شرح الحِكَم العطائيَّة لباراس - 125- من قوله: (لا تُدْهِشْكَ وَارِدَاتُ النِّعَمِ عَنِ القِيَامِ بِحُقُوقِ شُكْرِكَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَحُطُّ مِنْ وُجُودِ قَدْرِكَ)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ لكتاب شرح الحِكم العطائية للشيخ علي بن عبدالله با راس رحمه الله تعالى، ضمن فعاليات الدورة التعليمية الثلاثين بدار المصطفى بتريم، عصر يوم الإثنين: 23 محرم 1446هـ، من قوله:
(لا تُدْهِشْكَ وَارِدَاتُ النِّعَمِ عَنِ القِيَامِ بِحُقُوقِ شُكْرِكَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَحُطُّ مِنْ وُجُودِ قَدْرِكَ ).
نص الدرس المكتوب:
"والشكر من أجل النعم من الله على عبده أنه أعطاه ونسب إليه، فما أعظم فضله و أوسع بره وبذله، لذلك قال المؤلف -رضي الله عنه-:
200- لَا تُدْهِشْكَ وَارِدَاتُ النِّعَمِ عَنِ الْقِيَامِ بِحُقُوقِ شُكْرِكَ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَحُطُّ مِنْ وُجُودِ قَدْرِكَ.
لا تدهشك وتعجزك كثرة الآلاء وترادف النعماء فترى نفسك عاجزة عن شكرها والقيام بحقوقها، فإن الله -سبحانه وله الحمد- قد رفع مقدار عبده وأهله لكل فضيلة، وجعل له إلى كل مقام وسيلة، فهي -وإن قلت في لفظها- فَنسبتها إليه لا يوازنها كثير العطاء، فالحمد لله بالله لا يقوم له عديل، ناهيك أن جميع ما في الجنة ما لا يقدر أحد على أن يصف أقل قليل منها، ولا تماثله الدنيا بما فيها، وجعل آخر قول سكانها بعد ما من به عليهم (أنِ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ) [يونس:10]،
فكل نعمة وإن جلت.. فالحمد أجل، وكل علم وعمل وحال فبالإضافة إلى حمده أقل، و(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ) [النمل:59].
وورد في بعض الأحاديث القدسية: "خلقتُ الخلقَ ليربَحوا علَيَّ" فنعمة الحمد وتيسير العمل أعظم من النعمة الذي جعلته بإزائها وهكذا، فشكر الورى قاصر عن بلوغ المنعم المفضل، فما نشكر على نعمة إلا ويحتاج شكرها إلى شكر أبلغ منه".
الحمد لله المنعم علينا بعجائب النعم التي لا يحاط بها ولا تحصر بفمٍ ولا بقلم. لا إله إلا هو أرسل إلينا حَبِيبَهُ الأعظم وحَبِيبَهُ الأكرم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وعلى من اتبعهم بإحسانٍ على أقوم قدم، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، وآلهم وأصحابهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين، وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم وجعلنا من الشاكرين الذاكرين.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك؛ "والشكر من أجل النعم من الله على عبده":
-
أن يوفقك لشكره.
-
أن يقدرك على شكره.
-
أن يحرك قلبك بشكره.
-
وأن يحرك لسَانك بشكره -جل جلاله-.
هذه عطايا منه سبحانه وتعالى، (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) [سبأ:13]، يقول الحق جل جلاله وتعالى في علاه، "فما أعظم فضله وأوسع بره".
قال: "لَا تُدْهِشْكَ وَارِدَاتُ النِّعَمِ عَنِ الْقِيَامِ بِحُقُوقِ شُكْرِكَ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَحُطُّ مِنْ وُجُودِ قَدْرِكَ" فمهما عظمت النعم وهي عظيمة؛ فلا ترى أنك بصورة الاعتراف بالعجز عن الشكر لست أهلا للشكر أو تَفْتُر عن الشكر أو تقصر في الشكر، فإنك بذلك تستصغر نعمة عظيمة أنعم بها عليك وهو توفيقك لشكره، وقبوله الشكر منك ورضي بالحمد شكرًا له من خلقه، وجعل قولك الحمد لله إذا خرجت من قلبك فَثوابها عنده يملأ الميزان، والميزان أوسع مما بين السماء والأرض.
"والْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ المِيزانَ" قال الرسول ﷺ؛ فإذًا لا تقصر في الشكر، وهو من عظيم النعم ولا يأخذك الإدهاش بكثرة النعم عن القيام بهذا الواجب وبهذا الحق؛ فإنه عظيمٌ عند الله تبارك وتعالى وجعل الله له رتبة كبيرة.
-
(فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) [الجاثية:36-37].
-
(وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ) [سبأ:1].
-
و(لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَىٰ وَالْآخِرَةِۖ..) [القصص:70].
لا إله إلا هو
فاحمد ربك كثيرا وأشكره واستشعر عظيم مِنَتِه، ولا تعجز عن الشُكْرِ فإن به الزيادة، فمهما عظمة النعم فالحمد نعمه أجل ونعمة أعظم فاحمده.
ولا تقصر بكثرة النعم عن النعمة الكبرى، تحجب نفسك وتقطعها عن نعمة أكبر وهي حمد الله الأكبر -جل جلاله وتعالى في علاه-، ولما علم عجز جميع عباده من أهل الأرض والسماء عن حقيقة حمده حَمِدَ نفسه -سبحانه وتعالى- وفتح لهم المجال ورضي بما قدروا عليه، وبما أقدرهم عليه ووفقهم له. ولذا قال الإمام زين العابدين: "الحمد للذي حمد في الكتاب نفسه، واَستفتح بالحمد كتابه، واستخلص الحمد لنفسه، وجعل الحمد دليلاً عليه" فلا تقصر فيه، تدهشك كثرة النعم احمد واشكر؛ فإنها من أعظم النعم كيف تقطعك نعمه عن نعمة كبيرة أعطاك إياها ومنَّ بها عليك؟
وجعل الحمد الذي أطعته ورضي بالحمد شكراً له من خلقه، فلله الحمد بما حمد به نفسه، وبما حمده به نبيه محمد، وبما حمده أنبيائه عليهم السلام، ولما كانت رتبة الحمد من أعلى الرتب التي يقيم الله فيها عباده من أهل الأرض والسماء؛ جعل لواء الحمد بيد سيدنا محمد، "وبيدي لِواءُ الحمدِ ولا فخرَ ، وما مِن نبيٍّ يَومئذٍ آدمَ فمَن سِواهُ إلَّا تحتَ لِوائي.." ويسجد لله في المقام المحمود، فيحمد الله بمحامد ما صدرت من أحد قبله من أهل الأرض ولا من أهل السماء، حتى هو أيام كان في الدنيا قال: "لا أعلمها الآن"، يلهمني الله إياها في ذاك الموقف العظيم، قربنا الله منه.
فعلينا بكثرة الحمد وبحسن التهجد فَالبتهجد وكثرة الحمد تقرب من صاحب المقام المحمود، (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا) [الإسراء:79]،.
قال: و(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ۗ..) [النمل:59]، وقال: "خلقتُ الخلقَ ليربَحوا علَيَّ" فنعمة الحمد وتيسير العمل أعظم من النعمة الذي جعلته بإزائها وهكذا، فشكر الورى قاصر عن بلوغ المنعم المفضل، فما نشكر على نعمة إلا ويحتاج شكرها إلى شكر أبلغ منه".
كما سمعت في قول النبي داود: كيف أشكرك يا رب؟ (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًاۚ..) [سبأ:13]، كلما شكرتك وجدت شكري إياك نعمة جديدة منك تحتاج إلى شكر فكيف أشكرك؟ قال: إذا علمت ذلك فقد شكرتني، خلاص اعترف بهذا العجز واَمتلئ بعظمة إحساني وامتناني وإفضالي عليك، وأنك عاجز عن أن تقوم بشكره خلاص تولع واكتفيت منك بذلك.
تولع بحمده بما تستطيع *** وكلها نعم من المعطي البديع
-جل جلاله-
ورضي الله عنه وعنكم إلى أن قال:
"وقصارى ذلك: أن ترى عجزك عن القيام بشكره، وترى ما بك من نعمة منه، وتشهد لطيف نعمه على ممر أنفاسك، وسواء كنت في حالة ملائمة ظاهره أو في حالة بلية، فالنعمة فيها باطنة تشهدها القلوب، وتظهر من وراء سجاف الغيوب، فشكر من فتح الله عين قلبه عليها أعظم من شكر ما ظهر.
ومن زعم أن ليس ثم إلا الصبر.. فذلك لحجابه عن النظر بالقلب في لطف الحبيب، وما يجريه من التَعرفات لخواص عباده، وما يصرف عنهم به مما هو أشد منه، فالشكر على النعم الباطنة غير منكور عند أرباب القلوب السليمة والأسرار المستقيمة، فالحمد يجمع أصناف المحامد، فما ثناء أبلغ منه، وإن بلغت النعم ما بلغت.. فما يصل مقدارها إلى شأو الحمد لله؛ لأنه حمد به نفسه في كتابه، وجعله مبتدأ الكتاب وخاتمة خطاب الأحباب عند كشف الحجاب، فأي نعمة توازنه؟! وأي منّة تعادله؟!
فلا تجهل قدرك؛ فقد جعلك خليفته في حمده كي تجمع لك الفضائل، وتبسط لك المنن والمواهب، ولي في ذلك:
لا يدهشك عن مقام الشكر ما وردت *** عليك من واردات الفضل والمنن
فليس يعدل سر الحمد وإن عظمت *** فالحمد في نعمة المولى هو الثمن"
كما أشرنا، فالله يعلق قلوبنا بحمده وشكره ويجري حمده على ألسنتنا كثيرا، وكنا لأجل تأثير التربية الحسنة من قبل أهل العلم والعارفين في مثل البلدة هذه، كنا نشهد رجالها.. نسائها.. صغارها.. وكبارها.. وعوامهم فضلًا عن خَواصهم ما يخلو كلامهم عن الحمد، ولا أحوالهم عن الحمد وفي الديار وخارج الديار وفي الشوارع وفي الأسواق، وإذا سألت أي واحد عن أي حاجة -على أي حال كان- يقول لك: الحمد لله، وإذا سألت المريض المتعب الذي يبيت ما يقدر ينام طول الليل، كيف حالك؟ يقول له: الحمد، الحمد لله على كل حال يستحق الحمد ربنا.
هكذا كان الناس يقولون قلوبهم مستشعرة بِإفضاله، ويعرفونه بسبب تربية الرجال لهم، هذا الآن جابوا لنا مناظر وبرامج ما تربي، إلا تسقط الناس في مشاعرهم، تسقط الناس في أحاسيسهم، تقطع الناس في صلتهم بربهم، ذهبت عنهم تربية الصالحين وتربية العارفين، فالله يحول أحوال المسلمين إلى حال جميل، وإلى أحسن الأحوال إنه أكرم الأكرمين، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
ورضي الله عنه وعنكم إلى أن قال:
"هذا عند فراغ القلب عَن الأغيار، وصحته عن آلام الآثار، وأما إذا مرض القلب واَعترته أمراض الهوى.. فَربما ينعكس الأمر، فيسْتحلي ما يستمرّه أرباب الصحة، فيجد لتمكن ألم القلب لمرض الهوى حلاوة؛ كما قال المؤلف رضي الله عنه:
201- تَمَكُّنُ حَلاَوَةِ الهَوَى مِنَ القَلْبِ.. هُوَ الدَّاءُ العُضَالُ
تمكن حلاوة الهوى هو اِستحكامه حتى لا يبقى لداعية الإيمان بقية، ولا لحكم البيان مزية، وعند التمكن يسْتحليه ويتحكم له.
والهوى: هو كل ما جاء من دواعي النفس على خلاف الأمر، واتباع الشهوة على حكم الطبع، فإذا رسخ في القلب واتسع داؤه فيه.. فربما لا يجد لدوائه متسعا، وداؤه هو ما سيذكره المؤلف رحمه الله بإثْر هذه الحكمة.
والداء المعضل: هو الذي لم يجد إلى دوائه سبيلا، فَيعيي الحكيم في استنباط حيلة إخراجه عنه؛ لشدة تَلبثه وغلبة تحكمه، ولي في ذلك:
إذا تمكن في قلب المريد *** فما تغنيه حيلة ذي الطب ولا حكم
ذاك الهوى من قلوب السالكين كما *** لا ينفع الطب [إن] يستحكم الألم
ومن حكمة الله وجاري سنته: أنه ما خلق داء إلا وخلق له دواء، ولا داء أضر ولا أشد على الإنسان من داء الهوى؛ لأنه به مبتدأ كل شر دنيا وأخرى:
فكم من صريع من حسام هوائه *** وكم من نعيم زلزلتها يد الأَهوا
وبه يكون هلاك روح المرء، وخسرانه في آخرته، وفوات غنائمه، ولكن أرجى ما يداوي به علته، ويبري به من وخيم محنته شيئان؛ وهو ما قاله المؤلف -رضي الله عنه- حيث قال:
202- لَا يُخْرِجُ الشَّهْوَةَ مِنَ الْقَلْبِ .. إِلَّا خَوْفٌ مُزْعِجٌ ، أَوْ شَوْقٌ مُقْلِقٌ
أكرمنا الله بالخشية منه والخوف المقلق المزعج عن مواطن الغفلات، وبالشوق القوي المقلق حتى لا يقر لنا قرار إلا برضوانه والقرب منه، اللهم أمين.
يقول: مصيبة "تَمَكُّنُ حَلاَوَةِ الهَوَى مِنَ القَلْبِ.. هُوَ الدَّاءُ العُضَالُ"
خطير مزمن؛ لأن الهوى قبيح وخسيس ونتن وعفن ومر، فإذا تحول حالي معناه مرضك في الطبيعة كلها وانقلاب في الحال كله، بعض الأطفال يَأَلَف يأكل طين يحب الطين، طين ماهي مأكول ولا فيه طعم سوي! لكنه في ذلك بالعكس حتى إذا أُترك ربما أكل الوسخ الذي يخرج منه، ولو تُرك لاَستحلاه وما هو بحالي هو قبيح.
وهكذا الهوى أقبح من هذا وأخس منه؛ كيف يستحلى؟ هذا داء هذا مرض خطير جدًا لا هو كما كورونا ولا كما كورونا، أشد من هذه الأمراض كلها أخطار ولا كما السرطان أشد من السرطان؛ لأنه يفسد العقل يفسد الذوق يفسد الوجدان؛ يفسد الميزان في عقل الإنسان، خلاص ما عاد يكون عنده ميزان يستحلي الهوى.
فَكَمْ وَكَمْ ضَلَّ بِالأَهْوَا وَطَاعَتِهَا *** مِنْ عَاقِلِ جَامِعِ لِلعِلْمِ وَالعَمَلِ
عاقل عنده علم وعمل، جاء الهوى أفسد عليه، كان يقول:
لو أن بحرًا من علم لخَمجته قطرة من الهوى؛ تخمِّجُه قطرة من الهوى؛ تخمج بحر كامل من العلم الهوى، دواعي الشر في باطن الإنسان المتعلقة بالشهوات وما كره الشارع منه، فهذا الداء هو هواء الإنسان، قوى الشر التي في باطن الإنسان التي تدعوه إلى ما نهى الله عنه، هذا هو الهوى إذا استحكم على الإنسان ماعاد يُشوف شئ.
إِنَّ الْهَوٰى مَا توَلَّى يُصْمِ أَوْ يَصِمِ
-
إما يَصِمِ: يوقعك في العار؛ تكون وصمة عليك.
-
أو يُصْمِ: يقتل، يقتلك نهائياً، يبيع الدين كله والعياذُ بالله تعالى.
يُصْمِ يقتل أو يَصِمِ يوقعك في الوصمة وفي العار
إِنَّ الْهَوٰى مَا توَلَّى يُصْمِ أَوْ يَصِمِ
وخالفِ النفسَّ والشيطانَ واعصهما *** وإنْ هُما مَحَّضاكَ النُّصحَ فاتهمِ
وَلا تُطِعْ منهما خَصْماً وَلا حَكمَاً *** فأنْتَ تَعْرِفُ كيْدَ الخَصْمِ والحَكـمِ
كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّةٍ لِلْمَرءِ قاتِلَةً *** من حيثُ لم يدرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ
إِنَّ الْهَوَى مَا تَوَلَّى يُصْمِ أَوْ يَصِمِ
ما تتركه يتحكم عليك إذا تحكم عليك هوى النفس انتهيت، ذهب عقلك وعلمك ولا عاد تنفع بشيء إذا تحكم عليك هوى النفس.
فاصرف هواها وحاذر أن تولّيه *** إنّ الهوى ما تولّى يصم أو يصم
بِيقتلك نهائياً وإلا يخليك مُعَيَب بالعار، يُصْمِ؛ يوقعك في وصمات العار والعيب، فالله يكفينا شر الهوى، ويجعل هوانا تبعاً لما جاء به الهادي للسّواء، الذي قال: "لا يُؤمِنُ أحدُكُم حتَّى يكونَ هواهُ تَبَعًا لما جئتُ بهِ" صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
أكرمنا اللهم بذلك واسلك بنا أشرف المسالك، واكفنا دواعي الشر والهوى، وفر حَظنا من الإقتداء والاهتداء والمودة والمنن، ويَتولانا في السر ويَتولانا في العلن، ويصلح لنا ما ظهر ويصلح لنا ما بطن، ويربطنا بحبيبه المؤتمن، ويضمنا في سِلْكِهِ ويحمينا في فُلْكِهِ، ويحملنا في فُلْكِه ويجعلنا من خواص أهل المستقيمين على أهل الاستقامة على منهاجه، من خواص المستقيمين على منهاجه والراقين بِمعراجه، ويصلح شؤون أمته أجمعين.
ويغفر للمنتقل إلى رحمة الله ويتقبل منه جميع حسناته، ويتجاوز عن جميع سيئاته، ويبدل جميع سيئاته إلى حسنات، ويتحمل عنا وعنه جميع التبعات، أن الله يخلفه عنا بخير خلف في أهل باده وفينا وفي المسلمين، يرفع درجاته ويجعل مستقر روحه في الفردوس الأعلى، وأن الله يبارك في طلابه ومن انتفع به، وأولاده ويسير بهم خير مسار، وأن الله يقينا من جميع الشرور والأشرار، ويحمينا من الأضرار، ويتم نعمته علينا ويزيدنا من فضله ما هو أهله ويعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، ويُقيمنا مقام الحمد والشكر في كل سر وفي كل جهر، ويرعانا حيثما كنا وأينما كنا بما هو أهله حسًا ومعنى.
بسر الفاتحة
إلى حضرة النبي محمد، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه
الفاتحه
08 صفَر 1446