أسرار الحج - 3 - أسرار الأماكن المشرفة في قلوب المؤمنين وأثر النظر:

فوائد من درس قبس النور المبين من إحياء علوم الدين، للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ:

علاقة المؤمن بالأماكن الشريفة:

نسبة علائق المؤمنين بالأماكن الشريفة سواء في الأرض أو في السماء، وانتهاؤهم إلى دار الكرامة والبقاء والنعيم المُخلَّد؛ مترجمة في اغتنامهم لما جعل الله على ظهر الأرض من أماكن طَيِّبة، ومن التواصل بينهم البين في ذوات مُقَرّبيهم وصالحيهم، كما قال عن الأنبياء: (يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَب)، أي: هم الأنبياء بأنفسهم يبتغون الوسيلة أيهم أقرب إلى الله، فبينهم صِلات في القُربة. 

- هذه الأشياء هي التي لها خير يدوم ونعيم يُؤبّد؛ فما هناك في العالَم عظيم إلا العظيم، ولا عظيم في خلقه ولا عظيم في كسب خلقه إلا ما أحبّ وشرع وقرّب، فما أعظم الاتصال بهذا الدين وهذه الشعائر! (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).

مكاسب النظر إلى الكعبة المشرفة:

قال ﷺ: "يُنزِل الله على هذا البيت في كل يوم وليلة عشرين ومائة رحمة، ستون للطائفين، وأربعون للمصلين، وعشرون للناظرين".

مُجرّد النظر إلى الكعبة تكسب به مكاسب من النعيم المؤبّد، ومَن جمع بين النظر بعين التعظيم والطواف والصلاة فقد شارك في المائة والعشرين كلها من الرحمة، بهذا التنزُّل لهذه الرحمات وإفاضتها على الكعبة.

إن للحق تعالى نظرة إلى البيت، وبها تتولَّع قلوب المؤمنين بالبيت وتحبّه وتبجّله، وتستقبله في صلواتها ودعائها، بسرِّ نظر الله إلى هذه البِنية المشرفة.

من عظيم أثر النظر:

النظر إلى الأشياء التي لها منزلة وتنزِل عليها الرحمة يؤثِّر في الناظر؛ لذا كان النظر إلى وجوه المُقرّبين والصِّدِّيقين عظيم الأثر، إذا كان بعين المحبة والمودَّة والتعظيم، تعظيم شعائر الله.

وإذا كان الابتسام في وجه المؤمن صدقة، فكيف إذا كان المؤمن من الأتقياء ومن الصالحين، ويؤثِّر النظر إليهم.

فلا يُشكِل أن كفاراً نظروا إلى وجوه الأنبياء فلم ينتفعوا، لأنهم ما نظروا إليها بعين محبة ولا تعظيم ولا مودة، بل نظروا إليهم بعين تكذيب وعين احتقار، لذا قال بعضهم لما ذكر فوائد النظر أن أبا جهل وزعماء قريش الكفار نظروا إلى النبي ولم ينفعهم، قال: لا، لم ينظروا إلى رسول الله ﷺ، نظروا إلى يتيم أبي طالب وابن أبي كبشة كما يسمونه، لو نظروا إلى رسول الله لكان الأمر آخر، نظره أبو بكر فكيف وقع؟ نظره عمر بهذه العين فكيف وقع؟

كيف ينال الحاج المغفرة؟

الذي يقصد وجه الله فيتوجَّه لتعظيم شعائر الله في مكة المكرمة، يقصد هذا البيت ويحجّه ويطوفه ويعمل أعمال الحج التي شرعها الله على أيدي رُسله وتمَّمها لنا على يد نبينا محمد ﷺ، وقال: "خذوا عني مناسككم". 

كيف ينال الدرجة والمنزلة ومعاني الغُفران؟ حتى قالوا إن الحج المبرور يُكفِّر الذنوب الصغائر والكبائر، ولا يبقى إلا التبِعات؛ يقول ﷺ: "اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج".

فينال الحاج المغفرة بالسؤال المباشر من رسول الله ﷺ، فإذا استغفر لآخر توسّط بوصول الدعوة النبوية والاستغفار إلى هذا، "ولمن استغفر له الحاج"، فيغفر الله تعالى للحاج باستغفاره ﷺ، ولمن استغفر له الحاج باستغفاره ﷺ، هو الذي استغفر لهم: "اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج".

دعاء للحجاج والمسلمين:

الله يبارك لنا في الحجاج والوافدين إلى رحاب الرحمن، حيث الغيث الثجاج والعطاء المتواصل المُنهمل على ساحات القلوب والأرواح، الله يقبلهم ويعينهم، ويُشركنا في دعائهم وتوجّههم وأعمالهم وبركاتهم، ويعيدهم إلى أوطانهم سالمين بعوافي وقبول، ويفتح بهم أبواب الفرج للمسلمين وغياث للمسلمين، ورفع الشدائد والبلاء عن المسلمين.

يا قوي يا متين، أصلِح شؤوننا بما أصلحتَ به شؤون الصالحين، ورقِّنا أعلى مراتب علم اليقين وعين اليقين وحقّ اليقين.

___

 لمشاهدة الدرس كاملاً:

https://www.youtube.com/live/3B5S4bmFNCU

#الحبيب_عمر_بن_حفيظ #قبس_النور_المبين #أسرار_الحج #الحج #الكعبة #إحياء_علوم_الدين #الإحياء #habibumar #habibumarbinhafidz #tarim