توجيهات للعيد - 1446

توجيهات للعيد:
للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ في جامع تريم، عصر الجمعة 28 رمضان 1446هـ
فوائد من التوجيهات:
جعل الله الشواهد في الأمكنة والشواهد في الأزمنة؛ تشهد للمتقين والصالحين، وتشهد على المذنبين والمعرضين عن الله؛ ومن قام بحق رمضان فهو أيضًا يحبه، ورمضان يشهد له عند الرب جل جلاله، وتزين أيامه ولياليه.
حقيقة العيد وإحياء ليلته:
ويأتي العيد؛
- - ليس العيد لمن لبس الجديد، ولكن العيد لمن طاعته تزيد.
- - ليس العيد لمن تجمّل بالملبوس والمركوب، ولكن العيد لمن غُفِرت له الذنوب.
يُسنّ فيه: إحياء ليلة العيد بالتكبير وبأنواع العبادات، من قراءة القرآن ومن الصدقة.
كان سلفنا يحيون هذه الليلة بالقرآن، وكلما قرأوا سورة أو قرأوا جزءًا كبَّروا، فيحيونها بالتكبير والقرآن.
ويصلي أحدهم بعدية العشاء والوتر: ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو تسعًا أو إحدى عشرة ركعة، مع التكبير.
- مَن أحيا ليلتي العيدين أحيا الله قلبه يوم تموت القلوب!
في هذه الليلة [ليلة العيد] ليلة الجوائز ينادي الحق تعالى فيها ملائكته: "ما جزاء الأجير إذا قضى عمله؟". يقولون: "أن يوفَّى أجره". فيقول: "أشهدكم أني قد غفرت لهم".
اجعلنا في المغفور لهم يا ربنا، وأهلينا ومن في ديارنا وقراباتنا وأصحابنا والمسلمين.
التكبير في العيد:
كان شعار المؤمنين التكبير في أعيادهم، وكانت تمتلئ به ديارهم وأسواقهم وشوارعهم.
أفضل العبادة في ليلة العيد التكبير إلى وقت إحرام الإمام بصلاة العيد - هذا التكبير الذي يسمونه المُرسَل - في ليلة عيد الفطر وليلة عيد الأضحى من المغرب إلى وقت الصلاة، فإذا صلّى انقطع، ويبقى في الأضحى التكبير المُقيَّد بالصلوات الفرائض والنوافل.
زكاة الفطر:
الانتباه من إخراج صدقة الفطر؛ صدقة الفطر عند الشافعية من أول الشهر يجوز إخراجها، وعند كثير من الفقهاء قرب العيد، قبل العيد بيوم أو يومين.
أفضل أوقاتها يوم العيد نفسه لكن قبل الصلاة، ويُكره تأخيرها عن صلاة العيد، وأما تأخيرها عن يوم العيد فحرام. معنى تأخيرها: عدم وصولها إلى يد المُستحق المحتاج.
زكاة الفطر كما فرضها علينا رسول الله ﷺ: صاع، أربعة أمداد، من بر أو شعير أو تمر؛ لأنه كان قوتهم، وقوتنا اليوم ما بين الأرز وما بين البر، هو غالب قوت الناس في زمننا فيُخرج منه.
إذا أخرجها من الطعام بهذه الآصُع فهو صحيح باتفاق الأئمة الأربعة وباتفاق فقهاء الشريعة المطهرة، وأما إذا أخرج القيمة من النقود فعند الحنفية يجوز، وغير جائز عند الشافعية والمالكية والحنابلة، ما دام الناس يقبلونه ويحتاجون إليه فهو أفضل من إخراج الدراهم؛ لأنه صحيح باتفاق وهو أصل ما فرض ﷺ. فيُعطى بها المحتاج.
لا يجوز أن تُعطى زكاة الفطر لأجل المجاملة، كأن تكون له معاملة أو شيء فيعطيه الزكاة.
هذه الزكاة طُهرة للصائم من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين؛ تكون سببًا لقبول الصوم ولتطهيره عن اللغو وعن الرفث؛ حتى يقال: إن صوم رمضان مُعلق بين السماء والأرض لا يُرفع إلا بزكاة الفطر.
ارتباط العيد بالله والقصد منه:
يلبس الإنسان أغلى ما يجد من الثياب بلا تكلُّف وبلا مفاخرة، وإنما القصد: إظهار النعمة واتباع السنة النبوية، وإظهار النعمة والتزين بما شرع الله لنا لهذه الأعياد المباركة؛ لأنها ذات صِلة بالإيمان وبحقائق الدين.
كان أهل المدينة قبل الإسلام، قبل أن يأتي النبي محمد ﷺ، لهم يومان في السنة يلعبون فيهما - يعني يحتفلون، يجعلونه يوم سرور ويوم نزهة وفرح - فقال ﷺ: "أبدلكم الله خيرًا منهما: عيد الفطر وعيد الأضحى".
ينبغي أن تكون حتى اعتبارات المسلمين لأيام فرحهم وتنزهاتهم مربوطة بالدين، مربوطة بالخير.
(قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا)؛ أعظم عيد هو عيد الفطر وعيد الأضحى.
- عيد الفطر لأنه خرج الناس من ليالي العتق وظفروا بالعتق، وظفروا بالمغفرة، وظفروا بالقرب من الرب، وظفروا بالتجاوز عن السيئات والذنوب العظام. هذا يوم الفرح.
- وعيد الأضحى: بعد يوم عرفة - أيضًا يوم عتق من النار ويوم مغفرة كبيرة - ففي اليوم الثاني يكون يوم العيد.
ربط سيدنا علي المعنى بالقرب من الله وقال: "كل يوم لا نعصي الله فيه فهو عيد".
قالوا: المحبون لله كل يوم لهم عيد؛ لأنهم في كل يوم يرتقون في درجات القرب من الله، والمعرفة بالله، ويزدادون نور إيمان ومعرفة وقرب ومحبة، فهي أعياد لهم، بارك الله لنا في أعيادنا.
إذا جاء يوم العيد وزادت وجهة الإنسان إلى ربه وشكره لربه جل جلاله حرُم علينا الصوم، وسُنّ للخارج للعيد في الفطر أن يطعم قبل أن يذهب، أن يكون بتمر، قبل أن يذهب لصلاة العيد يتناول تمرات وترًا، بعكس عيد الأضحى فإنه يمسك من بعد الفجر حتى يصلي عيد الأضحى.
قال: عن يوم الفطر أنه يوم عيد وإطعام، لأن فيه الزكاة. وقال: عن عيد الأضحى أنه يوم عيد ونُسك، يعني ذبح، ذبح للأضاحي. وقد كان ﷺ يرجع من العيد ويفطر على كبد أضحيته ﷺ.
صيام ست من شوال:
مما يودّع به رمضان نية صيام ست من شوال، قال ﷺ: "صيام شهر رمضان بعشر أشهر" - الحسنة بعشر أمثالها - "وست من شوال بشهرين" كمال السنة - وفي صحيح مسلم: "من صام رمضان وأتبعه ستًا من شوال فكأنما صام الدهر"؛ يعني السنة كلها.
في بلدكم كانوا يعظمون هذه الشعيرة حتى العوام عندنا يقولون "رمضان الصغير" على أيام الست، لأن الناس صائمين، كبيرهم وصغيرهم، ويكاد الشعار قائمًا للصوم في عاداتهم كأنهم في رمضان.
تنبيه لأسر المسلمين:
المهانآت بالخير على مسلك الحبيب ﷺ؛ تهاني المسلمين لبعضهم البعض، بالمحبة، بالرأفة، بالرحمة، بالمودة، من دون دخول على الأجنبيات ولا تساهل على زوجات الإخوان وغيرهم.
قال: "إياكم والدخول على النساء". قالوا: "أفرأيت الحمو يا رسول الله؟" - يعني أقارب الزوج - قال: "الحمو الموت!"، والأعظم والأشد مصافحة مباشرة أو خلوة، هذة خطيرة وكبيرة!
ينبغي أن ننتبه لبيوتنا وأسرنا ولا نترك الأمر، يتزيّنن يوم العيد ويظهرن على صهورهن، وإذا صافحوهن وقعوا في مصيبة أكبر! "لأن يُطعن أحدكم بمخيط في رأسه خير له من أن تمس يده يد امرأة لا تحل له" - ليست من محارمه وليست زوجته - فأحسن له يُطعن في عينه بإبرة ومخيط ولا يمس يد امرأة.
ولهذا ﷺ لم تمس يده يد امرأة لا تحل له، حتى كان يبايع النساء كلامًا، أو يمد لهن رداءه، ولا يمس أيديهن ﷺ، عندما جاءت بعض النساء يبايعنه مدت يدها، قال: "إني لا أصافح النساء" ﷺ.
أما التحكم في شريعة الله بالأهواء وبالاستحسانات أو بعادات الكفار من هنا أو من هناك فلا مجال في الشريعة. (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
حسن الختام:
الله يجعله من أبرك الأعياد علينا وعلى المسلمين، ولا يجعله آخر العهد من رمضان، يعيدنا إلى أمثاله في صلاح القلوب والقوالب، وفي صلاح أحوال المسلمين، في رفع الظلم والبلايا والعدوان عنا وعن أهل لا إله إلا الله أجمعين، في تحويل الأحوال إلى خير الأحوال.
📽 للمشاهدة:
https://www.youtube.com/live/JXB0A4BfohU
___
T.me/HabibOmar
01 شوّال 1446
تاريخ النشر الميلادي
مشاركة
اضافة إلى المفضلة
كتابة فائدة متعلقة بالمادة
آخر الأخبار
02 شوّال 1446
بمشاعر الفرح بتوفيق الله عز وجل للصيام والقيام، ويوم العيد السعيد يوم العطاء والمزيد، ومشاركةً...
01 شوّال 1446
يواصل العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ صباح يوم غد الإثنين 2 شوال 1446هـ، دروسه في كتاب: الأدب في...