(229)
(536)
(574)
(311)
أهل دعوى الحُرية ودعوى الإنسانية ودعوى إعطاء الحقوق لأهلها.. هم الذين يتبوؤون مراكز الإذلال لذا وذاك، والسيطرة لفرض القيود والأوامر على ذا وذاك، ونحن بعقولنا في هذه الحياة الدنيا نُدرك ما فيه الصلاح العام والخير العام بموازين متعلقة بالفِطرة، تحقيقها ما يتم إلا بنورانية الأمر والنهي بالوحي والتنزيل من قِبَل الخالق الجليل جل جلاله.
ومن لم يؤمن بهذا الإله، ولم يتحقق بحقائق الإيمان الذي يجعله منقادًا وخاضعًا لهذا الإله جل جلاله وتعالى في علاه، فمهما كان عنده من نسبة الفِطرة.. فإن الانحراف واقعٌ عليه في كثير من تصوراته وتصرفاته على ظهر هذه الأرض؛ لأن للمسار في الحياة ضبط وميزان، كما أننا في الكون من حَوالينا لا يستطيع أحد أن يضبط موازين الأرض والسماء والشمس والقمر والكواكب والنجوم، بل ولا يستطيع أن يغير أو يُبدل شيء من الثوابت التي جعلها الله في خلقنا من عهد آدم إلى اليوم, الهيئة التي خلقنا الله عليها على أحسن تقويم.
نحن في زمان ظهر فيه من يُنكر العقل أيضًا! يقول ما في شيء اسمه عقل! هي هوايات ورغبات عند الناس! يعني يريدون أن يستبدلوا بالقوة الرصينة التي تميز بها هذا الإنسان، وتضبُط مسلكَه في الحياة.. يستبدلوها بالهوى المُردي الساقط الذي يجعل الإنسان لا كالحيوان بل أضلّ من الحيوان كما قال سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُون} غفلوا عن حقيقتهم وحقيقة إنسانيتهم، وحقيقة خلقهم وحكمة وجودهم، وما عرفوا مُوجدهم الذي كوّنهم جل جلاله.
بيّن الحق تبارك وتعالى لنا بيانًا يجعل المؤمن يعرف قدر النعمة ويرثى ويتأسف على من عرّض نفسه للخسران المحقق بل المؤبد، قال تعالى: {وَالْعَصْرِ ⚪️ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ⚪️ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر} هؤلاء وحدهم هم الذين ينجون من الخُسر، وجِنس الإنسان غير هؤلاء.. واقعٌ في الخسران ووالعياذ بالله تبارك وتعالى، من كل من بلغته دعوة إلهه الذي خلقه على أيدي رسله فكذّب وأدبر واستكبر نعوذ بالله من نغضب الله ونسأله كمال الإيمان واليقين، اللهم كما أنعمت علينا بالإسلام فزدنا منه، وكما أنعمت علينا بالإيمان فزدنا منه، وكما أنعمت علينا بالعافية فزدنا منها، وكما باركت علينا بالعمر فبارك لنا فيه.
حق الذين أكرموا بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره من الله تعالى أن يستشعروا مِنّة الله الكبيرة عليهم، وأن يُحكموا تبعيتهم لهؤلاء الأنبياء في اتباع سيد الأنبياء الذي قال في حقيقة مكانته عند الله بين الأنبياء: "لو كان موسى حيًّا ما وسعه إلا اتباعي".
لو فرضنا أن أنبياء الله ورُسله رجعوا إلى قيد الحياة الدنيا في عالم التكليف.. لم يُقبل منهم إلا اتباع هذا النبي، ولم ينجوا ولم يفوزوا إلا بالانقياد لهذا النبي، فمن غيرهم يمكن أن يكون على حق أو هُدى في مخالفة هذا النبي؟! لو الأنبياء بأنفسهم وهم أفضل الخلق وصفوة الله وُجدوا على ظهر الأرض.. لم يكن لهم منهج ولا شريعة إلا منهج محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم، وينزل عيسى ابن مريم عليه السلام على ظهر هذه الأرض في الوقت الذي حّدده الله له.. فلا يعمل إلا بسنة النبي محمد، ولا يطبق إلا شريعة النبي محمد, ولا يعمل إلا بما بيّنه النبي محمد صلى الله على نبينا وعليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلامه عليهم أجمعين.
نحن في هذه المواهب الرّبانية من اجتماعنا على الوِجهة إلى الله وتذاكُر ما أوحاه، واتصالنا بنبيه محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم الذي نوقن أتم اليقين أنه لا يوجد في الناس ولا في جميع خلق الله من هو أحق أن يُكرم أو يُعظّم أو يُمدح أو يحتفل به أو يٌحتفى به من النبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم؛ لسِرِّ أنه الأكرم على الخالق المُكوِّن والأعظم عند الإله المُنشئ الموجِد جل جلاله وتعالى في عُلاه, وهو القائل: أنا أكرم الأولين والآخرين على الله يوم القيامة ولا فخر.
يمكنكم خلال ما تبقى لكم من الأنفاس في هذه الحياة أن تكسبوا النفائس، وأن تقيموا أمر الله بالتعظيم والاستقامة على المنهج القويم، وإحياء سنن من بشّر من أحيا سُننه عند فساد الأمة بأن يكون معه يوم القيامة، وأن يُعطى أجر شهيد أو سبعين شهيد أو مئة شهيد على حسب الروايات، قال: "من أحيا سُنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة" صلى الله وبارك عليه وعلى آله.
بحُسن وِجهتك إلى الله تبارك وتعالى.. تتفتّح لك الأبواب في الاتصال بهذا الجناب، وفي إمداد الله لك بتوفيقه، فمن فتح على نفسه باب نية حسنة.. فتح الله له سبعين بابًا من أبواب التوفيق، وأمثال هذه المجالس هي مواطن النيات الحسنة لبقية عمرك.
الحمد لله على قيام هذه الخيرات، والحمد لله على وجود هذا التفضل الإلهي بأن نجتمع في مثل هذه البلدان والأوطان على الذكر والتذكير آمنين مطمئنين، نتواصى بالحق والصبر، اللهم حققنا بحقائق الإقبال عليك مع كمال القبول لديك برحمتك يا أرحم الراحمين.
للاستماع والحفظ:
___
T.me/HabibOmar
25 ربيع الأول 1445