(229)
(536)
(574)
(311)
أيها المؤمنون بالله جل جلاله.. إنَّ يومَ مولدِه يوم الإنقاذ للبشرية، يوم الإسعاد للناس ولهذه الأكوان ومَن فيها، يوم التخليص مِن شرور سطَوات الكفر والفسوق والعصيان والاعتداء والظلم وقتلِ الأبرياء وأخذِ القويِّ مالَ الضعيف وإهانتِه واستحلالِ ماله.. كان وضعُ البشرية على هذا الحال أفرادا وجماعات، ما بقي لآثار الأنبياء والفطرة السليمة إلا آثارا ضئيلة قليلة في أفراد لا تقاوم انحطاط البشرية في غيِّها وضلالِها وسفهِها وكفرِها وعبادتِها غيرَ الله سبحانه وتعالى، فجاء مولدُ النبي لينوِّر، وجاء ليطهِّر، وجاء ليبشِّر وينذر صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فلا شك أنَّ ميلادَه ليس كميلادِ سواه، بل هو المميَّز الأشرفُ الأكرم الأعز، ولذا ظهرت في هذا الكون آياتٌ لم تظهر في مولد أحد مِن الأنبياء قبلَه.
يا أتباع المصطفى.. بصدقِكم مع الله في الظاهر والخفاء تتحول أحوالُ بيوتكم وأسركم وأهيلكم ومَن فيها وما فيها، وتتحول أحوالُ أصحابكم وأصدقائكم، وتتحول أصحابُ أعمالكم وزمالاتكم وأصحاب مجالساتكم بما تصدقون به مع الله وتنشرون من الخير، ألا إنه لا يأس مِن روح الله ولا يأس مِن فضل الله لمَن صدق مع الله.
بلغت البشرية مبلغاً في الانحطاط.. فجاء ميلاد زين الوجود منقذاً لهذه البشرية وكان حالنا معشر بني آدم على ظهر الأرض كما قال ربنا: {وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} وبعد إشراق هذا النور وإكرامنا ببعثة ورسالة بدر البدور.. صار حالنا: {كنتم خير أمة أخرجت للناس}.
أيها المؤمن بالله.. خُذ من ذكرى المولد أن تتولَّد فيك أنوارُ الصدق مع عالم السر والعلن لتقتديَ بالنبيِّ المؤتمن، الصابر المُكابِد المجاهد صلوات ربي وسلامه عليه، والذي كان مثال حُسن التعامل وكريم الأخلاق في صبرِه وجُهدِه وتحمُّلِه وجهادِه حتى فيما قابلَ به المقاتلين الصادِّين عن سبيل الله، فكانت له قِيم وقوانينُ صدقٍ وأدبٍ وإنصاف وترفُّع عن غلواِء النفوس وعن غيِّها وضلالها، وهو الذي حرَّم أن يُمثَّل بأحد من القتلى الذين صدُّوا عن سبيلِه وضادُّوه وعاندوه، وهو الذي تولَّى دفنَ أولئك القتلى من الصادين المشركين المؤذين له صلى الله عليه وآله وسلم حفاظا لحقِّ الإنسانية ولكرامتها.
أيها المؤمنون بالله.. يجب أن يُعظَّم النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم وميلاده ونشأته وأخلاقه وسيرته وبعثته وغزواته وجميع ما جاء به عن الله في قلوب أهالينا وأولادنا التي اختطفتها أيادي الغفلات وتعظيم الفانيات والألعاب والضحك في الترهات.
إن ذكرى الميلاد تُبين سواء السبيل لأهل الهدى والرشاد.
إن ذكرى الميلاد تحمل العزم من نفس كل مؤمن بالنبي على الاهتداء والاقتداء به في الخافي والباد.
إن ذكرى الميلاد تحمل معاني الولاء لله ولرسوله، وتعظيم ما عظَّم الله مِن شعائره، ( ومَن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) فاستفيدوا من الذكرى، واستقيموا سرًا وجهرا، تنالوا مِن ربكم البشرى في الدنيا والأخرى.
للاستماع والحفظ:
للمشاهدة:
https://www.youtube.com/live/y9J925z0XpY?si=0YbdgPhOVxnCsoVY
17 ربيع الأول 1445