(228)
(536)
(574)
(311)
خطبة الجمعة للعلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ في جامع الروضة، بعيديد، مدينة تريم، 26 ربيع الثاني 1445هـ بعنوان:
استغاثة الرب الحق واستنصاره بتقواه والتذكُّر بالحوادث وتقلُّب الأوضاع
الحمدُ لله، الحمدُ لله، الحي القيوم القادر، الملك العزيز الفاطر، الرحيم التوّاب الغافر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الواحد الأحد العزيز القادر، الأول الآخر، الباطن الظاهر، عالم السرائر، جامع الأولين والآخرين، فيحكم بينهم في اليوم الآخر.
وأشهدُ أن سيدنا ونبينا وقُرَّة أعيننا ونور قلوبنا محمداً عبده ورسوله، وحبيبه التقي النقي الطاهر سيد الأوائل والأواخر، اللهم صلِّ وسلم وبارك وكرم على عبدك المجتبى المصطفى سيدنا محمد نور البصائر والبواصر، وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبعه بإحسان إلى اليوم الآخر، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين سادات المقربين الأطاهر، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم والملائكة المقربين وجميع عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أما بعد،
عباد الله فإني أوصيكم وإياي بتقوى الله، تقوى الله التي لا يقبل غيرها، ولا يرحم إلا أهلها ولا يثيب إلا عليها، وإن الواعظين بها كثير وإن العاملين بها قليل، وعليها يقوم حال العبد مع إلهه الحي القيوم في الدنيا والبرزخ ويوم الميقات المعلوم، وعليها يترتب شأن الثواب والعقاب، وشأن البعد والاقتراب، وشأن الشقاء والسعادة، وبإهمالها دخول النار، وبالقيام بحقها نيل الحسنى وزيادة، وعليها يترتب نصر الله للمؤمنين الأتقياء، فلا يُسلمهم لعدوِّه ولا يأذن بظهور أهل الباطل عليهم أو استحلال بيضتهم، وإن كان الحرب سِجَال وفي الأيام مداولة يداولها ذو الجلال، القائل جلّ جلاله: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * ولِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ * وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ * ومَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ).
أيها المؤمنون بالله،
يمتلئ عالم الدنيا بغلبة وتسلّط الأهواء والأغراض وطغيان النفوس والدنيا وتسلُّط الشياطين على هذا الإنسان، يغلُب عليه وعلى أكثر الجان في هذه الأرض؛ الكذب والزور والافتراء والظلم والخيانة والاجتراء والخديعة والاعتداء، وقلْب الحقائق والغيبة والنميمة وأنواع الجريمة؛ تغلُبُ على الناس في هذا العالم لانقطاع قلوبهم عن مكوِّن الكون وموجِد هذا العالم، لغفلتهم، لعدم تطهُّر بواطنهم، لعدم إدراكهم الحقيقة وعملهم بمقتضاها.
ومن ضيّع التقوى وأهمل أمرها ** تغشته في العقبى فنون الندامة
(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).
أيها المؤمنون بالله، وتجري الأحوال والحوادث بالناس على مقتضى ما كان من التقوى وما كان من إضاعتها، ألا إن المتقين هم الفائزون، ألا إنهم هم المنصورون، ألا إنهم محطّ نظر الرحمن جلّ جلاله، وخيرته من خلقه وبرِّيته، وما أكثر الخداع والمكر عند من لا يتقي، ومع ذلك فإن الله يرعى جانب المتقين ولا يسلّط الكافرين على المؤمنين فيستبيحوا بيضتهم أبداً، ولكن بإضاعة التقوى يُسلّط بعض المسلمين على بعض، ويجعل بأسهم بينهم شديداً، فيدرك عدو الله إبليس بُغيته على أيدي هؤلاء الأباليس الذين خلتْ قلوبهم من خشية الله وخوفه لجهلهم وطغيانهم، وصاروا جسراً لإبليس يصلُ بهم إلى التفريق والتشتيت والإيذاء للمسلمين بما لا يصلُ به على أيدي الكافرين والمكذبين، وإن الله قد أمّن نبيَّهُ أن يسلِّط على أتباعه من المؤمنين عدواً من خارج أنفسهم، كما أمَّنهم أن يعمهم بعذاب يأتيهم من فوقهم أو من تحت أرجلهم، ولكن أخبره أنه يسلّط بعضهم على بعض ( يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ)
أيها المؤمنون بالله جلَّ جلاله وتعالى في علاه، ولولا خيانة بين أهل الإيمان ومطاوعة بعضهم لأهل الكفر والعدوان لم استقر قرارٌ للكفار بين المسلمين، يحتلُّون أراضيهم ويُهجِّرونهم من مكان إلى مكان، ويريدون أن يتابعوا سياسة التهجير فلا يبالوا بعد ذلك أن يقتلوا الصغير والكبير، وأن يتعمَّدوا أماكن المستشفيات وبيوت الآمنين والعُزَّل، ولا يبالوا بطفل ولا امرأة ولا شيخ هرم ولا أعْزَل بعيدًا عن القتال، ثم بعد ذلك ربما تبجَّحوا في ظلماتٍ وإفكٍ أنهم يدافعون عن أنفسهم، عن أنفسهم والله ما كان الدفاع عن النفس في يوم من الأيام قتل الأطفال والأبرياء بعد احتلال الأراضي، والله ما هذا إلا ظلمٌ فوق ظلم وعدوانٌ فوق عدوان، فما يدافع عن نفسه من أُسْتيل عليه ومن اُحتلَّ أرضه وداره بغير حق، ومن أُريد أن يُهجَّر ويُخرج من أرضه ويُخْرَج من داره من غير حق، إلَّا أن يقولوا ربُّنا الله، إلا أنهم مسلمون ليسوا على منهج الذي يريد أن يحتلَّ الأرض، وأن يبسُط سلطانه قهراً عليها.
أيها المؤمنون بالله، وكل هذه الأحداث تُذكِّر وتنذِرْ وتبشِّر (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ) فمن استمسك بحبل التقوى فإن جميع خداع المخادعين ومكر الماكرين من أهل الأرض يتهاوى أمام قدرة القوي المتين، (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)[الأنفال:30] جلّ جلاله وتعالى في علاه، ولكن (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ).
ألا فلينطلق المؤمنون بالله في استنصارِهم ربهم واستنجادِهم لإغاثة المكروبين والمظلومين كأمثال من هو بارزٌ وبادٍ للعيان خبرهم في غزة اليوم. ألا فليستنصر الله لهم بإقامة التقوى وبالتحقق بحقائق التقوى.
اللهم نوِّر قلوب المؤمنين وبصائرهم، وارزقهم الاستمساك بما يوجب عزَّهم ونصْرهم في دنياهم ويوم يقوم الأشهاد يا رب العباد.
والله يقول وقوله الحق المبين: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) وقال تبارك وتعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا ۗ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ * وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [ ال عمران: 148]
(ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ ۖ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ * سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ۖ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ۚ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) [آل عمران : 151]
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفَعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وثبَّتنا على الصراط المستقيم وأجارنا من خزْيه وعذابه الأليم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولوالدينا ولجميع المسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله القوي القادر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العزيز الغافر، المهيمن القاهر، بيده أمر الباطن والظاهر، وأشهد أن سيدنا ونبينا وقرَّة أعيننا ونور قلوبنا محمداً عبده ورسوله، صفَّى الله به السرائر ونوَّر البصائر، اللهم أدم صلواتك على سيد الأوائل من عبادك والأواخر، سيدنا محمد خير تقي وشاكر وذاكر، وعلى آله وأهل بيته الأطاهر وصحبهِ الغرِّ الأكابر، ومن توالاهم واتبعهم بإحسانٍ فأضحى وأمسى على منهاجهم سائر، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين سادات أهل نور البصائر، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم والملائكة المقربين وجميع عباد الله الصالحين أرباب صفاء السرائر، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين، يا أولُ يا آخرُ يا باطن يا ظاهر.
أما بعد عباد الله،
فإنِّي أوصيكم ونفسي بتقوى الله -لا إله إلا الله- فاتقوا الله، ينصركم الله، واتقوا الله يكُن معكم تعالى في عُلاه
أيها المؤمنون بالله، اجتمِعوا واملؤوا قلوبكم بولاء بعضكم لبعض من أجل الله، واخرجوا عن ورطات التحريش والتباغض والتباعد، فإن المتنازعين فاشلون وليس لهم نصرٌ من عند الله (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) واعلموا أن من تولّى منكم فسيستبدل ربُّ السماوات والأرض به غيره، وسيختار ممن على ظهر الأرض اليوم من يختارُ ربُّ السماء والأرض جلَّ جلاله، ليصدقوا معه ويؤمنوا به ويتقوه وينصروه بما استطاعوا؛ من تقوى ومن دعاء، ومن بذلٍ للمستطاع من مالٍ أو غذاءٍ أو دواءٍ أو ما تعلّق بذلك، يرجون وجه الكريم المالك.
وهؤلاء الذين ينتخِبهم رب الأرض والسماء، هم الذين سينصرهم ويؤيِّد الدين الكريم بهم، ويتهاوى أمامهم ويبطلُ مكرُ الماكرين وخداع المخادعين (وَإِن كَانَ مَكۡرُهُمۡ لِتَزُولَ مِنۡهُ ٱلۡجِبَالُ) (وَقَدۡ مَكَرُوا۟ مَكۡرَهُمۡ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكۡرُهُمۡ وَإِن كَانَ مَكۡرُهُمۡ لِتَزُولَ مِنۡهُ ٱلۡجِبَالُ* فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ) (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) أي أهل التقوى (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا).
فاخرجوا من الجمعة بجمعية قلوب على الله، ونادوا أنفسكم وأهليكم والأمة من حواليكم أن اتقوا الله، مستنصرين الله بتقواه ودعائه وكثرة التضرّع إليه (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ) واعلموا أن الله تعالى لا يبيح بيضة الإسلام ليهود ولا لنصارى ولا لمجوس ولا لهندوس ولا لملحدين ولا لأي صنف من أصناف الكفار ولا الفاسقين (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) ولكن ينتخب من يشاء، ويتخذ من عباده شهداء، ويميزَ الخبيث من الطيب، ويختار لقُرْبه وفضله ورحمته من يشاء.
اللهم الطُفْ بنا والمسلمين في غزة، صغيرهم وكبيرهم ذكَرَهم وأُنثاهم، وفي جميع بقاع الأرض لطفاً لائقاً بجودك يالطيف، وارحم وارأف وألِّف ذات البَين وانقذ وخِّلص وردَّ كيد المعتدين الغاصبين ومن ولاهم، رُدَّ كيدهم في نحورهم يا مُنزل الكتاب يا منشئ السحاب يا هازم الأحزاب يا من بيده الأمر كله أهزمهم وزلزلهم يا قوي يا متين، واجعل الدائرة عليهم واكفِ المسلمين جميع شرورهم ومكرهم ومقائدهم، يا من هو عُمْدتنا وعُدتنا وملجأنا ومرجعنا يا أرحم الراحمين.
وأكثروا الصلاة والسلام على نبيه الأمين، يُصلِّي عليكم ويرحمكم وينصركم، فإنه من صلَّى على نبيِّه واحدة صلى الله عليه بها عشراً، وإنَّ أوْلاكم به يوم القيامة أكثركم عليه صلاة، فأنعِم بها ذخراً، ولقد قال ربُّ العرش آمراً بعد أن بدأ بنفسه وثنى بالملائكة ومخبراً للمؤمنين تعظيماً وتكريماً وتفهيماً (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) اللهم صلِّ وسلم عليه.
اللهم صلِّ وسلم على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، السراج المنير عبدك المصطفى محمد البشير النذير، وعلى الخليفة من بعده صاحبه وأنيسه في الغار مؤازره في حال السعة والضيق، خليفة رسول الله سيدنا أبي بكر الصديق، وعلى الناطق بالصواب حليف المحراب أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب، وعلى محيي الليالي بتلاوة القرآن من استحيت منه ملائكة الرحمن أمير المؤمنين ذي النورين سيدنا عثمان بن عفان، وعلى أخي النبي المصطفى وابن عمه ووليِّه وباب مدينة علمه، إمام أهل المشارق والمغارب أمير المؤمنين سيدنا علي بن أبي طالب، وعلى الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة في الجنة، وريحانتي نبيك بنص السنة وعلى أمهم الحوراء فاطمة البتول الزهراء، وعلى خديجة الكبرى، وعائشة الرضا، وأمهات المؤمنين، وبنات المصطفى الأمين، وعلى الحمزة والعباس وسائر أهل بيت نبيك الذي طهرتهم من الدنس والأرجاس، وعلى أهل بيعة العقبة وأهل بدر وأهل أحد وأهل بيعة الرضوان وسائر الصحب الأكرمين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعزَّ الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أذلَّ الشرك والمشركين، اللهم أعلِ كلمة الدين، اللهم دمِّر أعداء الدين، اللهم أعلِ كلمة المؤمنين، اللهم نجِّ وخلّص المسلمين في غزة من ظلم الظالمين واعتداء المعتدين والسفك والتدمير للبيوت وللمستشفيات وللطرقات، اللهم رد كيد أهل الكفر والعناد والشقاق والفساد، اللهم حوّل الأحوال إلى أحسنها، وانصر دينك ومن ينصر دينك وادفع شرَّ أهل المكر ورُدَّ مكرهم عليهم يا حي يا قيوم، اللهم لا تسلّط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، اللهم تب علينا توبة نصوحا، زكِّنا بها قلباً وجسماً وروحاً.
واغفر لنا وللمؤمنين وللمؤمنات والمسلمين والمسلمات؛ احيائهم وموتاهم إلى يوم الميقات يا خير غفار، واسترنا يا أكرم ستّار، وانصرنا فإنا منك نرجو النصر يا من به الانتصار، يا قائلاً في الكتاب (إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ) نسألك أن تنصرنا وأهل الحق والهدى في جميع الأقطار نصراً عزيزاً مؤزراً يا الله، وكن لنا بما أنت أهله حيثما كنا وأينما كنا (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) (رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).
واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) نسألك لنا وللأمة من خير ما سألك منه عبدك ونبيك سيدنا محمد، ونعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ونبيك سيدنا محمد، وأنت المستعان وعليك البلاغ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
عباد الله إن الله أمر بثلاث ونهى عن ثلاث (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر.
27 ربيع الثاني 1445