(231)
(536)
(574)
(311)
شرح الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب صلاة الخوف، تتمة باب صلاة الخوف.
فجر الأربعاء 10 ربيع الثاني 1442هـ.
تتمة باب صَلاَةِ الْخَوْفِ
506 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ أبِي حَثْمَةَ حَدَّثَهُ: أَنَّ صَلاَةَ الْخَوْفِ، أَنْ يَقُومَ الإِمَامُ وَمَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَطَائِفَةٌ مُوَاجِهَةٌ الْعَدُوَّ، فَيَرْكَعُ الإِمَامُ رَكْعَةً، وَيَسْجُدُ بِالَّذِينَ مَعَهُ، ثُمَّ يَقُومُ، فَإِذَا اسْتَوَى قَائِما ثَبَتَ، وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمُ الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ، ثُمَّ يُسَلِّمُونَ وَيَنْصَرِفُونَ، وَالإِمَامُ قَائِمٌ، فَيَكُونُونَ وِجَاهَ الْعَدُوِّ، ثُمَّ يُقْبِلُ الآخَرُونَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا، فَيُكَبِّرُونَ وَرَاءَ الإِمَامِ، فَيَرْكَعُ بِهِمُ الرَّكْعَةَ وَيَسْجُدُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ، فَيَقُومُونَ فَيَرْكَعُونَ لأَنْفُسِهِمُ الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ، ثُمَّ يُسَلِّمُونَ.
507 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلاَةِ الْخَوْفِ قَال: يَتَقَدَّمُ الإِمَامُ وَطَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُصَلِّي بِهِمُ الإِمَامُ رَكْعَةً، وَتَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ لَمْ يُصَلُّوا، فَإِذَا صَلَّى الَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً، اسْتَأْخَرُوا مَكَانَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا وَلاَ يُسَلِّمُونَ، وَيَتَقَدَّمُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا، فَيُصَلُّونَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَنْصَرِفُ الإِمَامُ، وَقَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَتَقُومُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ فَيُصَلُّونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً رَكْعَةً، بَعْدَ أَنْ يَنْصَرِفَ الإِمَامُ، فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ قَدْ صَلَّوْا رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ خَوْفاً هُوَ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ، صَلَّوْا رِجَالاً قِيَاماً عَلَى أَقْدَامِهِمْ، أَوْ رُكْبَاناً مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ، أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا.
قَالَ مَالِكٌ: قَالَ نَافِعٌ: لاَ أَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ إِلاَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
508 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ قَالَ: مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَحَدِيثُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي صَلاَةِ الْخَوْفِ.
الحمد لله مُكرِمنا بشريعته العظيمة وأحكام دينه القويمة، وصلى الله وسلم وبارك وكرّم على الهادي إلى الطرق المستقيمة، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الذين ظفروا بقُربه ومحبّته ونُصرته بأعلى غنيمة، وعلى من تبعهم بإحسان ومضى على سبلهم قاصدًا وجه ربه سبحانه و تعالى، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين من لم تزل إفضالاتُ الحق عليهم تتوالى، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم والملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمته إنه أرحم الراحمين تبارك وتعالى.
وبعدُ،
فيواصل الإمام مالك -عليه رحمة الله- في الموطأ ذكر الأحاديث المتعلقة بصلاة الخوف يقول حدثني "عَنْ مالك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ أبِي حَثْمَةَ حَدَّثَهُ: أَنَّ صَلاَةَ الْخَوْفِ، أَنْ يَقُومَ الإِمَامُ وَمَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَطَائِفَةٌ مُوَاجِهَةٌ الْعَدُوَّ، فَيَرْكَعُ الإِمَامُ رَكْعَةً، وَيَسْجُدُ بِالَّذِينَ مَعَهُ"؛ وهذه أحد الكيفيات التي يكون فيها العدو في غير جهة القِبلة، فيتوجّه الإمام بالفرقة الأولى معه إلى جهة القِبلة ويصلون، ويصلّي بهم ركعة.
"فَيَرْكَعُ الإِمَامُ رَكْعَةً، وَيَسْجُدُ بِالَّذِينَ مَعَهُ، ثُمَّ يَقُومُ، فَإِذَا اسْتَوَى قَائِما ثَبَتَ،"؛ استَقَرَّ ودام مكانه بالقراءة إلى أن يُكْمِلْ هؤلاء ركعتهم، وتأتي الطائفة الأخرى فيدركون معه الركعة الثانية.
"ثَبَتَ، وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمُ الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ، ثُمَّ يُسَلِّمُونَ وَيَنْصَرِفُونَ، وَالإِمَامُ قَائِمٌ، فَيَكُونُونَ وِجَاهَ الْعَدُوِّ" وقد تقدم معنا بالضم والكسر وِجَاه و وُجَاه؛ بمعنى: اتجاه ومقابل العدو، "ثُمَّ يُقْبِلُ الآخَرُونَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا، فَيُكَبِّرُونَ وَرَاءَ الإِمَامِ، فَيَرْكَعُ بِهِمُ الرَّكْعَةَ وَيَسْجُدُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ، فَيَقُومُونَ فَيَرْكَعُونَ لأَنْفُسِهِمُ الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ، ثُمَّ يُسَلِّمُونَ." فصار الفرق بينه وبين الرواية السابقة:
وهذا يقولون أنه مُرْسَل في حكم المتصل أو المرفوع؛ لأنه كان لم يحضر سهل بن أبي حثمة فكان صغير السن، تُوُفِّيَ ﷺ وهو في ثمان سنوات، ولكن ذلك إنما يرويه عن أبيه أو غيره من الصحابة -رضي الله تبارك وتعالى عنهم-، فكان سهل هذا صغيرًا في زمنه ﷺ، وما ذُكِرَ عن المبايعة تحت الشجرة والشهود لمشاهد لبدر فهو لأبيه ليس له، أما هو فولد سنة ثلاث وتُوفِّيَ ﷺ وهو ابن ثمان سنوات.
ثم ذكر لنا حديث: "عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلاَةِ الْخَوْفِ قَال:َ يَتَقَدَّمُ الإِمَامُ وَطَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ،"؛ حيث لا يبلغهم سهام العدو، وفي هذا أيضًا أن العدو في غير جهة القِبلة "فَيُصَلِّي بِهِمُ الإِمَامُ رَكْعَةً، وَتَكُونُ طَائِفَةٌ -أخرى- مِنْهُمْ بَيْنَهُ" بين الإمام ومن معه "وَبَيْنَ الْعَدُوِّ لَمْ يُصَلُّوا" لاشتغالهم بالحراسة "فَإِذَا صَلَّى الَّذِينَ مَعَهُ" يعني: الإمام والطائفة الأولى "رَكْعَةً، اسْتَأْخَرُوا مَكَانَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا" وهذه كيفية قال بها الإمام أبو حنيفة؛ وفيها قطع الصلاة والخروج بعد الركعة ثم العَوْدُ لإتمام الصلاة.
قال: "اسْتَأْخَرُوا مَكَانَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا" يعني: مكان الطائفة الثانية، فيكونون في وجه العدو "وَلاَ يُسَلِّمُونَ،"؛ يعني: مستمرين في الصلاة لكن مشغولين بالحراسة للضرورة "وَيَتَقَدَّمُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا"، إلى الإمام "فَيُصَلُّونَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَنْصَرِفُ الإِمَامُ"، من صلاته؛ يعني يُسَلِّمْ "وَقَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَتَقُومُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ فَيُصَلُّونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً رَكْعَةً،" هؤلاء يُصلُّون ركعة وهؤلاء ركعة، وهذه كيفية غريبة؛ وفيها أنهم يجتمعون على الصلاة فمن يكون الحارس إذًا؟ وإنما هي صلاة خوف من أجل الحراسة تكون، فينفرد الإمام وحده وهؤلاء يشتغلون بأداء الركعة الثانية (الطائفتان معًا).
