ما يخرج به المؤمن من دروس رمضان في حقائق الإسلام والإيمان والإحسان
خطبة الجمعة للعلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ في جامع الإحسان في حارة حصن عوض،بمدينة تريم، 6 شوال 1446هـ بعنوان:
ما يخرج به المؤمن من دروس رمضان في حقائق الإسلام والإيمان والإحسان
كيف نستثمر دروس رمضان؟ (فوائد مكتوبة من الخطبة):
لتحميل الخطبة نسخة إلكترونية pdf:
نص الخطبة :
الحمد لله، جعل الليل والنهار خِلفةً لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شكوراً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحاط بكل شيء علماً، وكان على كل شيء قديراً.
فأعظِم به سميعاً بصيراً لطيفاً خبيراً، تواباً غفوراً، أعدَّ لمن أطاعهُ جنات تجري من تحتها الأنهار، وأعدَّ لمن كفر به وعصاه ناراً وسعيراً.
وأشهد أن سيدنا ونبينا وقُرّة أعيننا ونور قلوبنا محمداً عبده ورسوله، بعثه إلى العباد بشيراً ونذيراً، وداعياً إليه بإذنه وسراجاً منيراً.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك وكرِّم على عبدك المجتبى المختار سيدنا محمد، وعلى آله وأهل بيته الذين أذهبت عنهم الرّجس وطهّرتهم تطهيراً، وعلى أصحابه المهاجرين والأنصار الذين رفعت قدرهم وآتيتَهم من لدنك أجراً كبيراً، وعلى من اتبعهم بإحسان في منهج الحق والإيقان والصدق والإتقان، فرفعتَ لهم بذلك منازلهم لديك، ووقيتَهم سعيراً، وآتيتهم جنةً وحريراً.
اللهم صلِّ معهم على آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، من جعلتهم لعبادك قدوةً ونوراً، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى ملائكتك المقرّبين وجميع عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أما بعد،،
عباد الله، فإني أوصيكم وإياي بتقوى الله، تقوى الله التي لا يقبل غيرها، ولا يرحم إلا أهلها، ولا يثيب إلا عليها، وإن الواعظين بها كثير، وإن العاملين بها قليل.
إدراك مهمتنا في الحياة:
أيها المؤمنون الذين خرجتم من دروس رمضان في صيامه وقيامه، ونفحات الله وتجلِّياته، وما وَعد وآتى على لسان رسوله محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-.
إن مُهمتَكم في هذه الحياة أن تُدركوا العظمة في الخالق الموجد -تعالى في علاه-، وأن تُدرِكوا المرجع والمصير إليه، فتستعدّوا للقاه، عاملين بطاعته، مُجتنبين كل ما نهاكم عنه جل جلاله في ظاهر الأمر وخفاياه.
من هم أهل التقوى؟ :
وأهل التقوى هم الذين يحوزون خيرات الجبار الأعلى، والإله الرحمن سِرّاً ونجوى، في الدنيا وفي الأخرى، (والعاقبة للمتقين)، {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ}، {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}.
ومَن أهل التقوى؟
-
هم الذين أيقنوا بعظمة إلههم،
-
وأيقنوا بإرساله إليهم خاتم أنبيائه،
-
فامتثلوا لأمره واجتنبوا ما نهاهم عنه، وأقاموا حياتهم في ذواتهم وأشخاصهم وأنفسهم، وفي بيوتهم وأسرهم وأهليهم وأولادهم، وفي معاملاتهم وعلائقهم مع الكبير والصغير، على منهاجه جل جلاله، ممتثلين ما أمر، مبتعدين عما عنه نهى وزجر، خشيةً منه ورجاءً فيه، واستعداداً للقائه والمصير إليه جل جلاله.
وهؤلاء المتّقون هم خيار الخليقة، أدركوا الحقيقة واستمسكوا بالعروة الوثيقة، فكانوا أكارم على الله الخلاق.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.
لنسلم من موجبات الخزي والندامة:
وكان من أعظم مقاصد دروس الصيام المفروض في رمضان، ودروس القيام المسنون المندوب في رمضان:
أن يتثبت أساس التقوى، وأن يرتقي المؤمن في حقائق هذه التقوى، في السر وفي النجوى، ليسعد في الحياتين، ويفوز في الدارين، ويسلم من موجبات الخزي والندامة في يوم القيامة.
التي يُخزى فيها أكثر المكلفين مِن الذين بلَغتهم دعوة ربهم فأعرضوا، وكانوا مستَعبَدين مُستَرَقّين لأنفسهم وأهوائهم وشهواتهم، ولأهواء غيرهم ممن لم يَخلقهم ولم يرزقهم، ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، من أجناسهم الذين يموتون وإلى الله يرجعون، ويوم القيامة يُبعثون.
{احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ}، لأمر الواحد القهار جل جلاله.
{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ * قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ}، إلى آخر ما يجري من الحوار بينهم الذي لا ينفع أصحابه شيئا.
{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}.
وهذا مصير كل من اتبع فرداً أو هيئة أو جماعة أو حزباً أو حكومة إلى غير ما شرع الله وفي مخالفة منهج الله جل جلاله.
(إِذ تَبَرَّأَ ٱلَّذِینَ اتُّبِعُوا۟ مِنَ ٱلَّذِینَ اتَّبَعُوا۟} و {يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَاءَكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ}.
هذا مصير كل من تتابع على مخالفة شرع الله من أفراد وهيئات وجماعات وشعوب ودول، ولا ينجو إلا من اتبع أنبياء الله، ومن أمر الله باتباعه من خلفاء الأنبياء من أرباب الإنابة والصدق، {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}.
دروس الصيام والقيام:
فيا صاحب دروس الصيام والقيام، ماذا حصل في معاني تقواك للإله الملك العلام؟
وكيف تستقبل ما بقي من عمرك من الليالي والأيام؟
فإنك في رمضان ودّعت أعداداً ممن تعرف خرجوا من هذه الحياة، وفيما قبله كم ودعت من أقوام ظنوا أنهم يدركون رمضان فلم يدركوه، وأمدَّ الله في عمرك حتى أتممت رمضان، وجاءت أيام عيد الفطر من شهر رمضان، فما صنع بك رمضان؟
ما فعل بك رمضان؟
ما استفدت من رمضان وليالي رمضان وأيام رمضان؟
ودروس صيامه التي غايتها التقوى فيما قال ربك: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
شهر رمضان شهر المحاسبة والأوبة والرجعة والإنابة، شهر التقويم للمسلك، والإصلاح للنفس والأسرة، والتطهير للبيوت عن برامج الكفرة والفجار، الداعية إلى معصية الإله الغفار جل جلاله.
آثار المغفرة بعد رمضان:
أيها المؤمنون بالله، من غُفِر له في رمضان فآثار المغفرة لتبدو وتظهر عليه فيما بعد رمضان، من خلال فكره وسلوكه، وتوجهه ومعاملاته، وما يقيمه في أيامه ولياليه.
وترى الذين استناروا بنور التقوى في رمضان يخرُجون وهم أهل رغبات في القرب من الرحمن، ومواصلة العبادات والطاعات.
صوم ست من شوال:
فمن أول ما يقومون به ويودِّعون به الشهر: الرغبة في صيام النّفل بعد صيام الفرض، فيُتبِعون رمضان ستاً من شوال.
والذين بادروا وباشروا هم في صومهم اليوم الخامس من بعد يوم الفطر، وما بقي بعد معهم إلا يوم واحد بعد هذا اليوم، ومن لم يبادر فشوال فرصة له أن يغنَم صيام الست من هذا الشهر قبل أن يرحل، فيُكتب له صيام السنة كلها، فكأنه صامها فرضاً، فضلاً من الله جل جلاله وتعشُّقاً منه للعبادة.
