شرح الموطأ -266- كتاب الفرائض: باب ميراث الإخوة للأم، وباب ميراث الإخوة للأب والأم، وباب ميراث الإخوة للأب

شرح الموطأ -266- باب مِيرَاثِ الإِخْوَةِ لِلأُمِّ، من قول الإمام مَالِكٌ: (الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا: أَنَّ الإِخْوَةَ لِلأُمِّ لاَ يَرِثُونَ مَعَ الْوَلَدِ شَيْئاً..)
للاستماع إلى الدرس

شرح فضيلة الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الفرائض، باب مِيرَاثِ الإِخْوَةِ لِلأُمِّ، وباب مِيرَاثِ الإِخْوَةِ لِلأَبِ وَالأُمِّ، وباب مِيرَاثِ الإِخْوَةِ لِلأَبِ.

فجر الأحد 26 صفر 1443هـ.

باب مِيرَاثِ الإِخْوَةِ لِلأُمِّ

1456- قَالَ مَالِكٌ: الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا: أَنَّ الإِخْوَةَ لِلأُمِّ لاَ يَرِثُونَ مَعَ الْوَلَدِ شَيْئاً، وَلاَ مَعَ وَلَدِ الأَبْنَاءِ -ذُكْرَاناً كَانُوا أَوْ إِنَاثاً- شَيْئاً وَلاَ يَرِثُونَ مَعَ الأَبِ، وَلاَ مَعَ الْجَدِّ أبِي الأَبِ شَيْئاً، وَأَنَّهُمْ يَرِثُونَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ، يُفْرَضُ لِلْوَاحِدِ مِنْهُمُ السُّدُسُ -ذَكَراً كَانَ أَوْ أُنْثَى- فَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ، فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَى، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ) [النساء:12] فَكَانَ الذَّكَرُ وَالأُنْثَى فِي هَذَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ.

باب مِيرَاثِ الإِخْوَةِ لِلأَبِ وَالأُمِّ

1457- قَالَ مَالِكٌ: الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا: أَنَّ الإِخْوَةَ لِلأَبِ وَالأُمِّ لاَ يَرِثُونَ مَعَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ شَيْئاً، وَلاَ مَعَ وَلَدِ الاِبْنِ الذَّكَرِ شَيْئاً، وَلاَ مَعَ الأَبِ دِنْيَا شَيْئاً، وَهُمْ يَرِثُونَ مَعَ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الأَبْنَاءِ، مَا لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى جَدًّا أَبَا أَبٍ، مَا فَضَلَ مِنَ الْمَالِ يَكُونُونُ فِيهِ عَصَبَةً، يُبْدَأُ بِمَنْ كَانَ لَهُ أَصْلُ فَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ، فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ، كَانَ لِلإِخْوَةِ لِلأَبِ وَالأُمِّ يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ، عَلَى كِتَابِ اللَّهِ -ذُكْرَاناً كَانُوا أَوْ إِنَاثاً- لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَي ْءٌ فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ.

قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى أَباً، وَلاَ جَدًّا أَبَا أَبٍ، وَلاَ وَلَداً، وَلاَ وَلَدَ ابْنٍ -ذَكَراً كَانَ أَوْ أُنْثَى- فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلأُخْتِ الْوَاحِدَةِ لِلأَبِ وَالأُمِّ النِّصْفُ، فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ مِنَ الأَخَوَاتِ لِلأَبِ وَالأُمِّ، فُرِضَ لَهُنَّ الثُّلُثَانِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ أَخٌ ذَكَرٌ، فَلاَ فَرِيضَةَ لأَحَدٍ مِنَ الأَخَوَاتِ، وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَيُبْدَأُ بِمَنْ شَرِكَهُمْ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ، فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ، فَمَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ، كَانَ بَيْنَ الإِخْوَةِ لِلأَبِ وَالأُمِّ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، إِلاَّ فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهَا شَيْءٌ، فَاشْتَرَكُوا فِيهَا مَعَ بَنِي الأُمِّ فِي ثُلُثِهِمْ، وَتِلْكَ الْفَرِيضَةُ هِيَ امْرَأَةٌ تُوُفِّيتْ، وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا، وَإِخْوَتَهَا لأُمِّهَا، وَإِخْوَتَهَا لأُمِّهَا وَأَبِيهَا، فَكَانَ لِزَوْجِهَا النِّصْفُ، وَلأُمِّهَا السُّدُسُ، وَلإِخْوَتِهَا لأُمِّهَا الثُّلُثُ، فَلَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ، فَيَشْتَرِكُ بَنُو الأَبِ وَالأُمِّ فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ، مَعَ بَنِي الأُمِّ فِي ثُلُثِهِمْ، فَيَكُونُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَى، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ إِخْوَةُ الْمُتَوَفَّى لأُمِّهِ، وَإِنَّمَا وَرِثُوا بِالأُمِّ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ) [النساء:12] فَلِذَلِكَ شُرِّكُوا فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ، لأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ إِخْوَةُ الْمُتَوَفَّى لأُمِّهِ.

باب مِيرَاثِ الإِخْوَةِ لِلأَبِ

1458- قَالَ مَالِكٌ: الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، أَنَّ مِيرَاثَ الإِخْوَةِ لِلأَبِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ أَحَدٌ مِنْ بَنِي الأَبِ وَالأُمِّ، كَمَنْزِلَةِ الإِخْوَةِ لِلأَبِ وَالأُمِّ سَوَاءٌ، ذَكَرُهُمْ كَذَكَرِهِمْ، وَأُنْثَاهُمْ كَأُنْثَاهُمْ، إِلاَّ أَنَّهُمْ لاَ يُشَرَّكُونَ مَعَ بَنِي الأُمِّ فِي الْفَرِيضَةِ، الَّتِي شَرَّكَهُمْ فِيهَا بَنُو الأَبِ وَالأُمِّ، لأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ وِلاَدَةِ الأُمِّ الَّتِي جَمَعَتْ أُولَئِكَ.

قَالَ مَالِكٌ: فَإِنِ اجْتَمَعَ الإِخْوَةُ لِلأَبِ وَالأُمِّ، وَالإِخْوَةُ لِلأَبِ، فَكَانَ فِي بَنِي الأَبِ وَالأُمِّ ذَكَرٌ، فَلاَ مِيرَاثَ لأَحَدٍ مِنْ بَنِي الأَبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَنُو الأَبِ وَالأُمِّ إِلاَّ امْرَأَةً وَاحِدَةً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الإِنَاثِ لاَ ذَكَرَ مَعَهُنَّ، فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلأُخْتِ الْوَاحِدَةِ لِلأَبِ وَالأُمِّ النِّصْفُ، وَيُفْرَضُ لِلأَخَوَاتِ لِلأَبِ السُّدُسُ تَتِمَّةَ الثُّلُثَيْنِ، فَإِنْ كَانَ مَعَ الأَخَوَاتِ لِلأَبِ ذَكَرٌ، فَلاَ فَرِيضَةَ لَهُنَّ، وَيُبْدَأُ بَأَهْلِ الْفَرَائِضِ الْمُسَمَّاةِ فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ كَانَ بَيْنَ الإِخْوَةِ لِلأَبِ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ، فَإِنْ كَانَ الإِخْوَاتُُ لِلأَبِ وَالأُمِّ امْرَأَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الإِنَاثِ، فُرِضَ لَهُنَّ الثُّلُثَانِ، وَلاَ مِيرَاثَ مَعَهُنَّ لِلأَخَوَاتِ لِلأَبِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ أَخٌ لأَبٍ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ أَخٌ لأَبٍ بُدِئَ بِمَنْ شَرَّكَهُمْ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ، فَأُعْطُوا فَرَائِضَهُمْ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ، كَانَ بَيْنَ الإِخْوَةِ لِلأَبِ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ، وَلِبَنِي الأُمِّ مَعَ بَنِي الأَبِ وَالأُمِّ، وَمَعَ بَنِي الأَبِ، لِلْوَاحِدِ السُّدُسُ، وَلِلاِثْنَيْنِ فَصَاعِداً الثُّلُثُ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَى، هُمْ فِيهِ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ.

 

نص الدرس مكتوب:

 

الحمد لله مُكْرِمِنا بشريعته، وبيانها على لسان خير بريّته سيِّدنا مُحمَّد عبد الله ورسوله وصفوته، صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آله الكرام وصحابته، وعلى أهل ولائه ومتابعته، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين المرتقين في الفضل أعلى ذروته، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم والملائكة المقربين، وعلى جميع عباد الله الصَّالحين وعلينا معهم وفيهم بفضله وكرمه ورحمته ومنّته.

وبعدُ،

فيذكر الإمام مالك في هذه الأبواب ميراث الإخوة والأخوات:

○ إما إخوة من الأم.

○ وإما إخوة أشقاء من الأب والأم.

○ وإما إخوة من الأب فقط.

وحكم ميراث كل واحد منهم ونصيبه مما قسّم الله -تبارك وتعالى- من تركة الأموات، وتولى بيان أكثر مسائلها في كتابه العزيز جلَّ جلاله وتعالى في عُلاه. 

فقال: "باب مِيرَاثِ الإِخْوَةِ لِلأُمِّ"؛ أي: من الأم، وكذلك "الإِخْوَةِ لِلأَبِ"؛ أي: من الأب، والشقيق سمِّي شقيقًا لأنه شارك في شقي النسب، فيكون أخًا من الأب ومن الأم معًا. فهؤلاء الإخوان من الأب والأشقاء يأتي فيهم التعصيب؛

  • إن كانوا ذكورًا 

  • أو إناثًا مع ذكور 

  • أو إناث مع فرعٍ وارث

 وإلا إن كنّ إناثًا خُلَّصًا فيدخلن في ذوي الفرض، الأخت الشقيقة والأخت لأب؛ كلًا منهما ترث النصف كما أشرنا سابقًا لكن بشروط.

أما الإخوة للأم، الإخوة من الأم، إخوان الميت من أمه لا من أبيه، كأن يكون لهم أب آخر ولكن أمهم هي نفس أم الميت فهؤلاء إخوة من الأم. هؤلاء ذَكَرهم وإناثهم من ذوي الفروض لا دخل لهم في العصبة، ليس فيهم معصِّب وإنما لهم فرض، إما السدس إن كان الأخ من الأم واحدًا أو الأخت من الأم واحدة. 

فإن كان الأخ من الأم واحد -سواءً كان ذكر أو أنثى- فالسدس، ففريضته السدس، فرضه السدس، وعليه حُمِلت الآية في قوله سبحانه وتعالى: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ) [النساء:12] أكثر من أخ أو أخت، إما أخ وأخت أو أب أو إخوان أو أختان فأكثر؛ فهم شركاء في الثلث (فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ). إذًا؛ الإخوان من الأم يكون لهم إما السدس للواحد منهم، وإما الثلث يشترك فيه مَن زاد على الواحد منهم، يشتركون فيه لقوله تعالى: (فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ).

هذا الفرض الذي للإخوة من الأم بشرط واحد أن لا يُحجبوا. مَن يحجبهم؟ 

يحجبهم إما:

  • أصل ذكر 

  • أو فرع وارث

إن كان عند الميت أصل ذكر؛ أب أو جد وإن علا… أو فرع وارث؛ إما ابن أو بنت أو بنت ابن أو ابن ابن، وإن سفل.. فهؤلاء فروعٌ ورثة. بخلاف إذا كان الميت عنده ابن بنت وعنده إخوة لأم، فإن الإخوة لأم يرثون. ولماذا؟ لأن ابن البنت فرع لكن غير وارث ما يضر. إنما يحجبهم أصل ذكر أو فرعٌ وارث. الفرع الوارث؛ الابن والبنت أو ابن الابن أو بنت الابن وإن سفل هؤلاء فرع وارث، فيحجبهم الفرع الوارث أو أصل ذكر؛ وهو: أب أو جد، فإن لم يكن عند الميت أب ولا جد ولا فرع وارث؛ فيرث الإخوة لأم، كم يرثون؟ إن كان واحد له السدس، وإن كان أكثر من واحد فلهم الثلث. وهذا الثلث يشتركون فيه لقول الله تعالى: (فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ). 

والشركة تقتضي الاستواء؛ أي: يستوي فيه ذكرهم وأنثاهم، فلو كان خلّف الميت أخ لأم وأخت لأم، أخ وأخت كلاهما لأم، ولم يحجبوا فيكون الثلث بينهم لكل واحد منهم السدس سواءً الذكر والأنثى سواء. وهنا يُخالف الإخوة من الأم بقية الورثة الإخوة الأشقاء، والإخوة من الأب، والبنين والبنات يخالفونهم أن أولئك يكون للذكر مثل حظ الأنثيين، أما الإخوة لأم فهم سواء ذَكَرَهم كأنثاهم لتعبير في الآية الكريمة بلفظ (شُرَكَاءُ)، (فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ). والشراكة تقتضي التسوية، فهم سواء ذَكَرَهم وأنثاهم؛ هذا في الإخوة لأم، الإخوة من الأم.

إذًا؛ الإخوان من الأم يرثون بشرط أن لا يُحجبوا؛ إما السدس وإما الثلث. 

  • السدس؛ إن كان الأخ لأم واحدة، والأخت لأم واحدة.

  •  والثلث؛ إن كانوا أكثر من واحد يشتركون فيه بالسوية، يقسم على عدد رؤوسهم، 

نأخذ الثلث إن كانوا إثنين نعطي كل واحد منهم نصف الثلث، وإن كانوا ثلاثة نعطي كل واحد منهم ثُلث في الثلث، إن كانوا أربعًا نعطي كل واحدًا منهم رُبُع في الثلث، وإن كانوا خمسة نعطي كل واحد منهم خُمُس في الثلث إن كانوا ستة نعطي كل واحد منهم سُدس في الثلث… يستوون فيه ذَكَرهم وأنثاهم، هذا حكم إرث الإخوان من الأم.

الشرط أن لا يُحجبوا. مَن يحجبهم؟ يحجبهم الأصل الذكر؛ الأب والجد وإن علا، والفرع الوارث، الفرع الوارث؛ الابن والبنت وابن الابن وبنت الابن وإن سفلوا؛ هذا الذي يحجبهم، لقوله تعالى: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً)؛ أي: لا أصل له ولا فرع؛ كلالة. (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ)؛ يعني: إن كان رجل وإن كان امرأة، (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ)، قال ابن مسعود: من الأم، وأجمعوا على ذلك أن المراد بالأخ والأخت هنا في الآية الإخوة من الأم؛ لا الأشقاء ولا من الأب، (وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) من الأخ والأخت (السُّدُسُ) إن خلَّف أخ من الأم أو أخت من الأم لكل واحد سدس، إن كان أخ له السدس وإن كان أخت لها السدس (فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ)؛ أكثر من أخ وأكثر من أخت، أخوين، أختين أو أخ وأخت وأكثر من ذلك (فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ۚ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ)  [النساء:12]. هذا حكم إرث الإخوان من الأم.

إذًا؛ لا يرثون مع وجود أب ولا جد، بخلاف وجود الأم. الأم ما تحجبهم، بل هم يحجبونها من الثلث إلى السدس، هم إخوان من الأم. فإن كانوا أكثر من واحد، والأم موجودة، خلَّف الميت أم، وإخوة لأم؛ فالأم يكون نصيبها السدس لا الثلث، لماذا؟ لأنه عدد من الإخوة موجودين، فهم حجبوها من الثلث إلى السدس وهي لا تحجبهم، الأم ما تحجب الإخوة من الأم لكن يحجبهم أصل ذكر الأب والجد وإن علا أو فرع وارث؛ أي أحد من الفروع الوارثين وهم الابن والبنت، وابن الابن وبنت الابن وهكذا، الابن وابنه وإن سفل، والبنت وبنت الابن وإن سفل، هؤلاء وارثين، فرع وارث.

فإن كان هناك فرع وارث؛ فلا شيء للإخوان من الأم سواءً كانوا ذكور أو إناث. وإن كان هناك أصل ذكر؛ لا شيء للإخوة من الأم، بخلاف جدة أو أم فإنهم يرثون معها. أما إن كان ذكر أب أو أب الأب؛ جد وإن علا فلا يرثون شيئًا الأخوة، جميع الإخوة؛ لا يرثون مع وجود الأب شيء، لا الإخوة لأم، ولا الإخوة لأب، ولا الإخوة الأشقاء إذا وُجد الأب، فلا إرث لأحد من الإخوة والأخوات، وعلى هذا جماهير أهل العلم.

وإن جاء في بعض الأقوال: أن السدس الذي حُجبَت عنه الأم بسببهم، إلى مَن يرجع؟ عندنا خلَّف أب وأم وإخوة من الأم، 

  • فالأم صار لها السدس بسبب وجود عدد من الإخوة السدس، والباقي لمَن؟ 

  • قال الجمهور: للأب كله، ولا شيء للإخوة من الأم لأن الأب موجود ومثله الجد. 

