(236)
(536)
(575)
(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا ..(77)) أهل هذه المسالك لا يقوم منهم شأن على حقٍّ ولا على حقيقة، ولا على صِحّة قط؛ ولكنها تلفيقات وتقليبات للحقائق، وزُخرُف مِن القول تقوم به جميع مبادئ الكفر والفسوق على ظهر الأرض؛ ليس لهم مِن أساسٍ قَويم يقومون عليه، ولا تَوافقٍ مع ما أُوتي هذا الإنسان مِن فضل خالقهِ؛ من سمعٍ وبصرٍ وعقلٍ وإدراك ومشاعر؛ بل يتناقضون مع كل ذلك، وينسون خالقهم الذي أوجدهم ومرجعهم إليه.
قال تعالى: (وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79))
أكثر الناس هموماً في الدنيا وتعباً باطنيّاً هُم الكفرة بالله والمعاندون لآيات الله، ولو تقلَّب في زخرف الأرض مِن طرفها إلى طرفها لم يزدد إلاَّ غصصًا في باطنه، وضيقًا لا يجد به أُنسًا، ولا راحة ولا طمأنينةً للقلب.
(إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا):
جاء في الأحاديث أنه من عند الخروج من القُبور تقابل الملائكة أرواح المُقرّبين والصالحين وأهل الدنو من الله بالنجائب، يركبونهم عليها وتطير بهم إلى ظل العرش وأماكنهم التي أعدّها الله لهم (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَٰنِ وَفْدًا) اجعلنا منهم وأدخِلنا فيهم يا رب.
لَّا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَٰنِ عَهْدًا (87))
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا)؛ المُقبلون على الله بقلوبهم، تجد الفِطَرْ السليمة والقلوب غير التي تكاثرت عليها الظلمة، تجد لهم مَودَّة، ما تدري من أين أو ما سببها! بِمُجرّد ما تقع الأعين عليهم تَحسُّ الأرواح والفِطَر ميلاً إليهم، كان في وصف نبيه: من رآه بديهة هابه ومن خالطه أحبّه، "لمّا نظرتُ وجهه عَلِمتُ أنّه ليس بوجه كذّاب" ﷺ.
(سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا)، وفي وِدّهم للرحمن ومن الرحمن مَعاني ما يُعبّر عنها اللسان، تَطرَب لها الأرواح؛ فتصير في نشوان، كل منهم نشوان بعجائب هذا التفضّل الربّاني الرحمّاني.
- لمّا مرّ على الآية ليلة الإمام محمد بن حسن جمل الليل عليه رحمة الله، وقال في صلاته في قيام الليل: (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا) ذاقت روحه معنى الودّ، فأخذ يُكررها: "وُدًّا.. وُدًّا" حتى طَلع الفجر، فما أعجب وِداد الربّ لِمَن أحبّ وقرّب! والله يجعل لنا منه نصيباً وافراً وحظّاً أَرْحَب.
(وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ) يا موجودين الآن اعقلوا، ماذا معكم؟ كم قد مضى قبلكم؟! من قال مثل قولكم؛ ومن كان أشد قوة وتمكين في الأرض؛ ذهب وصار عِبرة، ماذا تعملون بأنفسكم؟! وإلى أين تذهبون؟
اللهم وفِّقنا للأعمال الصالحات القلبية وبأعضائنا كلها، اجعل اللهم ألسنتنا عاملات بالصالحات، وعيوننا عاملات بالصالحات، وآذاننا عاملات بالصالحات، وفروجنا عاملات بالصالحات، وبطوننا عاملات بالصالحات، وأيدينا عاملات بالصالحات، وأرجلنا عاملات بالصالحات، واجعل قلوبنا مُتمَكّنة في العمل بالصالحات، وزِدنا إيماناً في جميع الأنفاس واللحظات والآناء والساعات.
من تفسير سورة مريم - 10 - من قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} الآية 77 إلى آخر السورة
ضمن دروس التفسير للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ في جلسة الإثنين الأسبوعية، 9 جمادى الأولى 1446هـ
للاستماع والحفظ، أو قراءة الدرس مكتوباً :
للمشاهدة:
https://www.youtube.com/live/HWdcdQfDI64?t=1424
02 جمادى الآخر 1446