يخرج من صوم رمضان ويصوم ستاً من شوال:
-
تكون فيها الطُّهرة له،
-
ويكون فيها المُداواة لقلبه،
-
ويكون فيها المغفرة لذنوبه،
-
ويكون له كعِدل صيام السنة كلها، فضلاً من الله جل جلاله وتعالى في علاه،
-
وتكون علماً أنه استفاد من سر التقوى رغبة في مواصلة العبادات والطاعات فيما بقي من الأيام والليالي والساعات إلى الممات، {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}.
ثمرات قبول الصيام:
يعدُّ رمضانُ من قام بحقه أن يكون:
-
واعياً للحقيقة،
-
جندياً للرب جل جلاله في القيام بأمره على ظهر هذه الأرض،
-
مُحرَّراً مِن تَبَعِية النفوس والأهواء والشهوات،
-
مستقيماً على ما أحب منه عالم الظواهر والخفيات، رب الأرض والسماوات الذي إليه المرجع وإليه المصير، ويحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون يوم الميقات.
أيها المؤمنون بالله، يجب أن تظهر آثار الصيام والقيام بعد رمضان على أهل الإسلام في أفكارهم ووجهاتهم ونياتهم وعقائدهم وما تُكنّه سرائرهم وضمائرهم، وفيما يظهر ويبرُز على أعينهم وألسنهم وآذانهم وأيديهم وفروجهم وبطونهم وأرجلهم؛ من التّحلي بطاعة الله والبعد عن معصية الله، والتمسك بتقوى الإله جل جلاله وتعالى في علاه.
تلكم نتائج الدروس لمن تزكّت لهم النفوس، وعرفوا عظمة الإله الملك القدوس جل جلاله، واستعدَوا للوصول إلى الرموس، وهي القبور، فتهيأوا للأرماس، بمراقبة خالق الجِّنة والناس، والبُعد عن متابعة الخنّاس الوسواس، وإقامة الأساس في اتباع خير الناس، فتبعية الأنبياء موجبةٌ للفوز والرُّقي ونيل السعادة ولدخول جَنّة الله جل جلاله، والنّجاة من خزي يوم القيامة. {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}، {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
التهيؤ للآخرة:
إن دروس الصيام ترفع أربابها إلى قوة اليقين والإيمان، وقوة الإدراك للحقيقة في معرفة عظمة الرّب الذي كَوَّن السماوات والأرض، وأعدَّ الجمع للخلائق في يوم العرض، {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَىٰ مِنْكُمْ خَافِيَةٌ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ} قدّمتُم {فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} الماضية.
أيام الدنيا احتَرزتُم عما حرم الله عليكم، طهرتم قلوبكم، وطهرتم دياركم عن تبعية الفساق وشِرار الخلق، وما يبُثّون من فكر ومن سوء مسلك في الحياة، من الذين يستهينون بأمر الله، ومن الذين يُضادّون شرع الله جل جلاله، تركتم كل ذلك واتبعتم الأنبياء، {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ}.
{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا} يعني الموتة السابقة الماضية (كَانَتِ الْقَاضِيَةَ) ولم أعد إلى الحياة مرة أخرى {يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ}، وما اكتسبته من حرام ماذا أفادني؟
وماذا يُغني عني؟
وإلى أين يوصلني؟
وأيّ شيء وراءه غير العذاب والتعب؟
{مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ}.
وما كنت أفتخر به من جاهٍ بين الناس أو سلطةٍ أتسلّط بها على ذا أو ذاك ماذا أفادت؟
{هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ}.
فيكون الجواب أمر الله للملائكة زبانية النار: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ}.
