(228)
(536)
(574)
(311)
كل صفة من أوصاف الله تعالى إذا سمعناها واعتقدناها، علمنا أنها الصفة اللائقة بالله، وأن ما يقابل ذلك من صفات المخلوقين فهي صفات ناقصة حادثة قابلة للزوال، محدودة محصورة، أما بالنسبة للحق تبارك وتعالى: فإن المعنى فيها لا يكون إلا ما هو لائقٌ بجلاله وما هو لائقٌ بكماله سبحانه وتعالى.
صفة السمع للمخلوقين لا علاقة لها بصفة السمع بالخالق، ولا مشابهة ولا مقاربة ولا مماثلة، السمع هو الصفة القائمة بذات ربنا اطِّلاعٌ منه سبحانه وتعالى على الموجودات؛ لا يتعلق بمجرد الأصوات، فهو يسمع الصفات ويسمع الخواطر ووقوعها في القلوب، ويسمع طيران الطير في الهواء، ويسمع رفع النملة لرجلها ووضعها على الأرض؛ وهذه لا أصوات لها.
نفى الحق السماع المعنوي عن القوم المُعْرضين، قال تعالى: (لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ): يُشير إلى أن المُهمة الكبيرة لما أعطى المكلفين من الأسماع والأبصار أن تدلُّهم على المعاني والحقائق، وأن يتوصَّلوا بها من الظاهر والجسمانيات إلى الأرواح والمعنويات، فاذا لم يستعملوها ولم يصلوا بها الى هذا الكمال فكأنهم لم يسمعوا وكأنهم لم يبصروا.
أعلى الكمالات فيما يتعلق بالسمع الموهوب للكائنات والمخلوقات سمع المصطفى محمد ﷺ، وبذلك أسمعه الله ما لم يسمع غيره جل جلاله، وكان من مجْلى ذلك وأظهره في ليلة الاسراء والمعراج، فأسمعه ما لم يُسمع سيدنا الأمين جبريل وما لم يُسمع بقية الكائنات الاخرى كلها؛
فسمعتَ ما لا يُستطاع سماعهُ ** وعقلتَ ما عنه الورى قد ناموا
من حضرة عُلوية قدسية ** قد واجهتك تحية وسلامُ
ودنوتَ منه دنوّ حقّ أمرهُ ** فينا على أفكارنا الإبهامُ
الاستماع إلى القرآن بفهم اللغة العربية أقرب إلى فهم المعاني المرادة، وكان قُربةً إلى الله تبارك وتعالى أن تتعلم اللغة من أجل وعي كلام الله وخطابه سبحانه وتعالى الذي وصل إلينا معبَّرا باللسان العربي المبين.
بصره تعالى لا يتعلَّق بنور ولا بظُلمة؛ يستوي النور والظلمة، يستوي القريب والبعيد، يستوي الصغير والكبير، يستوي فيه جميع الكائنات؛ فيُبصر سبحانه الصور ويبصر المعاني ويبصر الأشياء كلها، يبصر ما في قلبك ويبصر ما في ضميرك، ويبصر تواضعك ويبصر كِبرك من دون أن يظهر عليك شيء من أثر الكِبر، يبصر الإخلاص ويبصر الرياء.
يُذكر عن سيدنا الخليل إبراهيم في قوله: (أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ) هو بالبصيرة يشاهد عظمة إحياء الموتى، فأراد في مرتبة حق اليقين أن يخرق نور البصيرة بصره؛ ليشاهد هذا الأمر المعنوي في إحياء الموتى بالبصر، مقام كبير، قال فيه: (لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي).
للاستماع إلى الدرس السابع والمشاهدة، أو قراءته مكتوباً:
19 ذو الحِجّة 1445