(575)
(536)
(235)
خطبة الجمعة للعلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ في جامع الروضة، بعيديد، تريم، 24 شعبان 1441هـ، بعنوان: واجب المؤمن في استقبال رمضان خاصة، والأزمان والأحداث عامة
الحمد لله، الحمدُ للهِ الكريمِ الرحمن، حمداً يقوَى لنا به وللأمةِ الإيمان، ونرقَى به في مراتبِ الإحسان، ونزداد في كل حينٍ وآنٍ مِن المعرفةِ والصدقِ والإخلاصِ والإيقان، ونشهد أن لَّا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريك له الواحدُ الأحدُ الملكُ الديَّان، ونشهدُ أن سيِّدَنا وقرَّة أعيُننا ونورَ قلوبِنا محمداً عبدُه ورسولُه، مَن أنزل اللهُ عليه القرآن، وجعل ابتداءَ نُزولِه في شهرِ رمضان.
اللهمَّ أدِم صلواتك على المصطفى مِن خلقِك سَيدِ الأكوان، عبدكِ الطُّهرِ محمدِ بن عبد الله، وعلى آله المطهَّرين مِن الأدران، وعلى أصحابِه ساداتِ أهل الصدقِ والمحبةِ والإيقان، وعلى مَن تبعَهم بإخلاصٍ وإحسان، وعلى آبائه وإخوانِه مِن الأنبياء والمرسلين ذَوي القَدرِ والشأن، وعلى آلِهم وأصحابِهم وتابعيهم والملائكةِ المقرَّبين وعبادِكَ الصالحين ذَوي العرفان، وعلينا مَعهم وفيهم برحمتِك يا كريمُ يا منَّانُ يا رحمَن.
أما بعد .. عبادَ الله : فإني أوصيكم وإيايَ بتقوى الله..
تقوى اللهِ التي لا يقبلُ غيرها، ولا يرحمُ إلا أهلَها، ولا يثيبُ إلا عليها. وللقيام بحقِّها أُنزِلَ القرآن، وللقيامِ بحقِّها شُرِعَت الجمعةُ والفرائضُ مِن الصلوات وشُرِعَت النوافل كذلك، وشُرِعَتِ الزكاةُ وشُرِعَ صومُ رمضان، وقال عنه الرحمن (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) فجعل الغايةَ تحصيل التقوى التي هي الحِرزُ مِن أنواع البلوى في السِّرِّ والنجوى في الدنيا وفي العقبى.
يا أهل الإيمان بالإله الحق: احمدوا الذي جعلَكم مِن أمةِ محمدٍ الأصدق خيرِ أمةٍ أخرجها في جملةِ مَن خلَق، وأمتَعَ بكم إلى أواخر شعبان، لعلَّ أن تُدركِوا رمضان كلَّه إن شاء لله في أمنٍ واطمئنان وإيمانٍ وإيقانٍ وصدقٍ وإخلاصٍ وعرفانٍ وإتقانٍ وإحسانٍ، إنه أكرمُ الأكرمين وأرحمُ الراحمين.
أيها المؤمنون بالله: لا توجد بين البضائعِ في العالم كبضاعةِ هذه التقوى التي يُزكِّيها لنا ويقوِّيها فينا الصيام، والقيام كذلك وأنواع الخير. وهي عبارة عن معرفةٍ بالله جلَّ جلاله بها يُتَّقَى غضبُه وسخطُه وعقابُه؛ بتجنُّبِ ما نَهانا عنه نيَّةً وقولاً وفعلاً ومعاملةً، وفعلِ ما أمرَنا به حتى لا يجدَ أحدَنا ربُّ السماوات والأرض حيثُ نَهاه ولا يفقدُه حيث أمرَه ؛ تلكم التقوى البضاعةُ الغاليةُ العاليةُ التي بها حقائقُ الفوزُ الأدوَمُ الأبديُّ الأتمُّ الحقيقي. ولا فوزَ لمِن لم يتقِّ اللهَ كائناً ما كان، وإن ملأ الأرضَ دعاياتٍ أو كلام أو حضارة كما يدَّعي أو صناعات أو حَصَّل ما حَصَّل في الحياة الدنيا وقد ضيَّع تقوى خالقِه فلا والله لا هو بفائز ولا للسعادةِ حائز، وكلُّ ما كان مُغتراً به من المظاهر والمراكز تذهبُ هباءاً وتذهب جُفاءً وتذهبُ حسرةً عليه (كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ) نعوذُ بالله مِن غَضبِ الله، ورزقنا اللهُ حقيقةَ تقواه.