  • ولكن عند بعضهم: أن كمال الثلث، وهو السدس الثاني يرجع للإخوة لأم والثلثين للأب.

لكن جماهير أهل العلم قالوا: لا، كما عليه زيد بن ثابت وسيِّدنا علي وغيرهم، لا شيء للإخوة من الأم مع وجود الأب، بل كله يرجع إلى الأب. تأخذ الأم سدسها، والباقي يرجع إلى الأب، خمسة أسداس ترجع إلى الأب؛ على هذا جماهير أهل العلم. 

"قَالَ مَالِكٌ: الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا: أَنَّ الإِخْوَةَ لِلأُمِّ لاَ يَرِثُونَ مَعَ الْوَلَدِ شَيْئاً، وَلاَ مَعَ وَلَدِ الأَبْنَاءِ -ذُكْرَاناً كَانُوا أَوْ إِنَاثاً-" ابن أو بنت، ابن ابن أو بنت ابن ما يرثون شيء "وَلاَ يَرِثُونَ مَعَ الأَبِ، وَلاَ مَعَ الْجَدِّ أبِي الأَبِ شَيْئاً"، بخلاف مع الأم قلنا يرثون، ومع الجدة يرثون، "وَأَنَّهُمْ يَرِثُونَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ، يُفْرَضُ لِلْوَاحِدِ مِنْهُمُ السُّدُسُ" سواءً كان أخ أو أخت من الأم "-ذَكَراً كَانَ أَوْ أُنْثَى- فَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ"؛ أخوين أو أخ وأخت أو أختين "فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ"، للأخ السدس، والثاني له السدس الثاني، للأخ السدس، وللأخت لها السدس الثاني، للأخت السدس وللأخت الثانية إن كانوا أخ وأخت أو أخوين أو أختين.

"فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ"، يُفرض للواحد منهم السدس ذكرًا كان أو أنثى، إن كان أخ فقط له السدس، أخت فقط لها السدس، "فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ" كما دلّت الآية الكريمة "يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَى"، في الإخوة للأم "لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَى، فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ) [النساء:12]" ولهذا فسَّره عندك قال: "فَكَانَ الذَّكَرُ وَالأُنْثَى فِي هَذَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ". فقول بعض النُّسخ: "لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ" باطل وخطأ بل "لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَى" فليس الإرث هنا للذكر مثل حظ الأنثيين، بل الذكر والأنثى في النصيب هنا سواء، هذا حكم إرث الإخوة والأخوات من الأم.

ما حكم الإخوة الأشقاء؟

 إخوان الميت من شقّي نسبه من الأب والأم معًا، هذا الذي يذكر في حكم إرثهم، يقول: "الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا"؛ يعني: أهل العلم بالمدينة المنوَّرة، "أَنَّ الإِخْوَةَ لِلأَبِ وَالأُمِّ"؛ يعني: الإخوة الأشقّاء "لاَ يَرِثُونَ مَعَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ شَيْئاً"؛ يعني: إذا كان مع الميت ابن ذكر فلا شيء للإخوة، بل يكونون محجوبين بوجود الوارث الذكر؛ الفرع الذكر، "وَلاَ مَعَ وَلَدِ الاِبْنِ الذَّكَرِ شَيْئاً"؛ ابن ابن، "وَلاَ مَعَ الأَبِ دِنْيَا شَيْئاً"، ما معنى دِنيا؟ أي قُربًا؛ يعني مع الأب ليس جد، الأب دِنيا؛ يعني الأب مباشر للميت لأنه يطلق اسم الأب على الجد، وجد الجد يُقال آباء، يقول: "وَلاَ مَعَ الأَبِ دِنْيَا"؛ يعني: الأب الأدنى للميت؛ المباشر للميت، "وَلاَ مَعَ الأَبِ دِنْيَا شَيْئاً"؛ ما يرثون شيء، "وَهُمْ يَرِثُونَ مَعَ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الأَبْنَاءِ"، نعم ما أحد فيهم ذكر فيرثون، "مَا لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى جَدًّا أَبَا أَبٍ"، يرثون "مَا فَضَلَ مِنَ الْمَالِ"؛ أي: "يَكُونُونُ فِيهِ عَصَبَةً"، للذكر مثل حظ الأنثيين، "يُبْدَأُ بِمَنْ كَانَ لَهُ أَصْلُ فَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ، فَيُعْطَوْنَ" أصحاب الفرائض "فَرَائِضَهُمْ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ، كَانَ لِلإِخْوَةِ لِلأَبِ وَالأُمِّ" الأشقاء "يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ"، للذكر مثل حظ الأنثيين "عَلَى كِتَابِ اللَّهِ -ذُكْرَاناً كَانُوا أَوْ إِنَاثاً- لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَي ْءٌ فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ". كحال العَصَبة كلهم، العَصَبة إن لم يكن أحد من ذوي الفروض موجود، فلهم جميع التركة. وإن كان أحد من ذوي الفروض، نعطي أهل الفروض فروضهم، وما زاد فيرجع للعصبة، فإن لم يزد شيء فلا شيء للعصبة.

"قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى أَباً، وَلاَ جَدًّا أَبَا أَبٍ، وَلاَ وَلَداً، وَلاَ وَلَدَ ابْنٍ -ذَكَراً كَانَ أَوْ أُنْثَى- فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلأُخْتِ الْوَاحِدَةِ لِلأَبِ وَالأُمِّ"؛ يعني: الشقيقة، الأخت الواحدة "النِّصْفُ، فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ مِنَ الأَخَوَاتِ لِلأَبِ وَالأُمِّ"؛ يعني: الأخوات الشقيقات، "فُرِضَ لَهُنَّ الثُّلُثَانِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ أَخٌ ذَكَرٌ، فَلاَ فَرِيضَةَ لأَحَدٍ مِنَ الأَخَوَاتِ"، سواءً "وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ"، بل نُعطي أهل الفروض فروضهم، والباقي يصير عَصَبة بين الإخوة والأخوات. قال: "فَلاَ فَرِيضَةَ لأَحَدٍ مِنَ الأَخَوَاتِ، وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَيُبْدَأُ بِمَنْ شَرِكَهُمْ" من أصحاب الفرائض "بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ، فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ"، بعد الفرائض "فَمَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ، كَانَ بَيْنَ الإِخْوَةِ لِلأَبِ وَالأُمِّ"، يعني: الإخوة الأشقاء  "لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ". 

يقول الإمام مالك -عليه رحمة الله تبارك وتعالى-: "إِلاَّ فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهَا شَيْءٌ، فَاشْتَرَكُوا فِيهَا مَعَ بَنِي الأُمِّ فِي ثُلُثِهِمْ"، تسمى: المسألة المشتركة، "وَتِلْكَ الْفَرِيضَةُ هِيَ امْرَأَةٌ تُوُفِّيتْ، وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا" ما أحد عندها أولاد، تركت زوج وأم، وإخوة من الأم، وإخوة من الأب والأم، فالزوج له النصف؛ لأنه ما أحد لها ولد (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ) "فَكَانَ لِزَوْجِهَا النِّصْفُ، وَلأُمِّهَا السُّدُسُ، وَلإِخْوَتِهَا لأُمِّهَا الثُّلُثُ"، كمّلت التركة، والإخوة الأشقاء؟ لم يبقَ شيء؟ نعم، لم يبقَ شيء.. فيقولون هؤلاء إخوة من الأم ونحن أيضًا إخوة من الأم وزايد عليهم من الأب أيضًا، كيف تعطونهم وما تعطونا؟ فهذه من المسائل التي اجتهد فيها الصحابة، فجعلوا حينئذٍ الإخوة يشتركون؛ الأشقاء مع الإخوة لأم "فَيَشْتَرِكُ بَنُو الأَبِ وَالأُمِّ فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ، مَعَ بَنِي الأُمِّ فِي ثُلُثِهِمْ، فَيَكُونُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَى"،  كأنهم كلهم لأم "مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ إِخْوَةُ الْمُتَوَفَّى لأُمِّهِ، وَإِنَّمَا وَرِثُوا بِالأُمِّ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ) [النساء:12] فَلِذَلِكَ شُرِّكُوا فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ، لأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ إِخْوَةُ الْمُتَوَفَّى لأُمِّهِ". فكأنه كلهم إخوة لأم، ولا اعتبرنا للأشقاء زيادة، بل جعلناهم كإخوة لأم، وذلك أنه لمّا قضى بعض الصحابة فيها، أن الإخوة في هذه المسألة للأب والأم، للإخوة للأم الثلث، وقد ذهب نصفه للزوج، والسدس للأم، فقال: للزوج النصف، وللأم السدس، والثلث للإخوة لأم. فقالوا: الأشقاء ونحن؟ قالوا لا شيء لكم. قالوا: هب أن أبانا كان حمارًا أو هب أن أبانا كان حجرًا! فسمّيت المسألة الحجرية والمسألة الحمارية والمسألة المشتركة. المشتركة لأن الإخوة الأشقاء شركوا الإخوة لأم في فرضهم وهو الثلث، وصاروا كمثلهم للذكر مثل حظ الأنثى الواحدة سواء يقتسمونه بينهم بالسواء، هذه المسألة المشتركة. 

وإن يكن زوجٌ وأمٌ ورثا *** وإخوةٌ للأم حازوا الثلثا

وإخوةٌ أيضًا لأمٍّ وأب *** واستغرقوا المال بفرض النصب 

فاجعلهم كلهم لأمِّ *** واجعل أباهم حجرًا في اليمِّ

فقالوا: مثل ما هؤلاء إخوان للميت من أمه ونحن أيضًا إخوانه، أمنا وأمه واحدة، ونحن زائدين عليهم إخوان للميت من أمه ومن أبيه، وهؤلاء من أمه فقط، وتعطونهم ونحن نتفرّج! إذًا؛ فهذه المسألة المشتركة يشرك فيها الإخوة الأشقاء الإخوة لأم، إذا كان الميت ترك زوجًا وأم وإخوة أشقاء وإخوة لأم.

بخلاف إذا كان أخ لأم واحد، أو أخت لأم واحدة، نقول: للزوج النصف، وللأم السدس، ولهذا الأخ أو الأخت السدس، باقي سدس لكم أنتم أيها الإخوة أشقاء، خذوه اقتسموا السدس بينكم للذكر مثل حظ الأنثيين. أما إذا لم يبقَ شيء، بأن كان عدد من الإخوة أو الأخوات لأم، إذًا؛ فيشركونهم في هذه المسألة الإخوة الأشقاء ويصيرون كواحد منهم كأنه كلهم إخوة، 

فاجعلهم كلهم لأمِّ *** واجعل أباهم حجرًا في اليمِّ

ولمّا قال بعضهم: هب أن أبانا كان حمارًا؛ سُمّيت: الحمارية. وقال بعضهم: هب أن أبانا كان حجرًا ملقى في اليم؛ فسمّيت: حجرية. وسميت المشتركة، لدخول الإخوة الأشقاء على الإخوة لأم وشركتهم لهم في ثلثهم، هذا حكم الورثة الأشقاء؛ إرث الورثة الأشقاء.

بقي الورثة الإِخْوَةِ لِلأَبِ فقط، من الأب فقط. "قَالَ مَالِكٌ: الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، أَنَّ مِيرَاثَ الإِخْوَةِ لِلأَبِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ أَحَدٌ مِنْ بَنِي الأَبِ وَالأُمِّ"؛ يعني: من الأشقاء "كَمَنْزِلَةِ الإِخْوَةِ لِلأَبِ وَالأُمِّ سَوَاءٌ"، مثل الأشقاء؛ يعني: 

  • إن كان ذكر فهو عصبة، أو معه إناث فهو معهن عصبة أو هن معه عصبة. 

  • وإن كان أخ واحد، أخت واحدة فلها النصف. 

  • وإن كان أختين فأكثر، فلهما الثلثان. 

الإخوة لأب مثل الإخوة الأشقاء إذا لم يكن هناك إخوة أشقاء، إلا أنهم لا يُشرّكون مع بني الأم في الفريضة التي شرّكهم فيها بنو الأب والأم؛ لأنهم خرجوا من وراثة الأم التي جمعت أولئك؛ ما تأتي المسألة المشتركة، بأن ماتت وخلفت زوج، وخلّفت إخوة من الأم، وخلّفت أم، وخلفت إخوة من الأب، فنعطي:

  •  الزوج النصف 

  • والأم السدس 

  • والإخوة من الأم الثلث

والإخوة من الأب؟ ما بقي شيء.. كمّلت الفرائض. والأشقاء أعطيتموهم؟! الأشقاء شركوهم في الأم والثلث جاء من جهة الأم، وأنتم أمكم ثانية وأم المتوفاة ثانية، اذهبوا لا شيء لكم؛ لأنكم لستم مشاركينهم في الأخوة من الأم أبدًا، ولكن أنتم أمكم ثانية وأم المتوفاة ثانية، فنعطي الثلث للإخوة من الأم وليس للإخوة من الأب شيء. بخلاف إذا كانوا إخوة أشقاء قلنا مشتركة، أدخلوا معهم واقتسموا كما يقتسم أحدهم.

"قَالَ مَالِكٌ: فَإِنِ اجْتَمَعَ الإِخْوَةُ لِلأَبِ وَالأُمِّ، وَالإِخْوَةُ لِلأَبِ، فَكَانَ فِي بَنِي الأَبِ وَالأُمِّ ذَكَرٌ، فَلاَ مِيرَاثَ لأَحَدٍ مِنْ بَنِي الأَبِ"، إذا كان ذكر شقيق موجود فالإخوة لأب لا يرثون لا ذكور ولا إناث، "وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَنُو الأَبِ وَالأُمِّ إِلاَّ امْرَأَةً وَاحِدَةً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الإِنَاثِ لاَ ذَكَرَ مَعَهُنَّ، فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلأُخْتِ الْوَاحِدَةِ لِلأَبِ وَالأُمِّ النِّصْفُ"؛ يعني: الإخوة الشقيقة لها النصف، "وَيُفْرَضُ لِلأَخَوَاتِ لِلأَبِ السُّدُسُ تَتِمَّةَ الثُّلُثَيْنِ، فَإِنْ كَانَ مَعَ الأَخَوَاتِ لِلأَبِ ذَكَرٌ، فَلاَ فَرِيضَةَ لَهُنَّ، وَيُبْدَأُ بَأَهْلِ الْفَرَائِضِ الْمُسَمَّاةِ فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ كَانَ بَيْنَ الإِخْوَةِ لِلأَبِ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ، فَإِنْ كَانَ الإِخْوَاتُُ لِلأَبِ وَالأُمِّ امْرَأَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الإِنَاثِ، فُرِضَ لَهُنَّ الثُّلُثَانِ، وَلاَ مِيرَاثَ مَعَهُنَّ لِلأَخَوَاتِ لِلأَبِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ أَخٌ لأَبٍ"، فيعُصّبهن "فَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ أَخٌ لأَبٍ بُدِئَ بِمَنْ شَرَّكَهُمْ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ، فَأُعْطُوا فَرَائِضَهُمْ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ" بعد الفرائض، "كَانَ بَيْنَ الإِخْوَةِ لِلأَبِ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ، وَلِبَنِي الأُمِّ مَعَ بَنِي الأَبِ وَالأُمِّ، وَمَعَ بَنِي الأَبِ، لِلْوَاحِدِ السُّدُسُ، وَلِلاِثْنَيْنِ فَصَاعِداً الثُّلُثُ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَى"، بني الأم مع بني الأب والأم، ومع بني الأم للواحد السدس، "وَلِلاِثْنَيْنِ فَصَاعِداً الثُّلُثُ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَى، هُمْ فِيهِ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ" كما تقدَّم معنا، والله أعلم.

الله يرزقنا التوفيق والصلاح، والفوز والنجاح، والسعادة والأرباح، يدفع الآفات ويبلغنا الأمنيات، ويثبتنا بأكمل الثبات ويثبتنا في ديوان أهل العنايات والرعايات، ويصلِح شؤون المسلمين والمسلمات، والمنتقل إلى رحمة الله سعيد بن علي بن حامد بُكيّر، يغفر له ويرحمه ويتجاوز عنه والموتى في هذا اليوم خاصة، ووالدينا وذوي الحقوق علينا يجعل قبورهم روضة من رياض الجنَّة، وجعل لهم من عذابه وقاية وجنَّة، واجمعنا بهم في أعلى الجنَّة من غير سابقة عذاب ولا فتنة ولا حساب، يختم لنا أجمعين بأكمل حسنى، يغفر لوالدينا وموتانا وموتى المسلمين وإلى حضرة النبي محمد ﷺ.

 

تاريخ النشر الهجري

28 صفَر 1443

تاريخ النشر الميلادي

05 أكتوبر 2021

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام