(228)
(536)
(574)
(311)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ لكتاب شرح الحِكم العطائية للشيخ علي بن عبدالله باراس رحمه الله تعالى، ضمن فعاليات الدورة التعليمية الثلاثين بدار المصطفى بتريم ، عصر يوم الأحد: 24 ذو الحجة 1445هـ، من قوله:
(الفاقةُ: بُسُطُ المواهب )
" فالفاقة من المريد إلى سيده أنجح ما يحصل عندها حصول الفتوحات الوهبية؛ لذلك قال المؤلف رضي الله عنه: الْفَاقَة بُسُطُ الْمَوَاهِبِ، الفاقة إلى الله وإلى ما منه نعت العباد و الزهاد والعارفين الأفراد، ففاقة العارفين إلى الله دون شيءٕ آخر لذلك لا تزايلهم الفاقة والاضطرار.
والفاقة إلى ما منه من الفضل والامتنان نعتُ المريدين الصادقين، وأما غيرهم ففاقته موقوفةٌ عند حظه العاجل وغالبا يكون ناظرا إلى الأغيار حتى رآها تجري على أيديهم، ويقارن وجودها وجود موجود آخر؛ فلقصرِ النظر وطمس البصيرة والبصر عميَ عن الغير، واستغنى عن المؤثر بالأثر.
والفاقة: بُسط المواهب على أرض الفاقة والاضطرار تنزل أمطار الأنوار من سماوات الأسرار على ينابيع القلوب فتثير أنوار العلوم وتجري عيون الفهوم، فتعمر أصلاد النفوس، فتصبح الأرض نفسانية مخضرة بما وصل إليها من الألطاف ونالها من الإسعاف، (فَانظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ ..) [الروم: 50]
ولي في ذلك:
بساط السر مواهب إن نظرت كذا ** في فاقة العبد إلى إحسان مولاه
فذاك أنجح ما يرجى لديه إذا ** حققته كنت ممن صح رجواه
فإذا علمت أن الفاقة بُسط المواهب وهي مِنْ لازِمِك… فما لك ورؤيةَ الاستغناء وتعاطي الكلفة والعناء؟! فكل من تحققَ بافتقاره، وحسن تعلقه وانتظاره… فهو حريٌ بأن يعطى أوفى حسابه، وابتغاء جزائه ألا يستقصي عليه، وتصرف عنه أواصف مصادر القضاء"، لذلك قال المؤلف -رضي الله عنه-:
يقول الشيخ عليه رحمة الله:
"بُسط المواهب"؛ أي بها تبسط أنواع المنن و الفضائل والمحاسن والإكرامات من بارئ الأرضين والسماوات، تُبسط لأهل الفاقات المنكسرة قلوبهم من أجله -جل جلاله وتعالى في علاه-.
فأنجح ما يحصل من نُزول الفتوحات عند وجود هذه الفاقات، فإذا وجدت فتحصل الفتوحات الموهوبة من حضرة الوهاب، وينكشف الحجاب ويتوالى العطاء بغير حساب.
"فالفاقة إلى الله وإلى ما منه نعتُ العباد الزهاد والعارفين الأفراد، ففاقة العارفين إلى الله دون شيء آخر،ً؛ لذلك لا تزايلهم الفاقة والاضطرار"؛ يقول سيدنا الحداد:
أنا عبدٌ صار فخري *** ضمن فقري واضطراري
"الفاقة إلى ما منه من الفضل والامتنان نعت المريدين الصادقين"، ويرتقي نعتُ العباد العارفين إلى الافتقار إليه سبحانه وتعالى.
قال:
كلهم مضطرون إليه؛ فلا وجود لهم إلا به، ولا سمع ولا بصر ولا طعم ولا طعام ولا ذوق ولا حس ولا نطق ولا تنفس إلا بقدرته، وإرادته وتدبيره -سبحانه وتعالى- وخلقه وإيجاده فهم في غاية الاضطرار، ولكن الذي يعقل ذلك ويذوقه الأصفياء، القليلون من هذه البرية، أكثرهم مع افتقارهم إلى الله- تبارك وتعالى- مغترون بما آتاهم وبما أجرى على من حواليهم من الخلق مثلهم وينقطعون بذلك عن شهوده وعن الأدب معه وعن قصد وجهه وعن العمل بشريعته -جل جلاله-.
قال: "الفاقة بسط المواهب على أرض الفاقة" والاضطرار والأرض الفاقة والاضطرار: أرض الفاقة هي القلب، قال: "تنزل أمطار الأنوار من سماوات الأسرار على ينابيع القلوب"؛ لأن القلب محل الافتقار، محل الاضطرار محل الفاقة إلى خَلّاقه -جل جلاله- "فتفيض أنهار العلوم وتجري عيون الفهوم فتعمر أصلاد النفوس" -أي أملسها- فتعود مخضرة. ويقول: (فَانظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا) [الروم:50]، (وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً) -مجرد ملساء ما فيه شيء- (فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) [الحج:5] -جل الله-.
فالله يكرمنا بنصيب من هذه المواهب ويرزقنا صدق الافتقار والاضطرار والفاقة إليه في كل سرًّ واجهار في كل الأحوال والأطوار -اللهم آمين-.
لذلك قال المؤلف- رضي الله عنه-:
"إن أردت ورود المواهب عليك صحح الفقر والفاقة لديك؛ (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ) [التوبة:60]، إن أردت أيها المتعرض لمواهب الله و المتعطش إلى ورود منن الله فنفحات الله جارية لا تنقطع ومواهبه متواصلة لا تمتنع، وما بقي ثم إلا عدم التأهل لها والميلِ عن جادة سبيلها، فإن أحسنت ما هنا فهي عليك واردة ومنك دانية؛ وتصحيح ذلك أن تتحقَّ به وتراه لازمً لك ويكون عندك حالًا ونعتًا وصفة، لا ترى لك من وصف الغنى شيئًا وإن نلتَ كل شيء.
والفقر مقام شريف من مقامات الرجال، وهو عندهم من أشرف الخصال وأرفع الخلال، ولم يتحقَّق بكليَّته إلا منْ استكمل في مقام القرب حاله وثبت نور الإيقان في صميم مركزه وشرحه، وعلامة من هو حالته وكيفية طريق الصوفية، وتفاوت درجاتهم وتبايُن أحوالهم إلى فاضل وأفضل … مما يطول ويخرج عن غرض الشرح.
والفقير أسود الوجه أبدا والفاقة من لازمه ووصف من صفاته بل ركنه الأعظم، وهي أثره على ظاهر العبد؛ وبها يستبين على من ظهرت عليه (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ..) الواردات، والمنح الواصلات، والرحمات النازلات للفقراء إليها، والمتعرِّضين لسبيلها، "إنَّ لله في أيام دهركم نفَحات"، فكونوا لها متعرِّضين.
واستشهادُه على الصدقات الحقيَّة، والمِنَن الوهبية، بهذه الصدقات المفترضة المالية.. مما يُنبِّهُ لأولي الألباب ويوقف أهل الاستبصار على شرف الإفتقار، ولطف الملك الجبَّار بأهل الاضطرار؛ وذلك شاهدٌ ظاهرٌ وحقٌ سافرٌ لكل مستبصر ناظر.
وصفة الافتقار ما سيذكره الآن بأثر هذه من الأوصاف الخلقية والتعلُّق بالصفات الحقية، ولي في ذلك:
إذا أردت ورود الوَهَب والمِنَن** عليك صحِّح إليه الفقر واعتبر
فيما افترضه إله الخلق رازقهم** في المال فاعبر إلى مقصودنا النضر".
هكذا يقول: " إِنْ أَرَدْتَ وُرُودَ الْمَوَاهِبِ عَلَيْكَ.. صَحِّحِ الْفَقْرَ وَالْفَاقَةَ لَدَيْكَ" ؛ فإن الله يقول:(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ) [التوبة:60] ، فاعتبر أنه جعل هذه الصدقات المفروضات من الزكوات والمندوبات مصرفها الفقراء والمساكين؛ (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) [التوبة:60]، فمن لم يكن الفقراء والمساكين لم يصح له افتقار، فلا يصح أن يُعطَى شيئا من هذه الموهوبات المالية، وكذلك العطايا الربانية والمنح الرحمانية والفيوضات القدوسية لأهل الافتقار، من كان فقير مسكين يُعطَى ومن لم يفتقر لها ورأى نفسه مستغني فما يعطى من ذلك شئ ولا ينال من ذلك شئ.
كما لا يجوز أن يعطى من ليس فقيرًا شيئا من المال؛ فلا يعطى من ليس مفتقرًا القلب إلى الله شيئًا من المقام العالي وأسرار الكمال، ما يعطاه إلا المفتقرون وإلا المساكين المضطرون؛ فهم الذين يعطون من ذلك، حتى قالوا: إن لا يدوم السقي إلا بدوام الظماء، من ظمي سقي، من لا يشعر بالظمأ يسقونه ماذا؟! ماله نصيب من السقي حتى يشعر بأنه ظامي، فإذا ظمي سقي، وإذا دام الظمى دام السقي، وإذا شهد أنَّه روي إنقطع عنه السقي؛ ولذا كلما شرب العارفون من كأس المحبة والمعرفة ازدادوا ظَمَأً لما وراءه، فهم يشربون فيزدادون بالشرب ظَمَأً إلى ما فوقه، فيسقون مما فوقه.
وهكذا "إن أردت ورود المواهب عليك .. صحح الفقر والفاقة لديك؛ … فنفحات الله جارية لا تنقطع، ومواهبه متواصلة لا تمتنع، وما بقي ثمَّ إلا عدم التأهل لها والميل للإنحراف عن جادة سبيلها، فإذا أحسنت ما عليك، فهي عليك واردة ومنك قريبة دانية،…" -بماذا؟- أن تتحقَّ بالافتقار وتراه من لوازمك؛ (أنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ) [فاطر:15] ، فالفقر وصف لازم حتمي لك في كل أحوالك وفي كل شؤونك -الله أكبر، لا إله إلا الله-.
قال: "ويكون عندك حالًا ونعتًا وصفة، لا ترى لك من وصف الغنى شيئًا وإن نلت كل شيء" ؛ فأنت مفتقر إلى معطي كل شيء، رب كل شيء، خالق كل شيء.
اللهم يا رب كل شيء بقدرتك على كل شيء وإحاطة علمك في كل شيء اغفر لنا كل شيء وأصلح لنا كل شيء ولا تسألنا عن شيء ولا تعذبنا على شيء، وهب لنا الخير الواسع منك في كل شيء.
قال: "والفقر مقام شريف من مقامات الرجال"، لما كتبَ بعضهم من الفقير إلى الله إلى بعض الشيوخ المربين..، فكتبَ إليه، تدعي مقام الفقر وتقول: من الفقير إلى الله؟ أما تدري أن نهاية الفقيه -الفقيه بالهاء- نهاية الفقيه هي بداية الفقير، فهل قد وصلت إلى هذه الرتبة؟ وتحققت بالافتقار حتى تقول من الفقير إلى الله؟ اذهب وصحح مقام الافتقار، ثم قل من الفقير إلى الله؟ لا إله إلا الله، فما تقول من الفقير إلى الله؟ وأنت مغتر بعقلكم، مغتر بعلمكم، مغتر بقوتكم، أين الفقر هذا؟! أنت فقير إليه، الفقير إليه من يعلم أنه لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لا إله إلا الله.
يقول: "وهو عندهم من أشرف الخصال الفقر وأرفع الخلال، ولم يتحقَّق بكليَّته إلا من استكمل في مقام القُرب حاله، وثبت نور الإيقان في صميم مركزه وشرحه، وعلامة من هو حالته وكيفية طريق الصوفية"، وكيف في طرق أهل التصوف ودرجاتهم فيها قال: "مما يطول يخرج عن غرض الشرح"؛ فقدامك التذوق والتحقق لتعرف وتدرك.
قال: فالفاقة من لوازم الفقير وهكذا تعطى المواهب لمن كان أشد افتقارا..
إذا أردت ورود الوهب والمنن *** عليك صحيح إليه الفقر واعتبر
فيما افترضه إله الخلق رازقهم في *** المال فاعبر إلى مقصُـودها النظــــــرِ
أنك إنْ افتقرت تُصُدِقَ عليك ووهبت.
بسم الله الرحمن الرحيم
ورضي الله عنكم، وقال رضي الله عنه:
"فإذا تحققت بوصفك كنت عبدا أديبًا ومن حَضرتِه قريبًا، لذلك قال المؤلف رضي الله عنه:
" تَحَقَّق بِأَوْصَافِكَ .. يُمِدُّكَ بِأَوْصَافِِهِ، تَحَقَّقْ بِذُلِّكَ.. يُمِدُّكَ بِعِزِّتِه، تَحَقَّق بِعَجْزِكَ.. يُمِدُّكَ بِقُدْرَتِهِ، تَحَقَّق بِضَعْفِكَ.. يُمِدُّكَ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ.
(تحقق بأوصافك) بإنْ تعلم ما أنت عليه من الاضطرار إليه.. (يمدك بأوصافه) بأن يجعل لك بدل كل وصفٍ تكون فيه عنك فانيًا وصفًا من أوصافه تكون به متعلقا، وكذا كل اسم من أسمائه تعالى تكون به متخلقًا ما عدا اسم ألوهيته، فلا تكن به إلا متعلقا.
ثم فسّر أوصافك التي طلب منك أن تكون بها متحققا، وبها متخلقا، التي من بعضها الضعف ، والذلة ، والفقر ، والعز، فكلما تحققت بأوصاف من أوصافك.. مدَّك بوصف من صفاته العلية، التي هي مستودع مواهبه السنية، فقال:
(تَحَقَّقْ بِذُلِّكَ.. يُمِدُّكَ بِعِزِّتِه،..) التي أعزَّ الله بها عباده المؤمنين.
(تَحَقَّق بِعَجْزِكَ.. يُمِدُّكَ بِقُدْرَتِهِ) التي بها برزت الأعيان، وانبرأت صور الأكوان.
(تَحَقَّق بِضَعْفِكَ.. يُمِدُّكَ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ) التي لم يبال بسوءٍ مَنْ كانت له، ولم تَعْدُ الأسواءعلى من انتصبت له.
فكل من كان كذلك طريحًا مسكينًا لم يُرَ له من دون سيده ناصرًا، ولا لضعفه معينًا إلا إياه.. كان له بالعون والنصرة والمدد والعزة قمينًا.
فنادِهِ بلسان عبوديتك، وعدم حولك وقوتك، وبُلبس أثواب ذِلَتك، واَطّرح في تراب أرض مسكنتك .. يكون لك بربوبيته متوليًا، وبأسرار محبَّته متدَليًا.
ولي في ذلك:
إن التحقق بالأوصاف *** في البشر يُنلك الرتبة العلياء والأملِ
يمدك الله من أوصافه فكذا *** يكون كل أديب صالح العمل
فضعف عبد مع فقر وذلته *** وعجزه سلم التحقيق فانتقل
عن وصف عبد مهين الأصل مفتقر *** إلى جمـال الصفـــَـات الساميـــَات تل
والتحقق بهذه الصفات لا يكون إلا لعبد مخطوب، وحظي موهوب، يكون متحليا باطنًا بالإيمان، وظاهرًا بالإتيان بالعمل على وفق الأمر؛ لذلك قال المؤلف رضي الله عنه: …".
يقول: "تحقق بأوصافك يمدك بأوصافه"، كما أنت كنت عدم محض. فأمدك -سبحانه وتعالى- من سر وجوده فأوجدك، كذلك بعد هذا الوجود أنتَ وصفك الضعف، ووصفك العجز، ووصفك النقص، ووصفك الغفلة، ووصفك النسيان، ووصفك الجسور؛ هذا أوصاف ذاتية فيك، تحقق بها، وعندما تتحقق بها يمدك -سبحانه وتعالى- من سر أوصافه ما به تتعلق.
ثم إن في أسمائه - سبحانه وتعالى - وصفاته ما يكون في مقابل للعبد تَخَلُقْ بمعنى يليق بالعبد من هذه الصفات الإلهية مثل: الرحمة ، ومثل الحنان ، والعطف ، ومثل الإكرام، والإحسان، ومثل العطاء، ومثل الستر، وما إلى ذلك؛ ولكن اسمه الحق تعالى للألوهية ما يمكن لشيء من الكائنات أن يتخلق بشيء منها ؛ بل يكون ذلك عين الكفر، والشرك ، والطرد.
وإنما يكون مهمة الكائنات التعلق بألوهية الإله الحق -جل جلاله-؛ لذا إذا قرأت في أسمائه تعالى:
لكن أنت لك في عالم الخلق تَخلُق بما يسمى الرحمة ، مسمى الرحمة في العالم الخلقي تستطيع أن تقوم به بمقدار، فإذا قمت بذلك أمدك تعالى من سر رحمانيته ، ورحيميته بما لا يوصف، ولا يُكيف، ولا يُعد ولا يُحد.
وهكذا تسري تخلقاتك في مثل: "الملك"،
هذا ملك هذا، وصفك أنت يمدك من ملكه العظيم -جل جلاله- بِأن يؤتيك من أنواع الفضل والنعيم إلى أن تنتهي إلى الملك الكبير في الجنة.
وكذلك "القدوس": هو القدوس بكل المعاني . أنت إذا تقدست عما لا يليق بالعبد مع سيده من الأوصاف الدنيئة أمدك من سر قدوسيته -جل جلاله- بعجائب ، وغرائب تعلُو بها ، وترقى، وهكذا بقيت الأسماء.
ثم من صفاتك اللازمة الفقر:
وهكذا أنت من صفاتك الذل - ذليل - وجسدك هذا الذي تمشي به وتظهر به أمام الناس، كنت نطفة وعلقة ، نسيت هذا كله.
قدرة عجيبة طليقة؛ لأنك تحققت بعجزك، لو ما تحققت بعجزك ما يمدك بهذا يقودك إلى النار، عجز فوق عجز.
قم الآن هل تريد تشرب مُهْل غساق حميم؟ يشوي الوجوه ويقطع الأمعاء، هل تريد تخرج؟ ممنوع الخروج، ما تحققت بعجزك في الدنيا حتى يمدك بقدرته -سبحانه وتعالى-
فهكذا ناده بلسان عبوديتك وعدم حولك وقوتك، والبس أثواب ذلتك، واطّرح في تراب أرض مسكنتك؛ يكون لك متوليًا بربوبيته فيفيض عليك الأمر العظيم.
الله يوفقنا للانكسار، وللافتقار، والاضطرار، ويصلح لنا السر والاجهار، إنّه أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين، ويصلح شؤونا، والأمة أجمعين.
بسر الفاتحة وإلى حضرة النبي محمد ﷺ
الفاتحة
24 ذو الحِجّة 1445