أيها المؤمنون بالله: إنَّ مِن تقوى هذا الإله صِدْقُ الوجهةِ إليه في اغتنامِ الحياة ؛ ومنه إدراكُ نعمةِ بلوغِ رمضان، الشهرُ الكريم الذي كانت قلوبُ القرونِ الأولى مِن أتباع المصطفى محمد تستقبلُه مِن شهر ربيع وهي تتأمَّلُ الوصولَ إلى رمضان، وهي تحبُّ الوصولَ وتعشقُ الوصولَ إلى رمضان، وتحبُّ مواصلةَ الرحمن في أولِ ليلةٍ منه بنظرةٍ خصَّ بها الأمةَ في أوَّلِ كلِّ ليلةٍ مِن ليالي رمضان، و{ مَن نظر إليه لم يعذّبه أبدا }. لا تتركِ اللهمَّ في ديارِنا ومنازلِنا أحداً إلا نظرتَ إليه نظرةَ رحمَتِكَ في أولِ ليلةٍ مِن ليالي الشهرِ المقبلِ علينا نظرةً بها ينتظمُ في سِلْكِ أهل الصدقِ معك يا ربَّ العالمين.
إنَّ من مظاهرِ التقوى هذا التأملُ والتحسُّس لاغتنامِ هذا الوقتِ واغتنامِ هذا العمر والنياتِ الصالحة التي تبرزُ مِنَّا خصوصاً ونحن في أواخرِ شعبان. وقد أظلَّنا الشهرُ العظيمُ المباركُ الذي لا يمرُّ على المؤمنين شهرٌ خيرٌ لهم منه بمحلوفِ رسولِ الله، أي: بما يحلفُ به المصطفى محمدٌ وهو الله تعالى. ولا يمرُّ بالمنافقين شهرُ شَرٌّ لهم منه، والأمرُ كذلك.
فيَا فوزَ المؤمنين بالشهرِ الكريم وجودِ الله والتكريمِ، وعطائهِ العظيم، ومَنِّهِ الجَسيم جل جلاله وتعالى في علاه، وذلك يتناسبُ مع ما تَنطوي عليه صدورُهم مِن نيَّاتٍ في الإقامةِ للصيامِ على وجهِه الصحيح امتناعاً عن المُفطِراتِ الظاهرةِ والباطنةِ الحسيَّة والمعنوية { فمَن لم يدَع قولَ الزورِ والعملَ به فليس لله حاجةٌ في أن يدعَ طعامَه وشرابه}. ألا وإنَّ من قول الزور : الاعتماد على غير الله في أيِّ مظهرٍ من المظاهر في الحياة ؛ في صحةٍ أو في عافيةٍ، أو في سِلْمٍ أو حربٍ ، في رخاءٍ أو شدة، الاعتمادُ على غيرِ الله كائن ما كان باطلٌ وضلالٌ وقصورٌ وجهالةٌ ، فيجب على المؤمن أن يتنَزَّه عنه وأن يتخلَّصَ منه. وإنَّ العقلياتِ التي اعتمدت على ما أوتيَ أصحابُهم من مظاهر قدرةٍ في مجالٍ من مجالات الحياة، تلك العقليات تبيِّنُ الأحداثُ لهم أنهم على خَبَالٍ وضلالٍ، أنهم على وَهمٍ وخيال.
ألا إنَّ الأمرَ بيدِ الكبيرِ المُتعال ، فلتَستفِد مِن الأيام والليال هذا الدرسَ الغال لتُحسِنَ الاعتماد على الرب والاستناد إليه، وتراجع حساباتِك في استقبالِ الشهر الكريم وكيف تستقبلُه، وما يكون لك فيه مِن انبساطِ الهِمَّةِ والوِجهة إلى الرَّبِّ الرحمنِ الرحيمِ جل جلاله، مشتاقاً للياليه مشتاقاً لأيامه، صوماً وامتناعاً عن مقوِّمات الحياة من أجلِ الله تبارك وتعالى، وعن مُوجبات موتِ القلب مِن الغيبةِ والنميمةِ وقَول الزُّور والعمل به. وما أكثر قولَ الزُّورِ على ظهرِ هذه الأرض، ومَن يوحِي بعضُهم إلى بعضٍ مِن شياطين الجنِّ والإنسِ زخرفَ القَولِ غُرورا ، ولا نجاةَ منه ولا تحرُّرَ ولا حرية إلا بحُسنِ الإصغاءِ التامِّ الكاملِ لوَحيِ الله وتنزيلِه إلى مصطفاه صلى الله عليه وسلم. فليكُن لك هِمَّةٌ في الاتصال بالقرآن ومعانيهِ وتدبُّر آياته وما فيه مِن قبلِ رمضان وفي رمضان خاصَّة، لينفتح لك بابٌ جديد في عطاءٍ مديدٍ مِن حكيمٍ حميدٍ تنالُ به مِن حقائق المعرفةِ بهذا العالَم والذي يجيء مِن بعده ؛ عالم البرزخ والذي يجيء مِن بعده عالَم القيامة ، والعالم الذي يجيء مِن بعده مُتَأبِّداً خالداً عالَمُ الجنة وعالَمُ النار ؛ فإليهما الغايةُ لجميع المؤمنين والكفار ولجميعِ المكلفين ممَّن خلَقَ اللهُ مِن الإنس والجن.
أيها المؤمنون بالله: جعلنا الله وإياكم مِن المتحقِّقين بحقائقِ الإيمان، وجعلَ الشهر خيرَ شهرٍ يمرُّ بنا، وجعل رمضانَ هذا العامِ مِن أبركِ الرمضاناتِ على جميعِ الأمةِ ظاهراً وباطناً، يا ذا الجلال والإكرام أجِب دعاءَنا ولبِّ نداءَنا يا أرحمَ الراحمين.
واللهُ يقولُ وقولهُ الحقُّ المبين: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } وقال تبارك وتعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)، أعوذُ باللهِ مِن الشيطانِ الرَّجيم ( فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)
بارك اللهُ لي ولَكُم في القرآنِ العظيم، ونَفعَنا بما فيه مِن الآياتِ والذِّكر الحكيم، وثبَّتنا على الصِّراطِ المستقيم، وأجارنا مِن خِزْيِهِ وعذابهِ الأليم. أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم، ولوالدينا، ولجميعِ المسلمينَ فاستَغفِروهُ إنَّه هو الغفورُ الرَّحيم.
الحمد لله يُطَهِّرُ الأفئدةَ عن الجَنَان ويُرقِّيَها في مراتب التَّدَان، وأشهد أن لَّا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له قديمُ الإحسان، وأشهدُ أن سيِّدَنا محمداً عبدُه ورسولُه رفَعَ الله له القدرَ والشأن. اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك المصطفى سيدِ الأكوان محمد، وعلى آلِه وصحبِه وأهل محبَّتِه وقُربِه، وآبائه وإخوانه مِن أنبيائك ورُسُلك وآلِهم وصحبِهم وتابعيهم، وعلى ملائكتِك المقرَّبين وعبادِك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
أما بعد عباد الله : فإني أوصيكم ونفسيَ بتقوى الله. فاتَّقوا اللهَ، وأحسِنوا يرحمْكُمُ الله (إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ).
اِتَّقُوا اللهَ تبارك وتعالى في الرضاءِ بقضاء الله، واتَّقُوا الله تبارك وتعالى أن لَّا تستَكينوا لقاطعٍ يقطعُكم عن الله، ولا تهونوا بِهَوْنِ الإعراضِ عن الله، ولتَزدادوا إقبالاً على الحقِّ بكلِّ معناه، ولتَستقبِلوا الشهر الكريم بالمحبَّةِ والتعظيمِ والإجلالِ والتكريمِ والنيِّةِ القوية، والهِمَّةِ العاليةِ السنِيَّةِ أن تحسنُوا الصيام كما يحبُّ مَن فرضَ عليكم لتحوزُوا نصيباً مِن سِرِّ تقواه، ولتُحسِنُوا القيامَ الذي سَنَّه نبيُّكم صلى الله عليه وسلم فتحوزونَ الوافرَ مِن جودِ الله وعطاه، قال نبينا : { فرضَ الله عليكم صيامَه وسنَنْتُ لكم قيامَه ، فمَن صامَه وقامَه إيمانا واحتساباً خرجَ مِن ذنوبه كيوم ولدَته أمه} ، { مَن فطَّرَ فيه صائما كان مغفرةً لذنبِه وعتقاً لرقبتِه من النار وكان له مثل أجرِه مِن غيرِ أن ينقصَ من أجرِه شيء . قال الصحابة : ليس كلُّنا يجدُ ما يُفَطِّر به الصائمَ – حالتُهم المادِّيَّة أنَّ الكثيرَ منهم لا يجدُ شيئا يُفَطِّر به الصائم – قال صلى الله عليه وسلم : يعطِي اللهُ هذا الأجرَ مَن فَطَّرَ صائماً على مَذْقَةِ لبَنٍ أو شَربةِ ماء أو على تمرة} تمرة واحدة أو مَذْقَة لبن أو شربة ماء يجد بها هذا الثواب. { مَن فَطَّر فيه صائما من مالٍ حلالٍ صَلَّت عليه الملائكة ليالي رمضان وصلَّى عليه جبريلُ ليلةَ القدر } . وجاء في روايةٍ بالسَّنَدِ الحَسَن : أنه قال { وصافحَه جبريل ليلةَ القدر } ومَن صافحَه جبريل يَرِقّ قلبُه وتكثرُ دموعه.
أيها المؤمنون: لتُنزِلُوا همومَكم وشؤونَكم بِمَن بِيَدِه الأمرُ في الظُّهورِ والبُطون، ومَن يقولُ للشَّيء كُن فيَكون، ولتُحسِنُوا مراجعةَ الحساباتِ لاستقبالِ ما بقيَ مِن أيام وليالي الأعمار المُنقضيات، ولتَتواصلوا بالله، وليَغنم الناسُ ما جعلَ الله لهم مِن أسبابِ التواصلِ -خصوصا مَن حُصِروا منهم في بيوتِهِم أو مُنِعُوا مِن التجوُّل في شوارعِ مناطقِهم – فعَليهم أن يتواصلوا بهذه الوسائل لله ومِن أجل الله ، وأن يُقيمَ الجماعةَ أحدُهم والقيامَ في رمضانَ مع أهلِه وأولادِه الذين يعيشُ معهم ، وليَجعلها مَسحةً مِن تفقُّدِ الأمانةِ والمسؤوليةِ في تربيةِ الأسرة وفي العنايةِ بهم والنظرِ والتفكيرِ في شأنِهم . وليأخذِ الجميعُ عِبرةَ ما يُنزِلُ الله مِن شؤونٍ على ظهرِ هذه الأرض جلَّ جلال جلاله . وليعلموا أنَّ الامتناعَ عن مجالسِ الغفلةِ واللَّهو والسَّهو في رمضان كان يجبُ أن يكونَ الامتناعُ عنها بدافعِ الإسلامِ وبدافعِ الإيمان. فيَا حسرةَ المسلمين الذين لم يقطعْهم عن ذلك إلا قراراتُ الدولِ لخَوف فيروس وشيءٍ مِن هذه الأمراض! .. فلينقطعوا عنها اليوم، وليتذكَّروا ذاكَ اليومَ ليكونَ انقطاعُهم على أساسٍ صحيح، لينقطعوا عن سهراتِ الغفلةِ في رمضان وعن أسواقِ المُجونِ في رمضانِ لأجلِ الواحدِ الديَّان الذي بِيدِه الفَيروسُ وغيرُ الفيروس، لأجلِ الحيِّ القيومِ جل جلاله وتعالى في علاه .
ألا إنَّه واحدٌ من الأمراض التي يرسلُها الله على العبادِ وما يعلمُ ما في طيِّ غيبِ ربِّك إلا هو ( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) جل جلاله وتعالى في علاه.
عافانا الله والأمةَ من الأسقامِ والأمراضِ الظاهرةِ والباطنة، وكشفَ عَنَّا الشدائدَ الحسِّيَّة والمعنويَّة . ومَن نازلهم ذلك الدَّاءُ مِن أهلِ الإسلام عجَّل اللهُ لهم بالشفاءِ والعافية، ودفعَ عنهم البلايا والأمراضَ كلَّها، ومَن حَفِظَهم مِن ذلك أدام اللهُ حفظَهم وخلَّصَنا وإياهم مِن الأمراضِ الأخطرِ، أمراض القلوبِ التي شأنُها خزيٌ يومَ المحشَر ( يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).
نسألكَ يا حيُّ يا قيُّوم أن تجعلَ رمضانَ هذا في هذا العام مِن أبرَكِ الرمضاناتِ على جميعِ أهلِ الإسلام، وأمَّة خيرِ الأنام، وعلى جميعِ أهلِ الأكوان . يا حيُّ يا قيومُ اصرِفنا مِن جُمعتِنا والقلوبُ عليك مجموعة، والدعواتُ عندكَ مسموعة، اللهمَّ وأنظِمنا في سِلكِ مَن أحببت وقرِّبنا فيمَن قَرَّبت، ووفِّقنا لكثرةِ الصلاةِ والسلامِ على نبيِّك الذي تُصلِّي على مَن صلَّى عليه واحدةً تصلي عليه منكَ عشرَ صلوات، وتُسَلِّم على مَن سَلَّم عليه عشرَ تسليمات، وأولَى الناسِ به يومَ القيامةِ أكثرُهم عليه صلوات.
اللهم أدِم صلواتِك على مَن قلتَ في حَقِّهِ تعظيماً وتكريماً : ( إِنَّ الله وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ).
صلِّ وسلِّم عليه صلواتٍ تجمعُنا بها معه في البرازخِ ويومَ القيامة، وفي دارِ الكرامَة، وتُورِدُنا بها حوضَه المَورود، وتُظلُّنا بها بظلِّ لوائهِ المَعقود.
اللهم أدِم صلواتِك على النبيِّ محمد، وعلى الخليفةِ مِن بعدِه المختار وصاحبِه وأنيسِه في الغارِ، مُؤازِر رسولِك في حالَيِ السِّعَةِ والضِّيق، خليفةِ رسولِك سيِّدِنا أبي بكرٍ الصِّديق. وعلى ناشرِ العدلِ في الآفاقِ المُتَخَلِّق بتربيةِ محمدٍ بأحسنِ الأخلاق، قامعِ الكفرِ والزَّيْغِ والنِّفَاق، أميرِ المؤمنينَ سيِّدنا عمر بن الخطاب. وعلى مَن اسْتَحْيَت منهُ ملائكةُ الرَّحمن، مُحيِي الليالي بتلاوة القرآن، كثيرِ النَّفَقَةِ في سبيلك في طَلبِ الرضوان، سيدِنا أميرِ المؤمنين ذي النُّورَينِ سيِّدِنا عثمانَ بن عفان. وعلى أخي النبيِّ المصطفى وابن عمِّه ووليِّهِ وبابِ مدينةِ علمِه، إمامِ أهل المشارق والمغارب أميرِ المؤمنين سيدِنا عليِّ بنِ أبي طالب.
وعلى الحسَنِ والحُسين سيِّدَيْ شبابِ أهلِ الجنةِ في الجنةِ وريْحَانَتي نبيِّك بِنصِّ السُّنَّة، وأمِّهِما الحَوْرَاءِ فاطمةَ البَتولِ الزَّهراء، وبناتِ المصطفى، وعائشةَ الرضى وخديجةَ الكبرى وأمَّهات المؤمنين، وأهلِ بيعةِ العقبة وأهل بدرٍ وأهل أحدٍ وأهلِ بيعةِ الرضوان، وسائر الصَّحبِ الأكرمين وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.
اللهم جودَك لنا ولأمةِ حبيبِك المحبوب، ودفعَك لجميعِ البلايا وتفريجَك لجميعِ الكروب، اللهم اجعل رمضانَ المقبلَ علينا مِن أبركِ رمضاناتِ أمةِ حبيبِك محمد في كلِّ غيبٍ وفي كلِّ مشهدٍ ، وافتح فيه أبوابَ الَفرج وارفَعِ الضيقَ والحَرج، وألِّف ذاتَ بين القلوب، وألهِمهم الإقبالَ عليك والإنابةَ مع مَن ينيب ويتوب. اللهم وحقِّقنا بحقائقِ صدقِ الإقبال، وأسعِدنا بما أنت أهلُه في جميعِ الأحوال، وارفَعنا إلى مراتبِ قُربِك العَوال، ولا تَحرِمنا خيرَ ما عندك لشرِّ ما عندنا، يا عظيم النَّوال، يا جزيلَ الإفضال، يا كافي الأهوال، يا حيُّ يا قيُّوم يا وال، أصلح شؤونَنا في الدنيا والمآل بما أصلحتَ به شؤونَ الصالحين أهلَ الكمال برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
واغفر لنا ووالدينا ومشائخنا وذوي الحقوق علينا والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات أحياهم وموتاهم إلى يومِ الميقات بأعظمِ المغفرات وأتمِّ المغفرات وأشملِ المغفرات يا غافرَ الذنوب والخطيئات يا أرحم الراحمين.
ونسألُكَ لنا وللأمَّةِ مِن خيرِ ما سألكَ منه عبدُكَ ونبيُّكَ سيدُنا محمََّد، ونعوذُ بكَ مما استعاذكَ منه عبدُكَ ونبيُّكَ سيِّدُنا محمَّد، وأنتَ المستعانُ وعليكَ البلاغُ، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلا باللهِ العليِّ العظيم.
عبادَ اللهِ: إنَّ الله أمرَ بثلاثٍ ونهى عن ثلاث:
( إِنَّ الله يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )
فاذكروا اللهَ العظيمَ يذْكُركُم، واشكروهُ على نِعَمهِ يَزِدكُم، ولَذِكْرُ اللهِ أكبر.
25 شَعبان 1441