فوائد من خطبة: أساسيات فوارق أعمال المؤمنين وأعمال الكافرين وما يترتب عليه الإعمار والتخريب
فوائد من خطبة جمعة للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ:
المؤمنون بالله مَنوطٌ بهم أمر العِمارة والإصلاح؛ لأنفسهم وأهاليهم وأسرهم ومجتمعاتهم ومن يستجيب نِداءهم، وعليهم أن يكون من بينهم مُفكِّرون مُتفرِّغون؛ للقيام بعبء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الهدى، (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) وبهم تحصل السلامة من الشذوذ والانحراف.
بالفقه في الدين يبيعون في الأسواق، بالفقه في الدين يصنعون الحِرف والمِهن والأشغال، بالفقه في الدين يتعاملون مع الصغير والكبير والقريب والبعيد والمؤمن والكافر، معاملة محكومة بِنظام البارئ الفاطر، وقدوة النبي الطاهر صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم؛ بذلك تمتاز حركتهم في الحياة.
فعليها يتّرتب الإصلاح والفلاح، والفوز والنجاح، وانتشار الخير في النواح، وبث حقائق الألفة والأخوة والمحبة، والتعاون على البر والتقوى، والرفق والرّفد لبعضهم البعض، وكفِّ العدوان والظلم وأنواع الطغيان.
(فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا)؛ نسي هَيمنة الإله وإحاطة الإله والرجوع إلى الإله، نسي كل ذلك، (وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)؛ انحصر في المال والمُلك، وقضاء الشهواتِ التي تُسمى بهيمية، (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ).
(ذَٰلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ) لا يتجاوز علمُهُم هذا مهما سُمي بثقافة، ومهما سُمي بِعلم، ومهما سُمي بإدراك ومهما سُمي باطّلاع، ومهما سُمي بِتقدُّم ومهما سُمي بتطوّر؛ فلا يتجاوزُون هذا الحدَّ؛ أغراض وشهواتٍ ومالٍ وسلطةٍ، يُمهّدُون لها ويتحرّكُون فيما يجلبها وفي خدمتها.
على أعمال هؤلاء يقوم الفساد في الأرض، وعلى أعمال هؤلاء يحصل الشر على أهل الأرض، وعلى أعمال هؤلاء تكون الفضائح في يوم العرض والخزي في القيامة، ويكون الهلاك الأبدي.
أحسِنوا التصرُّف بالأقوال والأفعال وما يصدُر منكم؛ فإن المؤمنين يقيمون الوزن لإحضار القصد والنية، ثم لطلب مرضاة رب البرية، ومتابعة الهادي إلى الطريقة السوية، وهم يَرتجونَ من الله فضلًا ورضوانًا حتى فيما يأكلون ويشربون، ويُعاشرون أهليهم ويلبسون، ويأخذون ويعطون، ويسمعون وينظرون، ويقولون ويفعلون.
لا يُراقِب من كفر بالله ولا من شابه الكُفار من أهل الغفلة عن الله إلا مصالح الحياة، ومراقبة ما يخاف منه سجناً أو مؤاخذةً أو تغريمًا لمادةٍ، لا يُحرِّكه غير ذلك في انطلاقه في الحياة.
قامت الفوارق بين المؤمنين بالخالق وبين الكفار في انطلاقهم في العمل في هذه الحياة؛ إنهم لا يعملون إلا للأهواء والأنفُس والشهوات، وإن المؤمن ليُسخِّر شهوته في مرضاة عالم الظواهر والخفيات؛ يُخضِعها ولا يخضع لها.
الخطبة كاملة:
07 ربيع الثاني 1446