بماذا خرجت من رمضان؟ :
انظر أيها المؤمن، بأي حال خرجت من رمضان؟ وما وجهتك؟ وما نيتك؟ وما معاملتك؟ وكيف تُقيم أمر الله في نفسك وأسرتك وفي بيتك؟
-
لا ترضى بما خالف الشرع الحنيف في عادة ولا حركة ولا سكون، ولا مناسبة زواج ولا غيره من المناسبات في بيتك،
-
اتّق الله تعالى وتزوّد بمراقبتِه جل وعلا،
-
وأقم ما شرع لك على يد رسوله المصطفى المختار صلوات ربي وسلامه عليه وآله وصحبه ومن سار في دربه.
خاتمة الخطبة الأولى:
اللهم ثَبِّتنا على ما تحبه منا وترضى به عنا، من النيات والمقاصد والأقوال والأفعال، واجعل رمضان الذي رحل عنا شاهداً لنا لا شاهداً علينا، وحُجة لنا لا حُجة علينا، واجعلنا ممن كتبت لهم القبول والتوفيق، وثبّتَّهم على أقوم طريق وألحقتهم بخير فريق.
اللهم ولا تجعله آخر العهد من رمضان وأعدنا إلى أمثاله في صلاح كل شأن في السر والإعلان، لنا وأهل بلداننا والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، يا رب العالمين وأكرم الأكرمين.
والله يقول وقوله الحق المبين: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
وقال تبارك وتعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}.
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}،
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وثبّتنا على الصراط المستقيم، وأجارنا من خزيه وعذابه الأليم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولوالدينا ولجميع المسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله، حمداً نزداد به إيماناً ويقيناً، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً بها الله مِن عذابِ الآخرة ومن شرور الدنيا يحفظنا ويقينا، ونشهد أن سيدنا ونبينا وقُرة أعيننا ونور قلوبنا محمداً عبده ورسوله، بعثهُ الله تعالى بالحق بشيراً ونذيراً، وداعياً إليه بإذنه وسراجاً منيراً، فجاءنا بالآيات نوراً مبيناً.
اللهم أدِم صلواتك على المختار المصطفى سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن سار في دربه، وعلى آبائه وإخوانه من أنبيائك ورسلك وآلهم وصحبهم، وعلى ملائكتك المُقربين وجميع عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أما بعد،،
عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله عباد الله، وأحسنوا يرحمكم الله، إن رحمة الله قريب من المحسنين.
معرفة الله وعظمته:
وأهل التقوى هم من عرفوا عظمة هذا الإله، وعظمة المرجع والمصير إليه جل جلاله.
أيها المؤمنون، وأهل هذه المعرفة هم السعداء الناجون، الذين تنفعهم معرفتُهم هذه في الحياة الدنيا بالدخول في دوائر التقوى، وعند الوفاة، وفي القبور، ويوم البعث والنشور، ولهم أُعِدّت الجنات، {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ}.
ماذا ينفع من الدنيا؟ :
أيها المؤمنون بالله، وكل معرفة من دون هذه لا تساوي شيئا، ويَظهر حقيقة أنها ليست بشيء ولا تنفع بشيء من عند الغرغرة فما بعدها إلى الأبد.
فما تنفعهم تلك المعلومات وقد جهلوا عظمة الخالق المُطَّلع على الخفيات؟
ما تنفعهم تلك العلوم وقد جهلوا عظمة الحي القيوم؟
وما تفيدهم تلك الثقافات بأصنافها إذا لم يدركوا من خلقهم؟ ولماذا خلقهم؟ وكيف يرجعون إليه؟
وينادَون {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}.
فلا والله، لا طائرات مسيّرات، ولا أسلحة للدمار الشامل منجيةٌ لأحد منهم، ولا حضارات ولا ثقافات، ولا تنافسات على الماديات والفانيات، والله لا يفيدهم من ذلك شيء، ولا يُنقذهم من العذاب من ذلك شيء، ولا يُخلِّصهم من الخزي والنكال شيء من ذلك، {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}، فغرّتهم الحياة الدنيا وغرهم بالله الغرور.
فيا أيها المؤمن بالإله الحق، اشكر الذي آتاك هذا الإيمان، فهو أغلى من الرئاسات والوزارات، وأغلى من الحضارات، وأغلى وأعلى وأجل وأثمن من التكنولوجيا والصناعات، أن تؤمن برب الأرض والسماوات.
وكل من لم يقم بحق هذا الإيمان فهو في الخسران كائناً من كان، لا يفيده شيء: {مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ}.
ما له من صَديقٍ، ما له من ذي علاقةٍ نافعة، تبرّأ بعضهم من بعض، ولعن بعضهم بعضاً، والعياذ بالله تبارك وتعالى.
الصّلات الشريفة والصّلات الفاسدة:
وإنما الصِّلات الشريفة: صِلات المؤمنين من أجلِ الله ببعضهم، صِلاتهم بأنبيائهم، صِلاتهم بأرباب النور والتقوى فيهم، تحاببهم في الله.
{يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}.
{الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ * يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}.
ماذا تفيد الأسلحة؟
وماذا تفيد الإمكانيات؟
وماذا تفيد القُدرات العسكرية وغيرها؟
مَن يُصبحون ويُمسون على قتل النفوس وانتهاك حُرمات الأطفال والنساء والعُزَّل والأبرياء، ويُخرّبون في الأرض ويفسدون، {وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}.
وماذا عندهم من ثقافات تُعتَبَر؟ وماذا عندهم من آدمية وإنسانية؟ ماذا عندهم؟ {أولئك الذين طبع الله على قلوبهم} ، {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ}.
يا أسفا على هذه العقول! :
ويا أسفاه على من تأثر بعاداتهم وكلامهم وخرافاتهم في ثقافاتهم وترك سنن المصطفى محمد، وترك منهاجه القويم وهَجَرهُ في نفسه وبيته وأهله ومعاملته، يا أسفاً على هذه العقول!
لن ينفعك أنك ظننت واعتقدت في نفسك أنك مُثقّف وأنك مُطلع وأنك مُتحضّر وأنك مُجارٍ للأحداث وأنت في الأخباث، وأنت في الظلمات، وأنت في البُعد عن رب الأرض والسماوات، لا والله لن يفيدك شيئا من كل هذا!
العزة في التقوى :
ألا إن العزة في التقوى، وطوبى للمتقين، ويا خيبة من ضيع أوامر الله ووقع فيما حرم الله عليه، من كل من بَلغته دعوة الله تبارك وتعالى الذي قال: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا}.
فويلٌ لمن اغتر غروراً وصفه الجبار جل جلاله في القرآن عنهم، يقول سبحانه: {أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ * وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ * يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ * وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ النَّارُ * لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * هَٰذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}.
فيا أيها المؤمن، خُذ نصيبك من التذكّر بلبّك وعقلك الذي آتاك الله، وما أكرمك به من بلوغ رمضان وصيامه وقيامه وآثار ذلك فيك، فطوبى لمن أجاب رب الأرباب، ولدعوة رسوله استجاب، أولئك الذين يحيَون الحياة الطيبة في الدنيا القصيرة، ويسعدون السعادة الكبرى في البرازخ ويوم يقوم الحساب.
{يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}.
خاتمة الخطبة الثانية :
اللهم كما بلّغتنا رمضان وإتمامه فتقبّل مُنا صيامه وقيامه، واجعلنا في المقبولين الذين تُوفّر حظهم من رحمتك ومغفرتك والعتق من النار، والعتق من العذاب والعتق من النّفاق والعتق من الذنوب والسيئات.
اللهم وباقي الأعمار فاجعلها مصروفةً فيما نَكسب به حقائق السعادة وننال به الحسنى وزيادة، متعاونين على البر والتقوى في السر والنجوى يا أكرم الأكرمين.
وأكثروا الصلاة والسلام على عبد الله وحبيبه خير الأنام، مَن جعله الله لكم مصباحاً ونوراً، ودليلاً على طاعته هادياً بشيراً ونذيراً.
اللهم صل وسلم على عبدك السراج المنير المجتبى المختار سيدنا محمد،
وعلى صاحبه وأنيسه في الغار، مؤازره في حاليي السعَة والضيق خليفته سيدنا أبي بكر الصديق.
وعلى الناطق بالصواب حليف المحراب، ناشر العدل بين البرية في الإنابة والصواب، أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب.
وعلى مُحيي الليالي بتلاوة القرآن، من استحيت منه ملائكة الرحمن، أمير المؤمنين ذي النورين سيدنا عثمان بن عفان.
وعلى أخ النبي المصطفى وابن عمه، ووليه وباب مدينة علمه، إمام أهل المشارق والمغارب أمير المؤمنين سيدنا علي بن أبي طالب.
وعلى الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة في الجنة، وريحانتي نبيك بنص السنة، وعلى أمهما الحوراء فاطمة البتول الزهراء، وعلى خديجة الكبرى وعائشة الرضا.
وعلى الحمزة والعباس وسائر أهل بيت نبيك الذين طهرتهم من الدنس والأرجاس، وعلى أهل بيعة العقبة وأهل بدر وأهل أحد وأهل بيعة الرضوان وسائر أصحاب نبيك الكريم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الهول العظيم، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين ويا أكرم كريم.
الدعاء :
اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين.
اللهم أذِل الشرك والمشركين، اللهم أعلِ كلمة الدين، اللهم اجمع شمل المسلمين، اللهم ارأف وارحم عبادك الذين أوذوا بغير حق واستطال عليهم الظلم واستطال عليهم العدوان من الكفرة والفجار والأشرار المعتدين الظالمين الغاصبين، اللهم رُد كيد الكفار المعتدين في نحورهم وادفع عن المسلمين جميع شرورهم.
إلهنا في يوم عيد الفطر قَتلوا أطفالاً منا ونساء، وقتلوا منا صغاراً وكباراً، وجرحوا منا أعداداً كثيرة، اللهم اخزهم واخذلهم واهزمهم وزلزلهم واجعل الدائرة عليهم واكف المسلمين جميع شرورهم.
اللهم تدارك الأمة واكشف الغُمة وعامِل بمحض الجود والرحمة.
اللهم لا تجعل في سلوك أحد منا في نفسه ولا في بيته سبباً لهزيمة المسلمين، ولا لتسلُّط المجرمين الكافرين، واجعلنا أسباباً لرفع البلاء بالاستقامة على ما تحبه منا وتقوى في السر وفي النجوى.
اللهم واجعلنا من أعظم من استفاد من الشهر المبارك شهر رمضان وارتقى في مراتب الإسلام والإيمان والإحسان، وخرج بكسوة من كسوات الغفران والرضوان لا تنزعها عنه أبداً يا كريم يا منان.
اللهم اكتب لنا كمال السعادة ونيل الحسنى وزيادة، وصلاح الغيب والشهادة، واغفر لنا وآبائنا وأمهاتنا وذوي الحقوق علينا، ولمن فقدناهم من إخواننا في شهرنا هذا الذي مضى وفيما قبله، وارحم موتانا وأحيانا برحمتك الوسيعة يا واسع الرحمة يا كاشف الغمة، عامل بمحض الجود والرحمة وابسط لنا بساط الفضل والنعمة، وكن لنا بما أنت أهله في كل مُهمة.
واختم أعمارنا بلا إله إلا الله، متحققين بحقائقها يا حي يا قيوم يا الله، فاختم لنا بأكمل الحسنى وتولنا بما أنت أهله ظاهراً وباطناً حِساً ومعنىً، يا خير الغافرين يا أرحم الراحمين.
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.
عباد الله، إن الله أمر بثلاث ونهى عن ثلاث: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر.
06 شوّال 1446