إلا أنه في صلاة الركعة ركعة لكل منهما يمكن أن يكون معًا في وقت واحد، ويمكن أن يكون على التعاقب، الطائفة الأولى يأتون ويكملون ركعتهم ثم تأتي الطائفة الثانية ويكملون ركعتهم؛ لأجل أن يتم الحراسة.
ثم ذكر مسألة التحام الحرب أو كان الخوف شديدًا بحيث لا يستطيعون أن يكملوا صلاتهم إلا وأسلحتهم معهم، قال: "فَإِنْ كَانَ خَوْفاً هُوَ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ،" بحيث لا يمكن معه الاصطفاف "صَلَّوْا رِجَالاً قِيَاماً"؛ يعني: على أرجلهم "عَلَى أَقْدَامِهِمْ، أَوْ رُكْبَاناً"؛ راكبين على خيولهم ونحوها، قيامًا: جمع قائم، قال: "رِجَالاً قِيَاماً عَلَى أَقْدَامِهِمْ، أَوْ رُكْبَاناً" جمع راكب، قال تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا…) [البقرة:239]، "مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ، أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا."؛
قال صاحب الزبد في ذكر هذه الحالة:
وفي التحام الحرب صلوا *** مهما أمكنهم ركبانًا أو بالإيماء
هكذا لمن طُلِبَ من عدوٍ فصار يهرب منه ويجري، فيصلي هذه الصلاة؛ صلاة شدة الخوف، صلاة المطلوب يُقال. ولكن اختلفوا في صلاة الطالب منهم الشافعي وأحمد. وقال مالك: يصلي راكبًا حيث توجّهت دابته إذا خاف فوت العدوِّ إنْ نزل، ففرقوا بين المطلوب والطالب؛
وهكذا يقول الحنابلة: إذا اشتد الخوف ولم يمكن تفريق القوم صفين ولا صلاتهم على وجه من الوجوه التي ذُكرت، وحضر وقت الصلاة لم تُؤَخَر وصلّوا رجالًا وركبانًا متوجّهين إلى القبلة ولغير القبلة، يُومِئُون بالركوع والسجود على طاقتهم. مثل حالة شدة الخوف هذا عند المسايفة كذلك؛ المقابلة بالسيوف؛ فللمصلي حينئذٍ الكَّر والفَر والطعن والضرب ولا تبطل بطوله هكذا، فإذًا عند الحنابلة يجوز الصلاة في شدة الخوف راكبًا وراجلًا، طالبًا ومطلوبًا.
وهكذا يقول الشافعية كما في شرح المنهاج: إن التحم القتال أو اشتدّ الخوف بلا التحام، بأن لم يأمنوا هجوم العدو، فيصلي كيف أمكن راكبًا وماشيًا، مستقبل القبلة وغير مستقبلها. يُعذَر في ترك القبلة لحاجة القتال كما بينَّا؛ إذا انحرف عنها لا لحاجة القتال وطال الفصل، لجموح دابَّة وغيرها وطال الفصل تبطل صلاته.
وهنا يُسَنُ الجماعة حرصًا على ثواب الجماعة وفضل الجماعة وأن لا يصلي المؤمن إلا جماعة حتى في التحام الحرب، فكيف يتساهل بالجماعة في الأمن و الطمأنينة والسكينة ولايبالي، فلا ينبغي أن يترك الجماعة حتى في وقت شدة الخوف في الحرب، ويصلون جماعة ولو كان الإمام وسطهم أو ورائهم. فيصلون جماعة وإن اختلفت جهاتهم مثل المأمومين حول الكعبة كلُ يستقبل الكعبة من جهة، وهؤلاء كلٌ يصلي من جهة لأجل الضرورة والحاجة.
ويُعذرون في الضربات المتوالية والرَكض والركوب لا في الصياح، ولا يكون ذلك لطالب عدوٍ ولا لمن خاف فوت الوقوف نحو عرفة؛ فهذا طالب يقولون لا هارب فلا يُعذر في ذلك.
وجاء في الشرح الكبير عند المالكية: إن لم يُمكن ترك القتال لكثرة العدو أخّروا الصلاة نَدبًا لآخر الوقت الاختياري، فإن انكشف وإلا صَلُّوا إيماءًا أفذاذًا؛ يعني: أفرادًا، ويكون السجود أخفض من الركوع، رُكبَانًا أو مشاة. وهكذا جاء في المدونة عند الإمام مالك -عليه رضوان الله تعالى- بسط الكلام في صلاة المسايفة وصرَّح بجوازها راكبًا وماشيًا وساعيًا ومُومِئًا، مستقبل القبلة وغير مستقبلها.
وهكذا يقول الحنفية: إن اشتد خوفهم وعجزوا عن النزول صلُّوا ركبانًا ولو مع السير مطلوبين، فالراكب لو طالبًا لا تجوز صلاته لعدم ضرورة الخوف في حقه، وصلُّوا فرادى إلا إذا كان رديفًا للإمام فيصحّ الاقتداء به، وصلُّوا بالإيماء إلى جهة قدرتهم، وفسدت بمشيٍ لغيرِ اصطفافٍ، ولا تصح عندهم صلاة الماشي والسائف فيُؤَخِر الصلاة؛ إنما هذا للركبان. وكذلك جاء عندهم في (كتاب البدائع) يقولون: لو صلَّى راكبًا والدابة سائرة فإن كان مطلوبًا فلا بأس به، لأن السير فعل الدابة حقيقة وإنَّما يضاف إليه من حيث المعنى، فإذا جاء العذرُ انقطعت الإضافة، بخلاف ما إذا صلى ماشيًا أو سابحًا بحيث لا يجوز، وإن كان الراكب طالبًا فلا يجوز. فإذًا:
"قَالَ مَالِكٌ: قَالَ نَافِعٌ: لاَ أَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ إِلاَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ." لا أرى؛ أي: لا أظن أنه حدَّث هذا الحديث إلا عن رسول الله ﷺ، أي عن شيء من الوقائع التي كانت في سيرته وحياته عليه الصلاة والسلام.
"عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ قَالَ: مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ" يوم غزوة الخندق تسمى غزوة الأحزاب، وكانت في سنة خمسٍ من الهجرة، وجاء في البخاري أنها في سنة أربع. "حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ." فهذا الحديث يدل على أن الفائت صلاتان؛ الظهر والعصر. وفي حديث آخر أنهم شغلوه عن الظهر والعصر والمغرب، وصلوا بعد هُوِيٍّ من الليل. وجاء في رواية عند الترمذي والنسائي: أنهم شغلوه عن أربع صلوات يوم الخندق، حتى ذهب من الليل ما شاء الله. وقال الحافظ: في قول "أربع" تَجَوُّزْ؛ لأن العشاء لم تفت، ولكن حملوا على فوات وقته المعهود؛ لأنه أخّرها عن الوقت الذي يعهد الصلاة فيه.
يقول: "قَالَ مَالِكٌ: وَحَدِيثُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي صَلاَةِ الْخَوْفِ"؛ وهو الذي رجع إليه مالك كما تقدم معنا، فرجّح كيفية أن يُسَلِّم الإمام، وتقوم الطائفة الثانية فيكملون ركعتهم بعد سلام الإمام، والله أعلم.
رزقنا الله الاقتداء والائتمام بخير الأنام، وتولّانا به في كل إقدام وإحجام، ودَفَع عنا الآفات ورقّانا عَلِيِّ المقامات، وأصلح الظواهر والخفيّات في ألطاف وعافيات، ودفعٍ للآفات عنّا وعن المؤمنين والمؤمنات بِسِرّ الفاتحة وإلى حضرة النبي محمد ﷺ.
10 ربيع الثاني 1442