(228)
(536)
(574)
(311)
الجمعة: اجتماعٌ للقلوب في وجهةٍ إلى علَّام الغيوب، وتعرُّضٌ لغَفرِ الزَّلَلِ والذنوب، وتسبُّبٌ لكشفِ البلايا والكروب، ومواصلةٌ بين القلوبِ لتتآلفَ ولتتآخَى في الله، وتزداد أخوَّتُها التي أوجبَها الإيمانُ وقولُ الرحمن: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}.
وهي جمعيةٌ للقلبِ على اللهِ بذكرِ الله سبحانه، والإنصاتُ إلى الخطبةِ وما يكون فيها مِن وعظٍ للعملِ به، فلا تُقامُ خُطَبُ الجمعةِ للتَّشَهِّي ولا التَّفَكُّه ولا لمجردِ السَّماعِ ولا لثَلْبِ الأعراضِ ولا لإيغارِ الصدورِ ولا لتفريقِ شملِ الأمَّة؛ وإنما تُقام الخُطَبُ للتطهير، وللتنوير، وللتَّنقيةِ للضمير، وللتَّقريب إلى العليِّ الكبير، وللتبصير بالهدي المستنير، ولزيادةِ الإيمان، ولطُهرِ الجَنَان، وللقُربِ مِن الرحمن. هذه مقاصدُ الجمعةِ ومقاصدُ الخطبةِ في يومِ الجمعة.
وإنَّ مِن علامات الساعة أن تتحوَّل الجُمَع إلى تفرقةٍ للقلوب وإيغارٍ للصدور، وبعثٍ للفتنة، وبعثٍ للتفريق بين المؤمنين، وسبٍّ للأحياء أو للأموات -والعياذ بالله تبارك وتعالى-، ويُخرَج بها عن مقصدِها الذي شرعَه الله والذي جعلها اللهُ مِن أجله؛ يومٌ يصفو فيه الحالُ بين المؤمنِ وبين ربِّه يُحاسب نفسَه على ما مَرَّ في الأسبوع، ويتذكَّر، وينزجر، ويتوب، ويُنيب، ويخشع، ويخضع، ويُدرك بذلك بركةَ الجمعة ويومَ الجمعة والاجتماعَ للجمعة.
28 جمادى الآخر 1444