تفسير سورة الإسراء، من قوله تعالى: {وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ..} الآية 76 إلى 80

للاستماع إلى الدرس

تفسير فضيلة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ للآيات الكريمة من سورة الإسراء: 

وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَّا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77) أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴿78﴾ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَىٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ﴿79﴾ وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا ﴿80﴾

مساء الإثنين 27 جمادى الأولى 1445هـ 

نص الدرس مكتوب:

الحمد لله، مُكرِمنا بالقُرآن وتَنزيله وبَيانه على لِسانِ رَسولهِ، سيدنا محمد صلى الله وسَلَّمَ وباركَ وكَرِّمَ عليه وعلى آله وأصحابه، وأهلِ ولائهِ ومُتابَعتهِ ومحبته، وعلى آبائهِ وإخوانهِ من الأنبياء والمُرسَلين، خيرة الرحمٰن في بَرِّيته، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم وعلى الملائكة المقربين، وعلى جَميعِ عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الرحمين.

أما بعد..

فإننا في نِعمة تَأمُلنا لِكلامِ رَبِنا -جلَّ جلاله- وتَعاليمه وإرشاداته وتَوجيهاته وتَعليماته، على لسانِ خَيرِ بَرِياته- صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم-.

وَصلنا في سورة الإسراء إلى قَول رَبِنا- جلَّ جلاله- مُخاطِبًا لِنَبيه: (وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا ۖ وَإِذًا لَّا يَلْبَثُونَ خَلفَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76)) وفي القِراءة الأُخرى (...خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا ۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)) فَسُبحانَ خالقِ السماوات والأرض وما بينهما والمُسَيّر لها وما فيها والمُقَدِّر لها أعمارًا لا تَتَجاوَزُها.

(يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ …) [ابراهيم:48] فيحكم بين عباده فيما كانوا فيه يَختَلفون وهم في خِلالِ هذه المُدة وهي بالنسبة لجَميعهم من أول تَكوينِهم وخَلقِهم إلى النفخِ في الصور هي قَليلةٌ بالنِسبَةِ لما بَعدها من مَواقف القيامةِ والخلود في الجنة أو في النار، أما بالنسبةِ لآحادِهم؛ فإنما يَعيشُ كل واحدٍ منهم من ذَكرٍ أو أنثى من الإنس أو الجن زمنًا يسيرًا جدًا من هذا الزمن اليَسير وقليلًا من هذا القليل، الذي جَعلهُ الله -تبارك وتعالى- مُدَةً لِبَقاء الناس والجن، وبقاء هذه الأكوان بهذه الصورة بالسُنة التي رَتَبها -جلَّ جلاله- إلى أن يَأتي الوقتُ الذي يُغَيرُ فيه شُؤونَ هذه الكائـِنات ويُبَدلها، ويَجمَع الخَلقَ على صَعيدِ أرضٍ واحدةٍ (لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا) [طه:107]، ثم يَنقُلهُم إلى الجنةِ أو إلى النار، اللهم اجعلنا من أهل جَنَتِك.

 في خِلال هذه المُدة تَكَرَّمَ خالقُ السماواتِ والأرضِ بِبَعث الأنبياء، بعد أن تَكَرَّم على أبينا آدم؛ بِتَنبِيَتهِ وإرسالهِ وإنزال الوحي إليه وعَلَّمَهُ ما يَنتَفِعُ به وما يَجبُ عليه وما يَحرُم، وقال له عندما أهبطه إلى الأرض (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى) [البقرة:38]، نظامُ الحركةِ والعَمَل: افعل ولا تفعل، أعمل هذا واترك هذا، هذا واجبٌ وهذا مَندوبٌ مُستحبٌ وهذا مـُباحٌ وهذا مَكروهٌ وهذا حرام وبينهما أمورٌ مُشتَبهات، عَلم آدم هذا الهُدى (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى) [البقرة:38].

ولم يَزَل نِظامُ الرحمٰنِ في بَيانِ المَسارِ لِخلقِهِ المُكَلفينَ على أيدي المُرسَلين، نِظامٌ يَقومُ على هذه الأُسُس:

  • الواجبُ.
  • والمستحبُ المندوب النفلُ السنةُ  الحَسَن.
  • والمُباحُ.
  • والمَكروه. 
  • والمُحَرَّم.

نظامٌ بَديع بِه صلاحُ كل من يعيش على ظَهر الأرضِ من المُكَلَّفين، أرسلَ الله به الرسل وبَيَّنه في الكُتب وخُتِم الأنبياء والمرسلون بِنبينا محمد، وخُتمت كُتبُ السماء المُنزلة إلى أهل الأرضِ بالقرآن الكريم.

(وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ)ۚ [المائدة:48]، فجميعُ ما خالفَ الذي جِئتَ به من الحَقِ باطِل، لا يُتَّبَع ولا يَجوز أن يُتَّبَع.

وكان هؤلاء المُكَلفون في استقبالهم للأنبياء على مَراتب وعلى دَرجات؛ فمنهم من سَبَقت له السعادة، وأيقن بما أوتيَ من عَقلٍ وسَمعٍ وبَصَرٍ وفَهمٍ، يؤتيه الله تعالى لهؤلاء المُكَلفين من حين سِن التمييز إلى أن تَكبر عُقولهم، إلى العشرين إلى الأربعين، ثم ما يكون لهم من تَجارُب يُدرِكونَ به حَقائق في الخيرِ والشرِ والنفعِ والضر والصلاحِ والفساد، أيقَنوا بصدقِ هؤلاء الأنبياء واتبعوهم، ثم سَكَن في قُلوبِهم مَحبتهم وتَعظيمهم والانقياد لهم، وعرفوا مَكانة اصطفاء الحق لهم وإجتبائِه إياهم، وجَعْلُهم أهل الأمانة في البيان عنه والقدوة لعبادهِ في سلوك سبيل مرضاته والوصول إليه -جلَّ جلاله-، فَتَبَعوا الأنبياء فكانوا هم الفائِزون والرابحون في الدنيا وفي الآخرة -عليهم رضوان الله تبارك وتعالى-.

وكان أولئك آلًا للأنبياء من كل من آمنَ بهم من أقاربهم، وكانوا أصحابًا للأنبياء من كل من آمنَ بهم في حياتهم، وكانوا أُمةً للأنبياء وأتباعًا من كل من آمن بهم ولو بعد وفاتهم من غير أقاربهم؛ فكلهم أتباع أولئك الأنبياء وأمةٌ لذلك النبي الذي بُعِثَ إليهم.

وجاء خاتم النبيين وما كان من استقبال الناس للأنبياء في الأنحاء المختلفة كان له صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وكان في الأمم السابقة المُكذِّبون، وكان في الأمم السابقة المُعادون، وكان في الأمم السابقة المُحارِبون والمُقاتلون للأنبياء، وكان في الأمم السابقة مُختَلِقو الإفكِ والإفتِراءاتِ وصانِعو الكَذبِ والزيغِ وقَلبِ الحَقائقِ بالأساليبِ المُختَلفة، كذلك كان في هذه الأُمة ولم يَزَل.

وقوبل ﷺ بأنواع ما قوبِلَ به الأنبياء والمُرسَلون، وكانوا كما بيَّن الذين قابلوه بالعِداء، أعداء وأَشد عداوة من الذين عادوا الأنبياء من قَبل، حتى قال عن أبي جهلٍ: "فرعوني أشَدُّ من فرعونِ موسى"، وكذلك يَجب أن يكون، ولأنَّه أعلى درجةً من سيدنا موسى، فلا بُدَّ أنَّ عدوه يَكون.

وكذلك الذين قابَلوه بالإيمان والمَحَبة فاقوا على الذين أحبوه وآمنوا بالأنبياء السابقين من قبل، فلذلك كانت الأُمة أعظم الأُمم:

  • لِمكانِ رَأسِها.
  • لِمكانِ هاديها ومُرشِدها -صلى الله وسلم عليه وعلى آله-.

فلا أُمة مِثل أُمته، ولا آل مثل آله، ولا صحابة مثل صَحابته -صلوات ربي وسلامه عليه-، فَقابَلوه بالمقابلات المُختَلِفة، وقد سَمِعنا عَنها في القُرآن وفي سورة الإسراء عدد من تِلك المُقابلات التي قابلوه بها، وكان عليه الصلاة والسلام الأصبَر والأحلم والأكرَم والأرحَم والأصدق، والخاضِع المُتَذَلل للرحمن والمُتوجه في الدعاء لهم "اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون" صلى الله على الأمين المأمون.

ومن جُملة ذلك ما قال في هذه الآية: (وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا…(76)) (وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ)؛ المشركون في مكة المكرمة (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ) [الأنفال:30] من أرض مكة وما مكّنهم  الله من ذلك رحمةً منه -سبحانه وتعالى- بِنَبيه وأمة نَبيه، لأنَّه لو مكّنهم من إخراجه بالقوة: لم يَلبثوا بعده إلا قليلًا وهَلكوا على الكُفر.

ولكن ما مَكَّنهم حتى أذِنَ له بأن يَخرج، فخرج بأمر الله -تبارك وتعالى- وبإذنه لِيُسلم من يُسلم عنهم، وكثير أسلموا بعد ذلك ودخلوا في دين الله وأُنقِذوا من عذاب الأبد ومن شقاء الأبد ومن بَلاء الأبد.

 يقول سبحانه وتعالى: (وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا (76)) ثم حاول بعد ذلك اليهود في المدينة المنورة وقالوا: يا محمد لو كنت أنتَ من الأنبياء، هذه ليست أرض الأنبياء؛ أرض الأنبياء الشام، وفيها أبوكَ إبراهيم وفيها الأنبياء من سَابِق، لو أنتَ كنتَ نبيًا فاذهب إلى تلك الأرض، ولو ذهبتَ إلى هناك سنتبعك ونعرف أنك من الأنبياء، وإن كُنتَ تخاف الروم، فما دُمت أنتَ نبي فسينصرك الله عليهم. وحاولوا أن يخرجوه من المدينة، وهؤلاء أرادوا أن يخرجوه من مكة، وفَكَّر بعض أهل النفاق والكُفر أن يخرجوه من جزيرة العرب، كما فَكَّر العدد منهم والكثير في أن يقتلوه ويخرجوه من الأرض كلها ﷺ -لاإله إلاالله- قال سبحانه وتعالى: (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ ۖ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ) [غافر:5]. (وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا.. (76))   ولو مكّنا هؤلاء أو هؤلاء من ذلك (..وَإِذًا لَّا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76)) خلافك: بعدك، أو خلافك من بعدك أيضًا إلا قليلا.

(سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا (77)) فإنَّا نرحم أُممهم وقومهم ما داموا بينهم، فإذا تَسَبَبُوا في إخراجهم وأخرجوهم عنهم عجَّلنا لهم بالعذاب وأهلكناهم (سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)) فما مَكَّن الله هؤلاء أن يُخرجوهم من مكة، ولا هؤلاء أن يُخرِجوهم من المدينة؛ ومع ذلك فإن هؤلاء أيضًا لم يَطُل بهم المُدة والمُقام، فإن زُعماءهم الكبار الذين كانوا يَشتدَّ أذاهم على نبينا ﷺ بمكة قد قُتّل الكثير منهم أو أكثرهم في يوم بدر، وما كان بين هجرته وخروجه ﷺ وبدر إلا سنة وأشهر، في السنة الثانية من الهجرة وقد قُتل أولئك، وما طال مُكثهم بعد خروجه ﷺ من مكة المكرمة، ولكن بقي الكثير ممن أذِن الله بإسلامهم حتى أسلموا وآمنوا، وراعى في ذلك قلب نبيه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وما كان يتمنى لهم من الهداية صلوات ربي وسلامه عليه.

وكذلك يهود وبعد أن قالوا ما قالوا وحاولوا معه ﷺ أن يُخرجوه، نقضَ العهد بنو النضير فَأُجْلُوا، ونقض العهد بنو قُريظة فَأُجلوا، ثم نقض العهد قبلهم بنو قَينُقاع قبل بنو قُريظة فَأُجلوا من المدينة، وهم نفسهم خرجوا وما خرج هو، وهكذا، كما قال سبحانه وتعالى عن جماعةٍ من الرُّسل من قبل: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ۖ) [إبراهيم:13] والأنبياء يقولون: الأرض أرض الله ولكن الناس يقولون أرْضنا أرْضنا، وكل ما جاءت طائفة يقولون: أرْضنا، ولا خلقوا شيء من الأرض ولا خلقوا شيء من السماء، ولكن الكِبرياء والطُغيان.

 قال سبحانه وتعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ۖ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ) [إبراهيم:13-14] ويقول سبحانه وتعالى: (فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ* فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ * وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ۖ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) [الأعراف:135- 137] سُنة الله -جلَّ جلاله وتعالى في عُلاه-.

وهكذا؛ وأمثلة ذلك في التاريخ كثيرة؛ في اليمن، في الشام، في المغرب، في الشرق، في الغرب؛ وكم طوائف ومنهم كان في القرن الماضي عندنا في خِيار أهل هذه المواطن وهذه المنطقة من حضرموت، فَكّر كثير من عقليات الكفر، واستعملوا كثيرًا أذنابًا لهم وأيادي لهم من المسلمين، ليُبعدوا هذه العصابة، ليُخرجوا هذه العصابة، ليُهلكوا هذه العصابة، ليُطفئوا هذا النور؛ فما تمَّ لهم ما أرادوا وتزلزل بُنيانهم في أساسه وخَرَّ عليهم السقف من فوقهم وهذه سُنّة، أتظن في زمننا يحصل غيرها؟ من يُغَير سُنته؟

(وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا) إنَّما شُغلك وشُغل الذين صدَّقوا بك؛ إيمانًا عازمًا جازمًا بنا وعظمتنا وألوهيتنا؛ أن تقيموا أمري كما أحببتُ منكم ثم أتولاكم في دُنياكم وآخرتكم بما أنا له أهل.

(أقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ (78)) هذا مُهِمتك، إفرح بعبادتنا وقُم بحقها على الوجه الأحسن الأتمّ، وتعلَّق بها واربط أتباعك بها (أقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ (78)) هذه مُهمتكم ومهما مَكّنتكم من عبادتي وقد أذِنتُ لكم وبيَّنتُ لكم الطريق والأسلوب الذي تعبدونني به، فأغنموا ذلك رحمةً مني وعزًا وشرفًا لكم يدوم ويتأبد وكرامةً لكم تبقى وتَتخلد. (أقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ.. (78)) ومنها أعظمها هذه الصلوات الخمس، (أقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) اللام هذه للظرفية أي: عند (دُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ) دلوك: الميلان، لدلوك الشمس: زوال الشمس إذا بدأت تميل من جهة الشرق إلى جهة المغرب فإنها تشرق وتطلع ثم تمسي حتى تتوسط السماء ثم تميل، فتُدلك إلى الغروب. (أقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ.. (78)) عند دلوك الشمس -وقت الزّوال- ذاك وقت اتصالٍ بي وتهيؤ لاستقبال النصف الأخير من هذا النهار والاستعداد لمُناجاتي في الليل، هذه غنائمكم على ظهر أرضي في شريف صِلتكم بي. (أقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ.. (78)) عند زوالها لتقوم بفريضة الظهر وبعد قليل تأتيك فريضة العصر.

(إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ.. (78)) غروب الشمس، وبُدو ظُلمة الليل واقترابه، الغسق هو: الظلمة. (إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ.. (78)) وعبّر بِـ (إلى) إشارة إلى أنك عندما تُقيم هذه الفريضة أنت مُنتظر بقلبك الفريضة الأخرى منها (..لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ) فأنت في انتظار الصلاة وفي الاتصال بالصلاة وفي الفرح بالصلاة وفي الاستعداد للصلاة الأخرى؛ فكأن وقتك كله في صلاة.

(أقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ.. (78)) وإذا جاء غسق الليل فعندك صلاة المغرب ويبدأ الغسق والظلام، فعندك صلاة العشاء إذا استحكم الغسق وذهب الشفق الأحمر إلى غسق الليل.

(وَقُرْآنَ الْفَجْرِ.. (78)) صلاة الفجر -وأقِمْ قرآن الفجر، صلاة الفجر- سمَّاها قرآنًا؛ لأن للقرآن فيها من الطعم والحلاوة والصِّلة بالمعاني ما ليس في غيرها. (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)) هي صلاة يشهدُها ملائكة كثير، منهم اجتماع ملائكة الليل والنهار يستمعون إلى القُرَّاء في صلاة الفجر ماذا يقرأون، وإليهم يُنصتون ويُنازلهم من الأحوال ما يسري في المجتمعين للصلاة. (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)) وحيث تشهد ملائكتي والمقرَّبون من عبادي، يجب أن يغنم المؤمنون تلك الاجتماعات وتلك اللقاءات والساعات فهي من نفحات العُمر ومن خيرات الدهر ومن غنائم الحياة، فتغنم فتحضر معهم.

حيثما كانوا حضر في مجالس صفاهم ***  وقت يدعون امِّن حيث تسمع دعاهم 

وهكذا يقول: (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)) وقت شهود وحضور لكثير من المحبوبين والمقربين عندي لا تَغب عنه، ولا تُبعد نفسك منه وادخل بينهم ومعهم. (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)) وعودة لإقامة هذه الصلوات والفرائض، قال: علّق القلب بي لتتذوق لذة مُناجاتي، قم وتهجد من الليل.

(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79)) ومن الليل؛ من ساعات الليل وآنائه وأجزائه، اغنم منها فرصة تعرُّفٍ مني إليك لا يحصل في غير الليل. (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ (79)) تهجد، اترك الهجود وهو: النوم، اترك النوم وتَخلَّص من النوم وابتعد به عن النوم.

(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ (79)):

  • الجمهور: أنه لا يكون تَهجُّد إلا بعد نوم يسبقه، ثم يقوم فيترك النوم. هذا هو التهجد بالاتفاق.
  • وبعضهم قال: كل دفعٍ لأسباب النوم وخروجٍ عنها فهو تهجد، سواء كان من أول الليل أو نام من آخره أو لم ينم.
  • لكن الجمهور قالوا: إنما يكون ذلك التهجُّد بعد النوم؛ هو ترك الهجود، كما يُقال: التأثُّم تَرْكْ الإثم، تَرَكَ كذا تَأثُمًا، أو قال كذا تَأثُمًا؛ أي: خوفًا من الإثم، كذلك تهجّد: ترك النوم، وما يكون تَرْك النوم إلا بعد ما قد اتصل به بعد ما نام، يَترُك النوم و يقوم ويتهجد.

ركعتان في جوف الليل كنز من كنوز الجنة (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ) يقول الله لسيدنا وإمامنا من أجل أن يرغِّبنا به؛ (نَافِلَةً لَّكَ) زيادةً لك، على بقية الخلق و لأمتك و أتباعك سُنة وعليك فرض.

وهل أفرض عليك وأنت أحب حبيبٍ لي إلا ما هو أجمل، إلا ما هو ألذ وأحلى؟ واجعل أمتك تسمع ماذا أقول لك، حتى يرغبوا في القيام لي.

(نَافِلَةً لَّكَ (79)) أنا خصصتك بهذا زيادة فرض عليك ليس عليهم، وهو نافلة لك: زيادة في كل ما آتيتك من قربي وكل ما آتيتك من حبي وكل ما آتيتك من معرفتي وكل ما آتيتك من تَنَزُّل وكل ما آتيتك من خصائص، زيادة لك في هذا التهجد وفي القيام، أزيدك من كل هذا نافلة لك، زيادة لك مني أتفضل بها عليك وأزيدك، لهذا كان أتباعه الأخيار في الأمة يقولون: لولا قيام الليل ما أحببنا البقاء في الدنيا وهكذا، يقول في المتأخرين -شيخنا الحبيب علوي بن عبد الله بن شهاب الدين-: ولا أصبح لنا أي رغبة في البقاء في الدنيا إلا لأجل قيام الليل وتربية الأولاد وعسى نسمة من جود الله تهب علينا ما دمنا فيها، فلنرقى بها في هذه الحياة، وإلّا ما لنا غرض غير ذلك في هذه الحياة، ما نحب أن نبقى لشيء في هذه الدنيا.

(..نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79)) صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، (..عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79)) قال إنِّي هيأتك للمقام المحمود فيليق بك الخلوات معي، والقيام والناس نيام من أجلي، هذا سبيل أهل الخصائص الذين خصصتهم بالمزيد مني، أن أجعل لهم خصائص في معاملتي ما داموا في الحياة الدنيا وأيام التكليف، حتى إذا ارتفع التكليف وبُسط بساط التشريف نالوا من الشرف ما لا يقف عند حدٍ ولا يناله عقل بتكييف، فضلٌ من الخبير اللطيف -جلَّ جلاله وتعالى في علاه- يقول (عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79)) فهو صاحب المقام المحمود ﷺ.

وقد جاءتنا البلاغات عنه عن الله في بيان المقام المحمود أنَّه مواقف يقفها في القيامة يتميز بها عن الأولين والآخرين، منها: هذه الشفاعة العظمى حيث يلوذ الناس بآدم و في صحيح البخاري قال: استغاثوا بينهم، كذلك استغاثوا بآدم فيقول: لستُ بصاحب ذلكم، ثم بنوح ثم بموسى يقول: لست بصاحب ذلكم، ثم يأتون محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وهو الذي يقول أنا لها! ﷺ ويحمده الأولون والآخرون، ثم مما يعرف به القدرَ والمنزلة الأولون والآخرون، مواقف منها أنَّه أول من يكِّلمه وأول من يأذن له بالكلام يوم القيامة.

وجاءنا أنّه صحَّ في الحديث بعدَّة روايات عن عدد من أهل السنة، يقولُ: "يُبعث الناس وأُبعثُ أنا وأمتي على تل، قال في يوم يناديني فيه الجبار؛ يوم لا تكلَّم نفسٌ إلا بإذنه ويقول: يامحمد، وأقولُ: "لبَّيْكَ ربي وسعدَيْكَ، والشَّرُّ ليس إليكَ، عَبْدُكَ بين يَدَيْكَ" ويتكلم بالكلام الفائق النبي ﷺ وهو يخاطب الله، وذكر منه بعضه في الأحاديث التي رواها الحاكم ورواها عدد من أهل السنة؛ يقول ذلك المقام المحمود، ذلك المقام المحمود ﷺ، ثم ما جاء من الخبر والحديث أنه يظهره -سبحانه وتعالى- على عرشه ويظهره على كرسيه والناس في القيامة، ولا يكون ذلك لغيره ﷺ وخصائص له من الشفاعات والمقامات في القيامة لا ينالها غيره، هي مقامه المحمود صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

حتى إذا دخل الجنة كان مقامه المحمود الوسيلة؛ -أعلى درجة في الجنة- لا ينبغي أن تكون إلا لعبد، أي عبدٍ صافي العبودية كاملها وأرجو أن أكون أنا هو، ولا يحلّها إلا هو ﷺ اللهم قرِّبنا منه واحشرنا في زمرته (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79))

وكان يشير شيخنا الحبيب عبد القادر السقاف -عليه رحمة الله- أنَّ من أراد القرب من صاحب المقام المحمود والدنوَّ منه في مواقف مقامه المحمود في القيامة فعليه بقيام الليل؛ فإنَّ الحق يقول: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79)) وأنت إن أردت القرب منه والحضور في مقاماته المحمودة؛ فعليك بأن تعانق الليل متهجدًا قائمًا بين يدي الرحمن الرحيم، خاضعًا خاشعًا بقلب حاضر وجوارح خاشعة ساكنة.

كذلك قال الإمام العيدروس: "من أراد الصفاء الرباني فعليه بالانكسار في جوف الليل!" وهو يقول تعالى "أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي".

(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا (79) وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا (80))

  • (وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ) أدخلني مدخل صدق؛ أنواع المداخل التي يدخلها ﷺ في الحس والمعنى؛ ومنها دخوله المدينة المنورة عند خروجه من مكة، وخروجه من مكة المكرمة.
  • أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ..) أقوم فيه بالأمر لك، مهاجرًا لك، ولأجل وجهك؛ لا غرض لي ولا التفاتة لسواك.

 

(..وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا (80)) وكان منهم الأنصار الذين أيدهم الله تعالى به في المدينة المنورة (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) [الأنفال:62] (..وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا (80)) قوةً عاليةً أرقى بها المراقي العُلا.

  • (رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ) قال بعضهم هو إلى مكة بعد خروجه منها (أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ) بالفتح. 
  • (رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ) قال بعضهم القبر؛ ادخلني قبري مُدخل صدق، على محبة لقائك وعلى إنعامك وإجلالك، وأخرجني في القيامة وعند البعث مخرج صدق: وهو أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة إلى غير ذلك مما ذكروه.

وذكر كثير من العارفين والمحققين قالوا أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كثير المداخل إلى المراتب، والخروج من كل مرتبة كان فيها إلى ما هو أعلى منها، وأمَرَه الحق أن يقول (رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ) إلى كل مقام أسنى فوق الذي أنا فيه، (وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ) من الذي أنا فيه، (وَاجْعَلْ لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا)، وأيَّدهُ بها بتجلِّي الذات للذات وذلك عطاء الرحمن لخير البريات (رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا (80))

يا مُنْزِل الآيات على هذا القلب الأطهر؛ انظر إلينا يا خير من نظر، نظرةً تثبت بها الأقدام على اتباعه في كل ما بطن وفي كل ما ظهر، فإنَّا نعوذ بوجهك الكريم أن تُخلِّفنا عن ركبهِ في يوم القيامة، وأن تَحول بيننا وبينه يوم الطامة، بجاهه عليك اجعلنا من أوصلِ أمتهِ به وألصقِ أمته به وأقرب أمته إليه وأسعد أمته بقربه والدنو منه في مقامه المحمود، اللهم بوئنا أعلى مراتب الشرف الأعلى بالدنو منه في المقام المحمود وتولَّنا به في الغيب والشهود، وانظر إلى أحوال أمته وفرِّج كروبهم، والطف بالمؤمنين في غزة والضفة الغربية وأكناف بيت المقدس وفي جميع أقطار الأرض، ورُد كيد من يكيدهم ويؤذيهم من العادين والمعتدين والمجرمين والفاسدين كما يليقُ بجودك وقدرتك وقهرك للعتاةِ الظالمين ياقوي يامتين، أصلح شؤون الأمة واجمع شملهم وألِّف ذات بينِهم واجعلنا من أهل القرآن وأهل العمل به والاطلاع على سرِّه والاقتباس من نوره والاغتراف من بحار علمه، واجعلنا من أهل القرآن لديك كما أنت أهله بما أنت أهله، وامزج القرآن ونوره بلحومنا ودمائنا وأجزائنا وكُلياتنا يا مجيب الدعوات يا قاضي الحاجات.

بسر الفاتحة

وإلى حضرة النبي محمد 

تاريخ النشر الهجري

05 جمادى الآخر 1445

تاريخ النشر الميلادي

17 ديسمبر 2023

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام