّة، فهو في الحس يغبّر يكدّر، يصيب الغبار وجهك ويديك، فظاهره ما ينظّف، أين الطهارة في ظاهره؟ لكن طهارة معنوية، لهذا احتاجَتْ إلى النِّيَّة،
وذكرَ لنا حديثَ السَّيِّدةِ عائشةَ -رضى الله عنها- فى شأنِ هذا التَّيمُّمِ الذي ذكرْنا معناهُ في الُّلغةِ: مُطلَقُ القَصْدِ، والتَّوخِّي، والتَّعَمُّدِ للشيء، يُقالُ: تيمَّمَهُ بالرُّمْحِ؛ يعني: تقَصَّدَهُ، توخَّاهُ، وتعمَّدَهُ، قال تعالى فى هذا المعنى: (..وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ..) [البقرة:267]، تقصُدوا وتعمَدوا إليه ومنه تنفقون.
وتداخلَتْ هذه التعريفاتُ فى بعضِها البعض، وتنوَّعتْ فيها العباراتُ، وثبُتَ بالكتابِ العزيزِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا) [النساء:43]. (وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ) [المائدة:6]. كذلكَ فى السُّنَّةِ الشَّريفةِ: "جُعِلَتْ ليَ الأرضُ مسجدًا وطَهورًا"، فهو مشروعٌ بالإجماعِ بدلًا عن الوضوء والغسل، في أحوالٍ مخصوصة.
وسبب نزولِ آيةِ التَّيمُّمِ هذا الحديثُ الذي ذكرَهُ، وهذه الواقعةُ التي كانت في سَفَرٍ مِنْ أسفارِهِ ﷺ، وهو سفرُه إلى بني المُصْطَلِقِ، في غزوةِ بني المُصْطَلِقِ، والمُسَمَّاةِ بغزوةِ المُرَيسِيعِ، والتي كانتْ في شهر شعبان، مِنَ السَّنةِ الخامسة مِن الهِجرة. وقالَ البُخارِيُّ: في السَّنةِ السَّادسةِ. وجمهورُ أهلِ السيرةِ: أنَّها كانتْ فى السَّنةِ الخامسةِ.
غزوةُ المُرَيسِيعِ هذهِ التي حدثتْ فيها الفَرُ الرَّجُلِ بِأهلهِ، وكانَ مِنْ غالِبِ عادَتِهحادثةُ، ونزلَ بسببِها آيةُ التَّيمُّمِ، فيُذكَرُ: "عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ"، وفيهِ سَ ﷺ أن يقرَعَ بينَ نسائِه، فمَن خرجَتْ قُرْعتُهُ منهُنَّ اصطحَبَها معه، أمَّا في حَجَّةِ الوَداعِ، فقدِ اصْطَحَبَ أمَّهاتِ المؤمنينَ التِّسعَ أجْمَعْ، ﷺ، فخرجت في تلك السَّفرةِ قُرعَةُ عائشةَ، فاصطحَبَها معهُ في السَّفر. "فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ"، وهيَ غزوةُ بني المُصْطَلَقِ، الَّتي تُسمَّى غزوةُ المُرَيْسيعِ، خرجَ إليها في أوَّلِ شعبانَ سنةَ ٥ هِجرِيَّةٍ. وقالت: "حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ"
يعني وهم قريب مِنَ المدينةِ المنوَّرَةِ معَ رُجُوعِهِم مِنَ الغَزْوَةِ. "بِالْبَيْدَاءِ، أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ" فالشكُّ إمَّا مِنَ السَّيِّدَةِ عائشةَ نفسِهَا، والأَرجَحُ: أنَّهُ منَ الرَّاوي الَّذي روى عنْها، نَسِي أقالتْ بالبَيْدَاءِ، أو قالت بذاتِ الجَيْشِ، وهو موقعٌ على قُرْبٍ مِنَ المدينةِ، بينَها وبينَ العَقيقِ سبعُ أميالٍ بطريقِ مكَّةَ كذلكَ. قالتِ: "انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي"؛ ما يُعْقَدُ وَ يُعَلَُق في العُنُقِ يُسَمَّى عِقْدًا، ويُقالُ لهُ: قِلادَةٌ. وجاءَ في روايةِ أبي داوُدَ: أنَّ هذا العِقْدَ أو القِلادةَ كانَتْ مِنْ جِزعِ ظِفارٍ -موضعٌ يُؤتَى مِنْهُ بِبعضِ الزِّينةِ- ظِفارُ الَّذي في أرضِ عُمانَ الآنَ، ولكن في رِوايةٍ: أنَّها جاءَتْ مِنْ جِزعِ أَظفَرَ، وهذا نوعٌ مِنَ الطِّيبِ. وقولُها: "انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي" نَسَبَتْهُ إليهَا لِكَونِ القِلادَةِ والعِقْدِ في يدِها وهُوَ ليسَ مُلْكُها، إنَّما هُوَ عارِيَةٌ عِنْدَها استعارتْهُ مِنْ أُختِها أسماءَ. وفيهِ أنَّهُ لم تكنْ أدواتُ الزِّينةِ مُوَفَّرَةً لدى السَّيِّدَةِ عائشةَ، ولمَّا أرادَتِ السَّفَرَ، وتريدُ أنْ تتزيَّنَ لرَّسول الله ﷺ، قالتْ لأختِها: هاتي عِقدك أحمِلُه معي، فأعطتْهَا عِقْدَها عارِيَةً عندَها.
فقولُها: "لي" يعني: تحت يدي في استعارتِها، وليسَ بِمُلْكِها. قالوا: أنَّ هذهِ القِلادَةَ ثمنها اثْنَا عَشَرَ دِرْهم، فَفيهِ اتخاذُ الحُلِيِّ تَجَمُّلًا، وذلك هو الجائزُ لِلنِّساءِ منَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ المُحَرَّمِ على الرِّجالِ، إنَّما يُستثنى لِلرَّجُل الخاتم، خاتَمٌ واحِدٌ مِنَ فِضَّةِ، يلبَسُ خاتَمٌ واحِدٌ مِنَ الفِضَّةِ، ما يُلَبسُ ثلاثةُ أو أربعُ خواتِمَ، يلبَسُ خاتَمٌ واحد مِنَ الفِضَّةِ.
وَقَدِ اشترطَ الشَّافِعِيَّةُ وغيرُهم: ألَّا يزيدَ وزنُه على مِثْقَال؛ هذا الخاتم لجواز استعماله لِلرَّجُلِ، أمَّا المرأةُ تستعملُ أّيّ شيءٍ مِنَ الذَّهبِ والفِضَّةِ، فهوَ حرامٌ على الرِّجالِ، حِلٌّ لِلإِناث. وما أحد بعد ذلكَ طالَبَ بمزعومِ المُساواةِ بينَ الرِّجل والمرأة، وماقامت ثَّورةُ لِلرِّجالِ يقولون: لماذا يُحَرَّمُ علينا.. ولماذا تُفَضَّلُ المرأةُ.. نريدُ المساواةَ..! ما درينا إيش يفسِّرون المُساواةَ هؤلاء؟! إلَّا أنَّهم يعجَزونَ أن يجعَلوا المُساواةَ في تبادُلِ الحَمْلِ مثلًا، أَوِ الوَضْعِ، وما إلى ذلكَ، هذا ما يقدِرونَ عليه! وما ندري معنى المُساواةِ عندَهم إلَّا هَتْكُ سَتْرِ الحياءِ والحِشْمَةِ واختِلاطُ المرأةِ بالرَّجُلِ.. فقط هو هذا المساواة! والباقي مهما امتُهِنَتْ، ومهما استُخِفَّ بشَأْنِها، ما يَهُمُّهُم، المُهِمُّ أنَّها لا تكونُ متَسَتِّرَةً ولا مُحتَشِمَةً، وكأَنَّ هذهِ هيَ المساواةُ في تفسيرِ مَنْ ليسَ بسويٍّ في عقلِهِ، ولا في فِكرِهِ، والحمد للهِ على نعمةِ الإسلامِ.
