(536)
(228)
(574)
(311)
بسم الله الرحمن الرحيم
واصل الحبيب عمر رحلته إلى أوربا بخطى ثابتة في وقت الشتاء القارس، حيث تصل درجة الحرارة إلى عشر درجات تحت الصفر، وهمُّه دعوة الناس إلى ربهم وتذكيرهم بأمور دينهم، وإحياء الهدي النبوي الشريف فيهم، وقصد في محطته الرابعة جمهورية ألمانيا الاتحادية، فوصل إلى العاصمة برلين مساء يوم الأربعاء 5 صفر 1431هـ الموافق 20 يناير 2010م. وكان في استقباله في المطار العديد من الإخوان المهتمين بالدعوة وطلبة العلم الشريف، الذين هم بأمس الحاجة لزيارة من يشد أزرهم، ويزيد من تمسكِّهم بدينهم، ويقوي صلتهم بالله عز وجل ورسوله.
أدى صلاة الفجر في مصلى دار الحكمة في العاصمة برلين، تلتها قراءة أذكار الصباح الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ألقى حفظه الله درساً في كتاب الدعوة التامة للإمام عبد الله الحداد.
وبعد الظهر ذهب لزيارة مكتبة برلين للمخطوطات، حيث يوجد بها ما يقارب 12000 مخطوط عربي، واهتم الحبيب بالمخطوطات الحضرمية العديدة الموجودة.
وفي المساء أدى صلاة المغرب في أكاديمية حسن التعايش، والتقى بعدها بعدد من أئمة المساجد والعاملين في مجال الدعوة. حيث دار الحديث حول أوضاع المسلمين في ألمانيا وحثهم على الوحدة والتماسك، والتناصح فيما بينهم، ليكونوا قدوة لغيرهم من المسلمين، فيشكلون مجتمعا إسلاميا ملتزماً في بلاد الغرب فيكونوا خير دعاة إلى الله عز وجل.
ثم انتقل بعدها إلى دار الحكمة، ليلقي محاضرة بعد صلاة العشاء بعنوان: محل القلب من الأعمال الشرعية. أكد فيها على أن المسلم يهتم بتصفية قلبه من جميع الأمراض، ويحرص على أن تكون أعماله خالصة لوجه الله عز وجل فلا يقصد غيره، وانطلق يتحدث عن معاني حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. مؤكدا على أهمية الاعتناء بالقلب الذي يترتب عيه قبول الأعمال عند الله عز وجل.
افتتح الحبيب عمر حفظه الله يومه الثاني في ألمانيا بأداء صلاة الفجر في دار الحكمة، وثم مجلس الذكر وقراءة أذكار الصباح الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ألقى درسه في كتاب الدعوة التامة.
وألقى خطبة الجمعة في مصلى جامعة برلين التقنية التي توجد بها قاعة تتسع لعدد كبير للمصلين، وكانت بعنوان: ( من صفات المعية المحمدية ) استهلها ببيان شرف المعية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وحثهم على طلب هذه المعية، وأخذ يوضح أوصاف أتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم من قول الله عز وجل: ( محمد رسول الله والذين آمنوا معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ... ) واستطرد حفظه الله في بيان المقصود بالشدة على الكفار في هذه الآية الكريمة، مستشهدا بالتطبيق النبوي لهذه الآية وتعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع أصناف من الكفار من حياته.
وكان معظم الحضور من الطلبة والأساتذة المسلمين من نفس الجامعة ومن جامعات أخرى وجمع غفير من المصلين.
وبعد صلاة المغرب ألقى حفظه الله محاضرة في مسجد الرحمن بعنوان: الإخلاص والتحذير من الرياء، ذكر فيها أن أهم الركائز في الطريق إلى الله الإخلاص مستشهدا بقوله تعالى ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) وبيَّن أن معناه هو التخلص عن إرادة غير الله تعالى، ولا يحصل هذا إلا بهمة قوية، لأن الدواعي كثيرة لصرف العمل لغير وجه الله تعالى، وذكر أن المخلصين يخافون الرياء وأن المرائي لا يخاف الرياء. ثم عدَّد مراتب الرياء وأقسامه وطرق العلاج منه، وحذر من ترك العمل خوفا من الرياء لأنه يحقق مطلب إبليس في إحباط العمل.
وبعد العشاء اجتمع مع كثير من الإخوان في دار الحكمة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقراءة شمائله الشريفة وسيرته المباركة.
كسابقيه من الأيام حرص الحبيب عمر على أداء صلاة الفجر في مصلى دار الحكمة، الذي يزداد فيه المصلون كل يوم ليظفروا بالأجر العظيم في إحياء ما بعد الفجر حتى طلوع الشمس بذكر الله عز وجل، وواصل الحبيب شرحه لكتاب الدعوة التامة، ليرسخ في نفوسهم أهمية الدعوة إلى الله وعظيم الحاجة إليها، ويبين الأصول الصحيحة للقيام بها.
وأدى الحبيب عمر بن حفيظ صلاة الظهر في أكاديمية حسن التعايش، وهي مدرسة إسلامية تأسست مؤخرا لتهتم بتدريس علوم الشريعة المطهرة، ولتكون منبرا تربويا وتعليميا وإرشاديا للمسلمين في تلك البلاد، والتقى الحبيب عمر بالمدرسين والطلاب، وتعرف على المناهج المقررة وسير الدراسة واستمع إلى الصعوبات التي تواجههم لتجاوزها والنهوض بمستوى هذه المؤسسة التعليمية الناشئة لتؤدي دورا رياديا في خدمة الإسلام.
وانتقل وقت العصر إلى دار الحكمة وألقى محاضرة قيمة بعنوان: ذكرَّ الحاضرين فيها بنعمة الولد، وواجب الاهتمام به وتربيته التربية الصالحة، وغرس الأخلاق والفضائل فيه من الصغر، ليكون ذلك حصنا له من جميع الفتن التي يواجهها في حياته في بلاد الغرب، ويصمد أمام كل تيار يسعى لزعزعة إيمانه وتمسكه بدينه.
وفي المساء توجه إلى مدينة بوتسدام، وزار جمعية المسلمين الألمان التي تأسست عام 1999م وتعرَّف على نشأة الجمعية ونشاطها، واجتهادهم في تقريب غير المسلمين وتوضيح مفاهيم الإسلام لهم، وفتح المجال التعرف على الإسلام عن طريق اليوم المفتوح وهو يوم الأحد من كل أسبوع، إضافة إلى جهودهم الطيبة في التعامل مع المسلمين الجدد وترسيخ الإسلام فيهم، ثم ألقى الحبيب عمر محاضرة في مقر الجمعية بعنوان: الإسلام والمجتمع، بارك في مستهلها جهودهم الطيبة في الدعوة إلى الله، وعقد مجالس الذكر والتذكير، وحث على الاهتمام بها، وقال: إذا تحققنا بحقائق الإيمان رجالا ونساء كنا رحمةً على من نسكن بينهم، وإذا نظرنا إلى هذا الخدمة العظيمة بواسطة هذه المجالس وهؤلاء القوم المؤمنين علمنا وجود منافع من وراء العقول يسوقها الله للعباد،
واستشهد بذكر قصة سيدنا يونس وفضيلة الدعاء الذي دعا به في بطن الحوت، وأخذ منها أننا في بحر المجتمع البشري، وتوجد فيه أحواتٌ لا تلتقم الذوات ولكن تلتقم القيم والأخلاق، فإذا التجأنا إلى الذكر لم تستطع هذه الأحوات أن تلتقم من قيمنا وأخلاقنا شيئا.
في خاتمة أيام زيارته لألمانيا، واصل الحبيب عمر درسه اليومي في كتاب الدعوة التامة بعد أداء صلاة الفجر والأذكار بعدها في دار الحكمة.
وفي وقت الضحى زار حفظه الله الزاوية النقشبندية التركية، ويشكل الأتراك المسلمون نسبة كبيرة في عدد المسلمين في ألمانيا، واستبشروا كثيرا بزيارة الحبيب عمر لهم، واستمعوا إلى جملة من نصائحه وتوجيهاته، وحثهم على التمسك بدينهم وحذر من مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
وبعد صلاة الظهر استضافته رابطة المسلمين الألمان ليلقي محاضرة خاصة بالنساء بعنوان: نظر وفكر المسلمة في الغرب وقدوتها، ذكّرهن بالنعمة العظيمة التي تكرم الله بها عليهن بالهداية لدين الإسلام، وأكد أن عز المؤمنة وسعادتها في ارتباطها بدينها، وذلها وشقاءها في تضييع الدين وتضييع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حياتنا، وأكد على التعامل بحسن الخلق ونشر الفضائل التي يمتاز بها المسلمون عن غيرهم، وحذر من الاغترار بأحوال الكفار وعاداتهم، وأكد على وجوب أخذ القدوة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفاطمة الزهراء وأمهات المؤمنين والصحابيات الجليلات، والصالحات من هذه الأمة.
ثم قام حفظه الله بزيارة لجامع شهيد ليك في برلين الذي بُني زمن الخلافة العثمانية، وأنشأ السلطاني العثماني مقبرة تابعة له ليدفن فيها المسلمون موتاهم. |
واختتم برنامج في برلين بإلقاء محاضرة في قاعة الينفيرسال، بعنوان: حال هويتي بين الذوبان والانفصال الاجتماعي. أوضح فيها شرف الإسلام والنسبة إليه وتحقيق هذه النسبة بحسن الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وحثهم على الاندماج وحسن التعايش مع المجتمع الذي يعيشون فيه، مع الاهتمام بالمحافظة على معالم الدين وعدم تضييعها.
|
ثم كان اللقاء الوداعي في أكاديمية حسن التعايش، وهم في شوق للقاءات وأخرى وزيارات قادمة قريبا إن شاء الله ، وهم شاكرين لزيارته سائلين المولى عز وجل أن يجعل فيها الخير والبركة والنهوض بمستوى حياة المسلمين ليكونوا خير سفراء لدين الإسلام في دولهم.
ويجدر بنا أن نسجل الكلمات التي عبر بها المترجم لمحاضرات الحبيب عمر في برلين الدكتور محمد بن سالم الدربي الذي أتقن الترجمة وقام بها على أحسن وجه.. حيث وصف انطباعاته عن الرحلة بقوله:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين.
فلقد شرُفت برلين ومنَّ عليها وألمانيا بأسرها بزيارة صاحب الفضيلة ذي النسب الرفيع والقول البديع العلامة الحبيب عمر بن حفيظ حفظه الله ولقد كانت كلماته العميقة وتوجيهاته الدقيقة بلسما شافيا لأهم المواضيع المتعلقة بأحوال الجالية المسلمة في ألمانيا وعلاقة المسلمين بأهل بلادها وتصحيح الكثير من المفاهيم بالإضافة لتوجيه الإرشادات الراقية وخصوصا في موضوع ما يسمي بالاندماج والتزكية والتربية الأمر الذي كان له الأثر الكبير في نفوس المسلمين والألمان لما وجدوه من رقي الخطاب وروعة الأسلوب وعمق المعاني ودقة الطرح وجماله أن المفعول الذي تركته كلماته حفظه الله حرك تأثيرات ايجابية جمة على المستويات الاجتماعية والإعلامية والسياسية البرلينية، ولا ننسى حلق الذكر والمولد الشريف التي فتح الله بها على يديه الصدور فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. ولازالت برلين بعد مغادرته في شوق للقاء قريب جديد معه إن شاء الله وحفظه الله ورعاه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وأضاف أيضا يتحدث عن ما تركته الزيارة من انطباعات عند المسلمين الألمان وغيرهم فيقول:
أما عن انطباعات المسلمين الالمان فيمكن تلخيصها في النقاط التالية:
اولا: اكتشاف حقيقة روحانية الاسلام وما ينبثق عنها من سعادة وتذوق لحلاوة الايمان التي لم يجدوها من قبل ولم تستطع المادية والتكنولوجيا أن تمنحهم إياها فربطتهم تلكم السعادة بالإسلام أكثر وقويت شدة تمسكهم به.
ثانيا: إدراك المعنى الحقيقي لكيفية فهم القرآن والسنة النبوية المطهرة وأهمية أن تُتَلقَّى علوم الاسلام عن أهل العلم وحملة الإسلام الحقيقيين وخصوصا أهل المعرفة بالله من الراسخين في العلم.
ثالثا: كيفية مخاطبة غير المسلمين والتعايش معهم دون الذوبان وفقد الهوية ليحصل النفع للجميع بعيداً عن الانعزال والاتهامات المتبادلة بالالتقاء على مبادئ وقيم مشتركة تكون ثمرتها اندماجيا حضاريا قيميا راقيا يجمع ولا يفرق يقتلع اليأس ويزرع الأمل يؤلف القلوب ولا يشتت الافكار.
وأما عن انطباعات غير المسلمين من الألمان فنجمعها في الآتي:
أولا: على مستوى المؤسسات الاجتماعية والكنسية تولدت قناعة بوجود الكثير من نقاط الالتقاء بين المسلمين وغيرهم يجب استثمارها لمصلحة المسلمين وغيرهم عن طريق العمل المشترك انطلاقا من أسس يتفق عليها الطرفان.
ثانيا: على المستوى الاعلامي أبدت بعض وسائل الاعلام خصوصا المطبوعة اهتماما كبيرا بمضمون المحاضرة الراقية التي تناولت موضوع الهوية بين الاندماج والذوبان واستعدادها لنشر معانيها عبر خطة يتم الاتفاق عليها.
ثالثا: على المستوى السياسي عرض الحزب المسيحي الديموقراطي على مستوى العاصمة برلين إجراء جلسات تمهيدية على أرضية ما طرح من أسس ومبادئ يبنى عليها الاندماج المثمر ولقد بدأت هذه المباحثات بالفعل.
13 صفَر 1431
22 جمادى الأول 1446
اختتام شرح كتاب "إتحاف السائل" للإمام الحداد، في الدورة العلمية في موسم شهداء مؤتة الأبرار لعام...
20 جمادى الأول 1446
بحمد الله عز وجل ورعايته وتوفيقه وصل العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ إلى مدينة تريم، بوادي حضرموت...