(228)
(536)
(574)
(311)
تفسير فضيلة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ للآيات الكريمة من سورة الكهف:
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) }
مساء الإثنين 1 صفر الخير 1446 هـ
الحمد لله مُكرمنا بالوحي والتنزيل، على لسان عبده المصطفى للتكريم والتبجيل، خير هادٍ ومعلم ودليل، اللهم أدم صلواتك على المختار سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، وأهل حضرة اقترابه مِن أحبابه، وعلى مَن والاه فيك واقتدى به، وعلى آبائه وإخوانه مِن الأنبياء والمرسلين، وآلهم وصحبهم وتابعيهم وملائكتك المقربين، وعلى جميع عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أما بعد؛
فإننا في تأمل كلام ربنا -جلَّ جلاله- قد انتهينا في أواخر سورة الكهف إلى ما ذكر الرحمن مِن قصة موسى والخضر -عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام-، ثم إنَّ الحق -تبارك وتعالى- بعد أن ذكر هذه الرحلة في العِلم، ذكر رحلة في الجهاد لذي القرنين، فكانت رحلة موسى لأجل العلم، وكان ذي القرنين يرحل في الأرض مجاهدًا في سبيل الله -جلَّ جلاله- وقدَّم العلم على الجهاد لفضل العلم ولمكانته.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: "ليودَّنَّ رجال قُتلوا في سبيل الله شهداء أن يبعثهم الله علماء لما يرون مِن مكانتهم عند الله" -جلَّ جلاله- وتعالى في علاه.
يقول سبحانه وتعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ (83)) يعني يسألك قومٌ مِن اليهود وجماعة مِن قريش -بتعليم اليهود لهم- يسألونك عن مَلِكٍ مضى في الأرض.
(وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ (83))، ولِمَ سُمي بذي القرنين؟ في ذلك أقوال:
فقيل أنه سُمي بذلك، لأنه بلغ قرْني المغرب والمشرق.
وقيل سُمي بذي القرنين، لأنه كان له ظفيرتان.
وقيل سمي بذي القرنين، لأنه كان لتاجهِ قرنان، وقيل غير ذلك.
وقيل سمي بذي القرنين لأنَّه أهلك في زمنه قرنان: القرن الأول والقرن الثاني، فهو ذو القرنين.
(وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ (83)) قال الله لحبيبه ﷺ (قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا (83)) سأقرأ عليكم خبرًا عنه كافيًا لكم وشافيًا حاملًا للمقصود والعبرة بما أوحى الله إليّ وعلمني.
(وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا (83)) فبيّنَ الحق تبارك وتعالى ما خصّ الله به ذلك المَلِك الصالح -ذو القرنين- وهذا أصحُّ الأقوال: ما بين قول أنه نبيٌ أو ملَكٌ، أو ملِك، فهو ملِكٌ صالح، جاء في الحديث أنه قال ﷺ عنه: نصح الله فناصحه.
(إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ (84)) يقول الله: (إِنَّا مَكَّنَّا) بعظمتنا وجلالنا (مَكَّنَّا لَهُ) لذي القرنين في الأرض (مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ (84)) بلّغناهُ مسلوكها وسخّرنا له ملوكها، فنُصِر وذُلِّل له كلُ ملَك وبلغ منها أطرافها، فكانت مِن أكبر الرحلات لبني آدم على ظهر الأرض، فوصل إلى أماكن لم يصل إليها فردٌ مِن الناس قبله ولا بعده (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ (84)) يسّرنا له مسلوكها وذلّلنا له ملوكها.
(إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ (84)) أعطيناهُ ووهبناهُ (مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا) أي آتيناه في أمر دورانه في الأرض وسيْرهِ في سُبلها ما يحتاج إلى ذلك وما يعينه على الوصول إليه، آتيْناهُ مِن كل شيْءٍ يحتاج إليه في القيام بهذه المهمة مِن السير على الأرض، والدعوة إلى رب الأرض والسماء -جلَّ جلاله-، ونشْر الهدى والخير والجهاد في سبيل الله.
(إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ (84)) أي يحتاج إليه في مجاله وسبيله ومقاصده التي رسمناها له، وشرعنا له أن يقصدها ويقوم بها (سَبَبًا) أي حبلًا موصلًا، أي تهيئة وتسخيرًا توصله إلى المقصود (فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85)) أي بذل الجهد، لما سخّرنا له الأسباب، لم يركن إلى الكسل ولا إلى التأخر، ولا إلى التراخي، ولكن (فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85))، بذل الوسع، والجهد كله في الوصول إلى الغرض واستعمال ما سُخِّر له مِن الأسباب، وهكذا واجب المؤمن، وفي قراءةٍ (فَأُتْبِعَ سَبَبًا (85))، يسرنا له بعد السبب سبب، وبعد السبب سبب حتى يصل، وهكذا مَن قام باستعمال الأسباب في مرضاة رب الأرباب أضاف الله له إلى السبب سببًا آخر حتى يبلغ إلى مقامٍ فاخر (فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85)).
إذًا فهو مؤتى مِننًا مِن الله ونِعمًا قام بحق شكرها، وأوتي السبب (فَأتْبَعَ)، أي استعمل ذلك السبب وقام بجهده وهمته ونشاطه في الحسن الاستعمالي للسبب للبلوغ إلى الأرَب.
وهكذا في عموم هذا المعنى قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) [العنكبوت:69] مَن سبّبنا وكل إنسان منّا سبّب الله له أن يجاهد، ويجتهد، ويْصدق، ويقهر نفسه ويزكيها ويقودها بالحق إلى الحق، فمن قام بذلك (فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85)) ويُتبِع سببا ويصل (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت:69].
(إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85))، والتمكين في الأرض على مراتب ودرجات ويختص كلٌّ بخصوصيات؛ مِن أعلى ما يكون مِن التمكين على ظهر الأرض: أن يُمكَّن الإنسان على ظهر الأرض مِن حيازة فوائد الحياة الكبرى وهي التي أسبابها وأبوابها عبادة رب الأرض والسماء والقيام بِحقها، وأن يُسخّر الله له في ذلك أمنًا وطمانينة وسكينة، فهذا مِن أعظم معاني التمكين في الأرض، وإليه الإشارة بقوله تبارك وتعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) [النور:55].
فمراتب التمكين المختلفة والتي حاز ذو القرنين منها خصائص، فهو مُمكَّن بالإيمان، وبالعمل الصالح، وبالدعوة إلى الرحمن، وبالجهاد في سبيل الله، وبتذليل الملوك له، وتسخير الأسباب في شرق الأرض وغربها، فذهب إلى أقصى المغرب، وعاد إلى أقصى المشرق، وتوجَّه نحو الجبلين الَّذين أقام بينهما السد، وبلغ أطراف الأرض ووسطها وجوانبها، فمُكِّن تمكينًا -عليه السلام-، كذلك التمكين الذي يُجعَل للمؤمن.
ثم إنَّ التمكين المعنوي، يتعلق بكل وصف مِن الأوصاف، فكل وصف حسن يكون لصاحبه به اتصاف، إما يكون على ضعف، أو يكون على قوة وتمكين، وعلى مراتب في التمكين؛ فالصبر، أو الزهد، أو التوكل، أو الرضاء، أو الشكر، أو الخوف مِن الله، أو الرجاء، وكل مقامات اليقين والأوصاف الصالحة يتصف بها المؤمن، فإما يكون على ضعف وعلى اهتزاز، وإما على قوة، وأعلى شيء أن يكون ممكَّنًا فيها، فصاحب التمكين يثْبت، ولا يتلوّن، ولا يتزعزع.
وبعض المؤمنين يُمكّن في بعض مقامات اليقين، وقليل منهم يمكَّن في جميع مقامات اليقين، فالله يُوفِّر حظنا مِن اليقين ويرزقنا كمال التمكين.
يقول: (مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85))، ومِن ذلك ما قام به مِن الرحلة والتوجه إلى أقصى المغرب (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ (86)) البقعة التي يتراءى للعيون فيها غروب الشمس وانتهاؤها، وآخر ما يوصل إليه مِن حدود المغرب (إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ (86)) أي وجدها في جهة الغروب، عين ماء حمئة، بمعنى مخلوطة بالتراب لها اسوِداد في عينٍ حمِئة، كما يرى الرائي الذي استقبل جهة الغرب بحرًا، فيرى وقت غروب الشمس في البقعة التي هو فيها، أنَّ الشمس غربت في البحر فهو بنظر عينه، وهو يوقن أنها ليست وسط البحر؛ ولكن منتهى امتداد بصره يمتدُّ إلى أنَّ الشمس غاصت في البحر، وهذا معنى (تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) أي تنتهي الأنظار إليها مِن هذه الجهة الغربية وكأنها غابت في العين الحمئة، وإنما دارت الأرض حتى وصلت إلى هذا الحد.
(وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا (86)) وهؤلاء القوم لهم لسان غير لسان بقية الناس في الأرض، فيصعب فهمهم لكلام الناس، كما يصعب فهم الناس لكلامهم.
قال سبحانه وتعالى: وجدنا قومًا (قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ (86)) هؤلاء الذين وجدْتهم في المغرب (وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86)) وفي هذا خطاب مِن الحق لذي القرنين، وهو محل استدلال لمَن قال إنه نبي- وعلى القول الأصح أنه ملَك، فإنّ هذا مما يحصل إما بواسطة الملَك، أو بواسطة نبي آخر يكلمه، أو بواسطة الإلهام وهو الوحي الذي قال الله تعالى له عن أم موسى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي) [القصص:7] إلى آخر ما ذكر.
(قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86))، إما أن تعذب هؤلاء القوم بكفرهم وخروجهم عن الإيمان (وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86)) تعاملهم بإحسان، فقال: يا رب ما علمتني مِن المنهج أعمل عليه، (قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ (87)) بعد أن نبلغه دعوتك وندعوه إليك ونطلب منه الإيمان بك، أما فيكفر ويأبى ويرفض فنقول له: إذن دعْ شرَّك، ودع ضرَّك، فيأبى إلاَّ أن يعاند ويصد عن سبيله (فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ) بهذا الظلم، دُعي فلم يُجِب، وبُيّن له الأمر فأصرَّ، ويُسِّر له السبيل فاستكبر، فطُلب منه أن يكفّ شرّه، فعاند، فهو ظالم يستحقّ القتال.
ولذا قال: (أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ (87))؛ ولكن مهما عذبناه بظلمه هذا وهو الذي رفض الدعوة إلى الحق والإيمان بالإله الخالق -جلَّ جلاله- ولم يكتفِ بالرفض والإباء حتى عاند، وأصرَّ على الصد عن سبيل الله، فمهما عذبناه فإنما غاية ما نُعذبه به القتل.
ولكن له وراء ذلك عذاب أشد (فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ (87)) بالموت والحشر في القيامة (ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا (87)) بالإشارة إلى أن كل ما يتعرّض له الناس مِن التعذيب على ظهر الأرض لا يساوي عذاب الآخرة، ولا يساوي شيئا مِن عذاب الآخرة؛ فلهذا قال الله عن ذِكر القيامة (فَيَوْمَئِذٍ لّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ) [الفجر:25-26]، فنسأل الله أن يجيرنا مِن العذاب في الآخرة وفي الدنيا، إنَّه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
قال: (فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ (87)) ولكن مهما عذبناه فسوف يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا؛ فظيعًا، شديدًا، أليمًا، مُهينا عظيما، فهذا عذاب الآخرة لا يُطاق، كل التعذيب في الدنيا بالكهرباء وبغير الكهرباء وبتحميل المشاق وبالتقطيع، يسير عند عذاب الآخرة، عذاب الآخرة أألمْ، أشد ألمًا، وأشد مرارة وأعظم قسوة، اللهم أجرنا من العذاب.
قال: (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ (88))، استجاب لدعوة الله وآمن بخالقه الذي خلقه، وحقق الإيمان بالعمل الصالح، ترجم عن صحة الإيمان بالعمل الصالح (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءٌ الْحُسْنَى (88)) وفي القراءة (فَلَهُ جَزَاءُ الْحُسْنَى) أي نقابلهم بالإحسان والرفق مِنَّا وحُسن الخُلق.
(وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)) بأمْر بصلاة، وأمْر بزكاة، وأمْر بما فرض الله وشرع لهم، ونهي عما حرَّم الله عليه (وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا(88))، (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة:185]، والدين كله يسرٌ، يعني ما هناك مجالٌ للوصول إلى الخير أجمل وأبرك من هذا الدين والالتزام به، فما مخالفته إلاَّ تعجيل عذابٍ قبل العذاب الأكبر، وتقديم شدةٍ قبل الشدة الأعظم -والعياذ بالله تعالى-، وهكذا يصل مُتبعي الشهوات والمخالفون لأمر ربِّ البريات في الدنيا إلى تعب كثير نتيجة لما عملوا (وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ) [طه:126]، ولعذاب الآخرة أشق، -والعياذ بالله تعالى-.
يقول: (وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89)) في قراءة (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا) أو (أُتْبِع سَبَبًَا).
قال: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ 90)) نهاية أرض المشرق (وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ (90)) أي يسكن هناك عدد مِن الناس، وثُللٌ مِن الناس ليس بينهم وبين مطلِع الشمس جبالٌ ولا حاجب يحجبهم (لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا) تطلع على قوم (لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا) ما بينهم وبين الشمس آكام، ولا جبال ولا شيء يمنع، بل يرونها مشاهدة أول طلوعها، مِن أول قرصها يظهر لهم مباشرة.
قال -جلَّ جلاله-: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا (90)) فهو في أرض المغرب، وجد على ساحل هذه العين الحمئة قوم سكّان جالسين هناك، وهو في المشرق أيضًا وجد في نهاية المشرق -مطلع الشمس- قوم ليس بينهم وبين طلوع الشمس حاجب يحجبهم.
(كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91)) يقول الحق -جلَّ جلاله وتعالى في علاه- علَّمناه ما علّمناه، ومكنَّاه ما مكنّاه، وما وراء ما علّمناه وما مكنّاه أكبر وأعظم (وَقَدْ أَحَطْنَا) وهو الحق المحيط بكل شيء (وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92))، مشرق ومغرب، وهو لا يزال يجوب في الأرض ويجول، حتى إذا جاء إلى ما بين السدين أي بين الجبلين العظيمين الّذيَن أقام بينهما السد، والجبل سد، والجبل الثاني سد، فأقام بينهما سدّا (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ (93)) الجبلين العظيمين (وَجَدَ مِن دُونِهِمَا) مِن الجهة الأولى لهذين السدين والجبلين العظيمين (وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا (93)) هؤلاء القوم هم الذين تختلف لغتهم عن لغة بقية الناس (لّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93)) بعد الشدة في التفاهم يعرفون بعض المعنى، يعرفون شيء مِن المعنى، ولا تكاد تفهم أقوالهم إلاَّ بقوة التأمل ووجود شيء مِن الترجمة أو المترجمين.
قال: (لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ (94)) لّما وصل إليهم ذلك الملِك وهو المشهور بين الناس وصاحب العظَمة (إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ) قبيلتان مِن بني آدم مفسدون في الأرض، ومشكلة الفساد عند بني آدم مِن قديم وفي أماكن مختلفة، فيعملون مشاكل للناس، وهؤلاء المفسدون مِن أيام قابيل بدأ في الفساد، واستشْرى الفساد في بني آدم، فما من زمان إلاَّ وفيه مفسدين، ومِن جملتهم في زمن ذي القرنين؛ ذو القرنين الأول كان في زمن سيدنا الخليل إبراهيم، ذو القرنين الثاني جاء مِن بعده في زمن قريب مِن زمن سيدنا عيسى بن مريم، فالأول هذا الذي مَلكَ الأرض ودان له الملوك.
قالوا له عندنا مشكلة مِن هؤلاء القوم (إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ (94)) يؤذون خلق الله، ويعتدون ويضرُّون، نريد كفاية شرِّهم هؤلاء، مفسدون في الأرض (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا (94)) يعني نعطيك مِن أموالنا شيء يعينك على أن تفك علينا المشكلة؟ تسد بيننا وبينهم؟ لا نريد أن نراهم ولا يروننا، ويكفوننا شرهم وأذاهم (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94)) فلا يروننا ولا نراهم، يذهبون في حالهم، ويتركوننا في حالنا، نحن وأهلنا وأولادنا، قال أنتم والخرْج والمال الذي ستجلبونه من مال معي أكثر منه، لا أحتاج لمالِكم، أحتاج منكم مساعدة بأيديكم ورجالكم، تعالوا واجلبوا معي الحديد والترتيب ونقوم نعمل.
(قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ (95)) الذي أعطانا خير مِن الذي أعطاكم، وعندي أموال تكفينا ولن آخذ منكم خرْج، ولا آخذ منكم خراج، ولا تتبرعون بشيء، ولا ألزمكم بشيء، أنا المال سأنفقه مِن عندي ولكن أعينوني بقوة، تعالوا بأنفسكم، قوموا وشاركوا وبادروا بالقيام بالعمل (أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95)) لا يستطيعون تجاوزه والوصول إليكم بعده.
(آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ (96)) هاتوا قِطع الحديد، وحفَر بين الجبلين العظيمين حتى وصل إلى الماء، ووضع الحديد والحجارة، و ردمَ ولم يزل يطلع (حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ (96)) الجبلين العاليين مِن الطرفين، ساوى بينهم في طول الجبل الكبير الذي ما يطوله أحد (حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ (96)) وفي قراءة (بَيْنَ الصُدْفَيْنِ)، (قَالَ انفُخُوا (96)) هاتوا النار، اشعلوا في الحديد، ألهبَ الحديد نار، حمَّى الحديد تحْمية حتى صار نارًا أحمر (قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96)) هاتوه، سأصُبّ عليه القِطر وهو -ما ذاب مِن النحاس في الحديد- صبّوا عليه، وعلى طول السد مِن طرفه إلى طرفه صار سد، مصبوب بالصبّة مِن النحاس، لا أحد يقدر يدقّه ولا يُخْرجه ولا يبعده، قوة مِن التمكين مكّنهُ الله.
(حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96)) يعني رصاص مُذاب، صبّهُ عليه، صب عليه المذاب مِن النحاس والرصاص، حتى ما بقي شي ، فأصبح كله أملس، لا أحد يقدر يطلع فيه، لو فيه خشونة ممكن أحد يتسلّق فيه، لكن ليس فيه خشونة، أملس وفيه قوة ما يمكن حد يدقه، ولا يقتحمه.
(قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ (97)) يعني يأجوج ومأجوج مِن الشق الثاني، لن يقدروا الصعود فوقه، على مستوى الجبل المرتفع العالي، مِن أين يذهبون؟ لا طريق لهم، لا مِن الجبل يطلعون ولا مِن السد (فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ (97)) يطلعوا عليه، يصعدوا على ظهره (وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97)) حفر فيه، لن يستطيعوا، وكل ما معهم مِن الآلات تتكسرالحجارة، ولا يتكسر هذا السد (وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97)).
هل أحد سيأتي منهم؟ قالوا جزاك الله خير، ولا قدروا يطلعون فوقه، ولا قدروا يشقونه (قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي (98)) وهكذا العقلاء والمؤمنون، مهما أوتوا مِن قوة ومِن سبب ما ينسون المسبب الخالق المُنْشئ، هم أصلًا عدم، الوجود كله عدم، والرَّب الأعظم هو الذي أوجد، هو الذي خلق، ولكن الغافلون والجاهلون والكفار (أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي) (أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ) [القصص:78]، نفس الغطرسة الموجودة الآن في كثير مِن الكفار والفجار الموجودين، يقولون عندنا، ونحن المتقدمين وتتطورنا ونعمل، كل ساعة تصيبهم مصيبة وبعد ذلك ينتهون ويصبحون عبرة، قال: (أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) [القصص:78]، (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) [فصلت:15].
يقول -جلَّ جلاله وتعالى في علاه- في ذكر هؤلاء (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [فصلت:16]، (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا) [فصلت:16] تعالوا أنتم والقوة التي لديكم (فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ) ذات نُحس، (لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) لكن هذا أيضاً قليل بالنسبة للذي بعده، يقول: (وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ) [فصلت:16]، ومن قبلهم ومن بعدهم كلهم عِبر.
قال تعالى لسيدنا ذي القرنين: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء (98)) هل رأيتم هذه القوة والصلابة؟! كل شيء مرهون بإرادة مِن فوق، هذه القوة تأخذ مداها إلى وقت محدد، يأتي وقت سيندكّ هذا، لا عاد يصلِّح ذي القرنين ولا الحديد ولا الرصاص، ولا أُفرغ عليه قطرا، كله سيذهب وسيخرجون، لكن الآن -إلى الحد الذي حده الله- أقمنا السبب وسيبقى حاميًا وحارسًا لكم ولا يظهرون عليكم إلى أن يأتي الوقت، ويجي الوقت وسيخرجون.
ومِن عجائب قدرة الله في هذه الأرض أنهم مع أقمارهم الصناعية، ومع اكتشافاتهم ومع أجهزتهم ومع طيرانهم، ما يقدرون على هذا يجيئون على هذا ولا يقدرون يصلون لهذا، ولا يقولون سنطلع لهم بالطائرة، ولا يخرجون، محلهم في البقعة التي حددها الله، إلى أن يأتي اليوم الذي يخرجون فيه وذلك أيام سيدنا عيسى بن مريم، لا يخرجون إلاَّ في أيام خلافة سيدنا عيسى بن مريم عليه السلام.
(حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ) [الأنبياء:96-97]، فعندها تكون الساعة كالحامل التي آن مخاضها، فيهلكهم الله بعد ذلك، ويخرج سيدنا عيسى عليه السلام إلى الأرض ويُقضِّي أيام ويموت، ويُقبَر في المدينة المنورة.
وتبدأ العلامات الكبرى وتتتابع بقوة، وتجيء الدابة، تخرج مِن جبل الصفا وتكلم الناس وما يدرون إلاَّ والقرآن رُفع ولا عاد شيء، ما يدرون إلاَّ والشمس طلعت مِن مغربها، وانقلبت دورة الكرة الأرضية وما فيها، وانقلبت دورة جري الشمس، وعند ذلك ما يبقى إلاَّ أن تهب ريح باردة تخطف روح مَن في قلبه ولو مثقال ذرة مِن إيمان، فلا يبقى إلاَّ شِرار الخلق عليهم تقوم الساعة و-العياذ بالله تبارك وتعالى-.
وإنه لوعد الحق (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ) [الحج:7]، تعود العودة الثانية في معنى هذا العمر القصير نستعد به استعداد كبير لعمر البرزخ، ثم ما يكون ما بين النفختين، ثم مِن أجل المرجع هذا، والموعد الكبير الذي وُعِدنا به، -لا إله إلاَّ الله-.
(وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47) وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ (48))، وبعده سعادة الأبد أو شقاءة الأبد، اللهم اجعلنا مِن السعداء، وفي السُنة الكريمة كثير مِن بيان أخبار يأجوج ومأجوج ومِن ما يكون لهم عند خروجهم، ويأتي شيء منهم معنا إن شاء الله فيما يأتي.
والله يكرمنا وإياكم بكمال الإيمان وكمال اليقين، ونسألك يا مُنْزل القرآن ما مكَّنتَ مِن قلوب المقربين والمحبوبين في الإيمان واليقين، أن ترزقنا التمكين في كل مقام مِن مقامات اليقين، أن ترزقنا التمكين في كل مقام مِن مقامات اليقين، وأن تُمكِّن لنا في الأرض ما نقيم به أمرك على الوجه الأحب إليك والأرضى لك، نعبدك لا نشرك بك شيئا -يا حي ياقيوم- نقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، ونفعل ما هو أحب وأطيب، وترضى بذلك عنا رضوانك الأكبر وتزيدنا مِن فضلك ما أنت أهله فيما بطن وما ظهر برحمتك يا أرحم الراحمين.
بسرِ الفاتحة
وإلى حضرةِ النَّبي اللَّهم صلِّ عليه وعلى آله وصحبه،
الفاتحة
03 صفَر 1446