وهذا حرامٌ على الرِّجالِ، حلالٌ للنِّساءِ، ولا رَجُلَ واحد قالَ: لماذا يُفَضِّلونَ النِّساءَ علينا! لماذا احتقارُ الرَّجُلِ، ومَنْعُ الرَّجُلِ أنْ يتزيَّنَ؟! لماذا الزينةُ خاصَّةٌ بالنِّساءِ يعني؟ والرَّجل ماذا به؟، ويعملون ثورةَ مساواةِ الرَّجلِ والمرأةِ..! ما هناك شيء من هذا كله، لأنَّ المسائلَ في حِكَمِ أحكامِ اللهِ -جلَّ جلالُه- ماهو أجملُ، وأوفَقُ، وأَلْيَقُ بِكُلٍّ مِنَ الرِّجالِ والنِّساءِ، فهناكَ الأحكامُ العامَّةُ الَّتي تعُمُّهم، وهناكَ الأحكام الَّتي تخصُّ الرِّجالَ، والأحكام الَّتي تخصُّ النِّساءَ، ثمَّ بعدَ ذلكَ جُعل معنى العَدْلِ الذي جاءت بهِ الشَّرائعُ كلُّها، العدلُ؛ ما يمكن أن تُظْلمَ امرأة وما يُمكن أن يُظلَمَ رجلٌ، ما يُمكن يعتديَ أحدٌ على الآخرِ، ما يمكن يُحْتَقَرَ أحد الآخرِ.. حرام، ما يمكن يتكبَّرَ أحدٌ على الآخَرِ، هذا هوَ، هذا العدلُ الَّذي جاءَ بهِ الإسلامُ. أمّا أن يقولُ: أظهِري زينتَكِ لي، واتخذَكِ بضاعةً في المجتمعِ، يتمتَّعُ بكِ أهلُ العُيونِ الخائِنةِ، والقلوبِ المَريضةِ، هذا ليس عَدْل ولا مساواةٌ، إيش معنى هذا؟ هذا هو الخَباثَةُ والقَبَاحَةُ التي في طبيعةِ الإنسانِ، وقام يصلّح لها أسماء… حرِّيَّة، وعدل، ومساواة، وتحريرَ المرأةِ، يامجنون!! هذا معناهُ شيء منَ الامْتِهانِ، وإرادَةِ التبضُّعٍ بالمرأةِ، لتكونَ بِضاعةً سهلة رخيصةً في أيادي فاسدي كلِّ المجتمعِ، ومنحرِفي كلِّ مجتمعٍ، هذا الَّذي يحصلُ، غير هذا إيش الذي يحصَل؟ وأمَّا الاحترام، وأمّا معرفةُ الحقوقِ، وأمَّا الإنصاف في شرائعِ اللهِ مِنْ أيامِ آدمَ إلى أنْ بُعِثَ محمَّدٌ، جاءَ بها تامَّةً، كامِلَةً، لا احتَقَرَتْ أحد، ولا نَزَّلَتْ مِنْ شأْن أحد، ولا جوَّزَتْ لأحَدٍ أنْ يتكبَّرَ على الثَّاني، ولا أنْ يحتقرَ الثَّاني، أو يأخذَ أحدٌ حَقَّ الثَّاني، لا مالاً، ولا أيّ ملك ولا اعتبار ولا جاه، الأمرُ في ذلكَ واضحٌ، وبَيِّنٌ، ولكنَّها لَعِبُ إبليسَ وجُنْدِهِ بزُخْرُفِ القَوْلِ، زُخْرُفِ القَولِ الغَرورِ.
قالتْ: "فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْتِمَاسِهِ" أين العِقْدَ مُستَعارٌ عنْدَ عائشة؟ ما وجدوه ،لأجلِ طلبهِ، فأخذوا يبحثونَ عنهُ، وهوَ كانَ تحتَ البعيرِ الذي كانت راكبةً عليهِ، وهمْ يبحثونَ عنهُ في المحلَّات الأخرى، وحيثُ توضَّأتْ… ولا أثرٌ للعِقدِ! ودخَلَ وقتُ الظَّلامِ، وقتُ الليلِ.. وانتهى الطَّلَبُ، فباتَ بهِم رسولُ اللهِ ﷺ في هذا المكانِ، فالمكانُ لم يكنِ الماءُ متوفرًا فيهِ، وباتَ الناسُ فيه. واحتاجوا في الصباحِ إلى الوَضوءِ، وإلى الغُسْلِ، والناسُ على غيرِ ماءٍ، قالت: وأقامَ ﷺ "وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ"، الموضِعُ ليسَ فيهِ ماءٌ، وليسَ معَهُم محمُولُ قِرَبْ مِنَ الماءِ ولا غيرِها، يقولُ بعضُهم: إنَّما كانَ ذلكَ سنَّتَهُ في حِفظِ الأموالِ، وخصوصًا ماتعلَّقَ بحقِّ الغَيرِ، مثلَ العاريةِ ونحوِها، ففيهِ:
"فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ" لمَّا أصبحوا والمكانُ ما فيهِ ماء، والد عائشة، وفيهِ شكوى المرأةِ إلى أبيها وإنْ كانتْ مُتزوِّجَة، لها زوجٌ، ولكن لأبيها يد عليها أيضًا ما تنقطعُ، وراحوا إلى سيدِنا أبي بكرٍ، وهم أيضًا يهابُونَه ﷺ أن يتكلموا معه، وتكلَّموا مع أبي بكرٍ، "فَقَالُوا: أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ، أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبِالنَّاسِ"، ليست هي الَّتي أقامتْ، إنما أقامَ رسول الله ﷺ لمَّا رأى الأمرَ هذا ضاع، وقفَ في مكانِه وأقامَ، وأقامَ بالناسِ، هي ليس لها أمر تقيمُ بهم، لكن كانت هي سبب ضياعِ عِقْدِها هذا هو السَّببُ الذي جعلَهُم يقيمونَ بالناسِ، وأقامَ معها.
قالوا له: أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبِالنَّاسِ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ" قالت عائشةُ: فأغضبَ الناسُ أباها أبا بكر، فجاء ودخلَ عندَها الخيمةَ التي كان فيها النبي ﷺ، وكان ﷺ نائمًا واضعًا رأسَه على رِجْلِها، فدخلَ وأخذَ يكلِّمًها، "قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ" يقول: وفي هذا جوازُ دخولِ الرَّجُلِ على ابنتِه إذا علِمَ رضاها ورضا زوجِها بذلكَ، وإنْ كانَ عندَها زوجُها في الأوقاتِ المناسبةِ.
قد نامَ ﷺ، قالَ أبو بكرٍ: "حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ" يتضرَّرونَ بذلكَ، تقول: "وَجَعَلَ يَطْعُنُ بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي" الشَّاكلةَ، خصرُ الإنسانِ: وَسْطُهُ، وفيهِ تأديبُ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ، ولَوكانتْ متزَوِّجَة وكبيرةً، وكما أرادَ المبالغةَ في عَتَبِها، فكانَ يضعُ يدَهُ في خاصِرَتِها، قالتْ: أردْتُ اتحرَّكَ، ما أقدِرُ، "فَلاَ يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلاَّ مَكَانُ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ"، تخافُ أنْ ينزَعِجَ مِنْ نومِهِ، فبقِيَتْ مُتماسِكَةً، ما تحرَّكَ شيءٌ مِنْ رِجْلَيهَا، حتَّى لا يستيقظَ رسولُ اللهِ ﷺ.
قالت: "فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ" ونامَ النَّاسُ معَهُ، في هذا المكانِ، "حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ" يعني: لعُمُومِ الجيشِ، أفراد كانَ معَهُم ماءٌ، مِنْهُم رّسول الله ﷺ، عندهم ماءٌ يتوضؤونَ مِنْهُ، لكنَّ عامَّةَ الجيشِ ما معَهُم شيء. "فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى آيَةَ التَّيَمُّمِ"، قالوا: أمَّا هوَ ﷺ فمِنَ المعلومِ في سيرتِه أنَّهُ لم يصلِّ منذ أن فُرضت إلَّا بوُضوءٍ، ما قد صلَّى بتيمُّمٍ. فأنزلَ اللهُ آيةَ التَّيمُّمِ؛ آيةُ المائدةِ، كما جزمَ البُخارِي، أن بعض العلماء قال: ما دليل أن آيةُ التَّيمُّمِ الَّتي في سورةِ النِّساءِ أم آية المائدة؟ أنَّ آيةَ المائدةِ تسمَّى أيضًا آيةَ الوُضوءِ، لكن أشار الإمامُ البخاريُّ أنَّها آيةُ المائدةِ بلا تردُّدٍ، حتَّى في تفسيرِ شرحِ صحيحِ البخاريِّ، فنزلتْ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ) [المائدة:6] جاء بها مِن أوَّلِها آية المائدة، لا آية سورةِ النساءِ: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) [النساء:43].
"فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ" الأنصاريُّ رضيَ الله تعالى عنه، -هذا صحابيٌّ جليلٌ من أعيانِ الأنصارِ- "مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أبِي بَكْرٍ." يعني: أبوبكرٍ نفسه وأهله وأتباعُه، كما قال تعالى: (..وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ..) [البقرة:248] هم موسى وهارون نفسهم تركوا الأمتعةَ هذه، والآثارُ هي لنفسِ موسى ونفسِ هارونَ (..مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ..). "مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أبِي بَكْرٍ." فالمقصودُ: هوَ، ويلحقُ بهِ أهلُه، وقرابتُه. فرخَّصَ اللهُ للمسلمينَ، فجعلُوا يتيمَّمُونَ، ويُصَلُّونَ.
ومعنى كلامِ سيِّدِنا أُسَيد أَنَّ بركاكتِكُم متوالية على الصحابة. وجاءَ في بعضِ الرِّواياتِ: "ما نزلَ بِك أمرٌ تكرهينَه، إلَّا جعلَ اللهُ لكِ وللمسلمينَ فيهِ خيرًا"، أو: "جعلَ اللهُ لكِ منه مخرجًا، وجعلَ فيهِ للمسلمينَ بركة". وحتَّى يُروى أنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ للسَّيِّدةِ عائشةَ: "ما أعظمَ بركةَ قلادتِك!" جاءَتْ رُخصَةٌ مِنَ اللهِ في التَّيمُّمِ للأمَّةِ في مختلَفِ الاحوالِ إلى يومِ القيامةِ، قال: "ما أعظمَ بركةَ قلادتِك".
وكانَ سيِّدُنا أُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ فيمَن بعثَهُم ﷺ لكي يلتمِسوا العِقدَ، ما وجدُوهُ، ثمَّ لمَّا بعثّوا الجَمَلَ في اليومِ الثاني، "قَالَتْ: فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ فَوَجَدْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ" وجدَهُ نفسُه أُسَيدٌ، حملَها وجاءَ بها، ولهذا الرِّوايةُ التي فيها: "فبعثَ رسول اللهِ رجلًا فوجدَها.." ماوجدَها وقتَ البحثِ، بل وجدَها ثاني يوم لمَّا بعثُوا لجَمَلَ، وجدَها هو نفسُه سيِّدُنا أُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ، كانَ على رأسِ مَنْ بعثَهُم لأجلِ التِماسِ العِقدِ، ماوجدُوهُ، ولمَّا جاءَ الصَّباحُ، حرّك الجمل، وجدَ العقد.. حملَه وجاءَ بهِ إليهِ. فاختصَرَ بعضُ الرِّواياتِ، جاءَتْ في البُخاريِّ: أنَّه بعَثَ رجلًا لأجلِ العِقدِ، فوجدَهُ، وجدَهُ ثاني يوم بعدما نزلتْ الآيةُ، فوجدَهُ تحتَ الجَمَلِ.
"وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَيَمَّمَ لِصَلاَةٍ حَضَرَتْ، ثُمَّ حَضَرَتْ صَلاَةٌ أُخْرَى، أَيَتَيَمَّمُ لَهَا، أَمْ يَكْفِيهِ تَيَمُّمُهُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: بَلْ يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلاَةٍ"؛
فإذا كانَ أداءُ الفرضَينِ في وقتَينِ بتيمُّمٍ واحدٍ ممنوعٌ؛ فمُنِعَ أداءِ الفرضَينِ أكثرَ مِنْ فرضِ بِتَيَمُّمٍ واحدٍ ممنوعٌ عندَ الإمامِ مالكٍ، وعندَ الإمامِ الشَّافعيِّ، والرِّوايةُ عندَ الإمامِ أحمدَ كذلكَ. والرِّوايةُ الثانيةّ عندَ الإمامَ أحمدَ، إنْ كانَ في وقتٍ واحدٍ مثلَ الجَمْعِ عندَهُ، وإلَّا فلا. فعِندَنا روايتَينِ.
فأداءُ الفرضَينِ أيضًا، ولو كانَ في وقتٍ واحدٍ ممنوعٌ أنْ يكونَ بِتَيَمُّمٍ واحدٍ، بَلْ لا بُدَّ مِنْ تَيمُّمَينِ، كما هو عندَ الإمامِ مالكٍ، وعندَ الإمامِ الشَّافعيِّ. والرِّوايةُ عندَ الإمامِ أحمدَ: إذا كانَ في وقتَينِ، لا بُدَّ مِنْ تَيمُّمَينِ، وإذا كانَ في وقتٍ واحدٍ، مُمكِنٌ. وعندَ الحنفيَّةِ مُبَاحٌ أنْ يكونَ بِتيمَّمٍ واحدٍ.
فسُئِلَ مالكٌ: "أَيَتَيَمَّمُ لَهَا" لصلاته الأخرى "أَمْ يَكْفِيهِ تَيَمُّمُهُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: بَلْ يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلاَةٍ" يعني: لكلِّ فريضةٍ على حِدَة، "لأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَبْتَغِيَ" يطلب "الْمَاءَ لِكُلِّ صَلاَةٍ، فَمَنِ ابْتَغَى الْمَاءَ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ." هذا هو قولُ الإمامِ مالكٍ، والشَّافعيِّ، والمشهورُ في الرِّوايةِ عنِ الإمامِ أحمدَ بنِ حنبلَ. وسيِّدِنا الإمامِ أبو حنيفةَ يقولُ: أنَّه يَصِحًّ التَّيمُّمُ، ولو قبلَ دخولِ الوقتِ؛ لأنَّها طهارة تُبيحُ الصَّلاةَ، ويمكنُ أنْ يصليَ بها أكثرَ مِنْ فرضٍ.
"وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَيَمَّمَ، أَيَؤُمُّ أَصْحَابَهُ وَهُمْ عَلَى وُضُوءٍ؟ قَالَ: يَؤُمُّهُمْ غَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَلَوْ أَمَّهُمْ هُوَ لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْساً." اقتداءُ المتوضِّئِ بالمتيمِّمِ يصحُّ.
إذًا، فيجوز اقتداءُ المُتوضِّئِ بالمُتيمِّمِ، كما هو أيضًا عندَ الحنفيَّةِ. خلافًا لمحمَّدٍ عندَهم منَ الحنفيَّةِ، خالفَ في ذلكَ وهو مذهبُ الإمام الشَّافعيِّ أيضًا، والإمامُ أحمدَ : أنَّهُ يجوزُ أنْ يقتديَ المتوضِّئُ بالمُتيمِّمِ، واشترطَ الشَّافعيُّ أنْ يكونَ المتيمّم ممَّنْ لا يلزَمُهُ القضاء.
بعدَ ذلكَ وأصلُ مسائلَ تتعلَّقُ بالتَّيمُّمِ تأتي معَنا مِنْ عندِ قولِه: "قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ تَيَمَّمَ حِينَ لَمْ يَجِدْ مَاءً.."، والله أعلم.
فقّهَنا اللهُ في دينِهِ، ورزقَنا حُسْنَ متابعةِ حبيبِه وأمينِه، وباركَ لنا بهِ في ليالينا، وأيَّامِنا، وبسطَ لنا بساطَ إكرامِه في جميعِ أحوالِنا، وتولَّانا بما تولَّى بهِ محبوبيهِ مِن أهلِ القُرْبِ إليهِ، ومِمَّن رضيَ عنهُم ورضُوا عنهُ في عافيةٍ وإلى حضرةِ النَّبيِّ ﷺ.
19 ذو الحِجّة 1441