فوائد من: تفسير سورة طه (5) المحبة الربانية وأثر الذكر في حياة المؤمن

العلامة الحبيب عمر بن حفيظ:

 قال الله لموسى: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي (39))؛ من عجائب تَصَرُّف القُدرة الإلهية بالحِكمة: أنَّ أهل الإيمان وأهل الصدق مع الرحمن، من أهل التقوى في السر والإعلان؛ تُقذَف في القلوب محبتهم، وتَجِد حتى كثير مِمن غَلبتهم نفوسهم فعادوهم فإنهم يحسون في بواطنهم أنَّ هؤلاء أخيار، وتَجِد في خُصوص المُؤمنين قُوة محبة تسري لهم من حين أن تقع أعينهم على وجوههم، قَبل أن يُكَلِّموهم ويُعاملوهم (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي).

الصورة

 

(لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَع وَأَرَىٰ)، يقول سيدنا المصطفى لسيدنا أبو بكر وسط الغار (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا)، ونقول لأهل الصدق والإيمان مِمن قذف الله في قلوبهم نور الأدب معه والصدق واليقين بما جاء به: (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا) وسيرد كيد الكافرين والفاجرين.

الصورة

 

(يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ..(39)) فلا تجوز مُعاداة المُسلِم، كما لا تَجوز مُوالاة الكافر، في عَظَمة شريعة الحق الخالِق أُسُس حُسن الجِوار، وحُسن التعامل والبِر والقِسط بكل من لم يُحارب، وكل من لم يُقاتل، كل من لم يَصُد عن سبيل الله، كل من لم يَظلِم، كل من لا يَعتدي؛ لأنَّ الشريعة قائمة (فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ).

الصورة

 

(فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ (44)) ؛ انويا هدايته وإنقاذه من النار والخطر الذي هو فيه، لأنني ما تَعبَّدت عبادي بإرادة الضرر لعبادي إلا بالرحمة، وما أنزلتُ الكُتب إلا رحمة ولا أرسلت الرُّسُل إلا رحمة، وما تَعبَّدت أحد يَضُر عبادي ويتمنى الشر لهم!

 

- إنما تكون النعمة عليك بأن يوفقك؛ في حالة المرض، في حالة الصحة، في حالة الفقر، في حالة الغنى، في حالة الاستتار، في حالة الظهور والشهرة؛ أن يُوفِّقك لمرضاته والصدق معه، والإخلاص لوجهه، والعمل بما يُحِب؛ هذه النعمة! من دون هذا ما ينفعك شيء!

- لا مال ولا غنى ولا مُلك ينفع صاحبه إن لم يمدّه الله بتوفيقه وتأييده، صاحب الصحة، صاحب المال، صاحب الوجاهة، صاحب السلطة؛ إن أمده الله بتوفيقه وهداه للعبودية له ينجح ويفلح؛ وإلا تكون وبال عليه ما ينفعه شيء منها، بل تكون سبب لزيادة بُعده وطرده وإثمه وعقابه.

الصورة

 

(وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي) لا تُقصِّر؛ لأنَّ به إمدادكم من حضرتي، وبه إفاضة الفضل عليكم، وبه نصركم.

(وَلَا تَنِيَا) لا تعجزا، ولا تتوانا ولا تتأخرا ولا تكسلا عن ذكري.

قال بعض الصحابة: يا رسول الله إن شرائع الإسلام كثُرت علي، فمرني بعمل أتشبّث به، قال: "لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله"، اللهم أعِنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

وجدنا أخيار الأمة وصلحاءها يصبغون حياتهم وحياة أولادهم بل حياة مجتمعاتهم بأنواع الذكر في أحوالهم: في البيوت، في الشوارع، في الأسواق، في المِهن والحِرف والأعمال؛ أنواع من الذكر؛ نثر، شعر، ذِكر، مناسباتهم، أفراحهم، أتراحهم، ومنهم من كان في مدرسة حضرموت وكثير من مدارس الصالحين في شرق الأرض وغربها؛ صبغوا أنفسهم وصبغوا بيوتهم ومجتمعاتهم بذكر الله.

الصورة

___

 لقراءة الدرس كاملاً أو المشاهدة:

https://omr.to/q-taha5

تاريخ النشر الهجري

19 شَعبان 1446

تاريخ النشر الميلادي

17 فبراير 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية