كلمة شهر جمادى الآخر لعام 1426هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على عبده المجتبى المصطفى سيدنا محمد وآله وصحبه ومن سار في دربه إلى يوم الدين ..

 أما بعد: فإلى إخواننا أهل ملَّة الحق والهدى، ومن اتخذوا اللهَ ورسولهَ والذين آمنوا أولياء ..        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

( إنما وليكمُ اللهُ ورسولُه والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاةَ ويؤتون الزكاةَ وهم راكعون* ومَن يتولَّ اللهَ ورسولَه والذين آمنوا فإن حزبَ الله هم الغالبون) .. أما بعد ففي كلمة الشهر وإن تأخرت علينا الأيام في تسجيلها إلى حضراتكم نحب أن نلفتَ الأنظار إلى واجبٍ في المسار، وحالٍ ينبغي أن يستقر في مختلف الأطوار، وذلكم نظرةُ المؤمن إلى ما يدور ويجري من خلال حقائقِ إيمانه وثقتِه بمولاه واعتماده عليه وتطلُّبه إقامة حق العبودية، ونريد أن ننبه إلى حالِ محبةِ رسول الله

 للتفاؤل، وذلك ما اكتنفه في هجرته الشريفة، وأخذِه الفال الحسن مما يسمع من الأسماء، ومما يطرق سمعَه من الألفاظ إلى غير ذلك.. وأقصد أن مما تركَنا عليه

ورغَّبنا فيه أن لا ننسى معاني الإفضال الإلهي واللطف الرباني والكرم الرحماني المُفاض علينا في مختلف الأحوال والشئون، ولو كانت أحوال شدائد وحصول أتعاب ونوازل وأنواع من المشقَات، فينبغي للمؤمن أن لا يغفل عن شهود فضلِ الله وعجائب لطفِه وكريم عطفه عليه، وسيجد في أي حالٍ هو فيه من أنواع اللطف الإلهي والتدبير الرباني والفضل الإحساني من حضرة الرحمن جل وعلا مجالاً واسعاً ومعاني كبيرة عظيمة. فمِن استقامة سيرِ المؤمن أن يكون على حالِ رجاءٍ وتفاؤلٍ حسن وشهودٍ لمنَّة المنان في السرِّ وفي العلن وعطاياه المتنوِّعة المتقلِّبة، وليدرك أن ما أُمِرنا به من الهَم بأمور المسلمين والحزن لحُزنهم مسلكاً تربوياًّ حسنا ، المقصود منه تقوية العزيمة والهمة، وحسن اللجاء إلى حضرة المولى تبارك وتعالى، والإسهام في مساعدة أهل الملة بما نقدر ونقوى عليه، فضابطه أن لا يصل إلى بعثِ يأس ولا إلى تغليبِ تبرُّمٍ أو جزعٍ أو شيء مما يتعلق بذلك على حسنِ الظن ومواصلةِ العمل بقوة العزيمة وطمأنينة الضمير وبرود الجأش اعتماداً على الحق واستناداً إليه وفرحاً به وبرحمته وشهوداً لمنَّته ورجاءً له تعالى، وأن يحصل منه فوق الآمال في الدنيا والمآل، ومعرفةً بأن لكل ما يجري من أقداره وأقضيتِه في العباد حِكم ومعاني ساميات من حقِّ المؤمن أن يبرهن في عبوديته عن حسن الرضاء بأقضيةِ الله وأقداره. ثم ليلمح أنه في ما يُعانَى من تخلُّفٍ عند المسلمين وتقهقر وتراجع، ومِن فقدٍ لأوصافٍ حسناء ومن حدوث أوصاف سيئة فلن يعدم مع ذلك كله استعداداتٍ حسنة وصفاتٍ طيبة مستَحسنة مفرقةٍ في المسلمين هنا وهناك وموجودة فيمن يجالسهم أو يتعامل معهم، فليجنح إلى استجلاء وشهود هذه الإيجابيات والصفات الحسنات والقابليات الطيبات، وليمدَّ خطاًّ ليتعامل معها ويبني عليها، وليعلم أن الكمال المطلق لله وحده وأن ما يمكن الوصول إليه من الكمال الإنساني ليس لعامة المسلمين ولكنها مراتب يرتقي إليها خواصُّهم وأكابرُهم. من ذلك كله ينبغي أن لا يتقاعس وأن لا يغلبه قنوطٌ ولا يأسٌ ولا تبرُّم ولا جزع وأن يكون في عين همِّه بأمر المسلمين وحزنه على ما يصيبهم حاملاً قوة الثقة وعظيم الرجاء ومنطلقاً مندفعاً في شهودِ عجائب من عطايا الله تبارك وتعالى ظاهرة وباطنة في الواقع الذي ربما اشتُكي منه أو نُسِب إلى الشدة وإلى الفساد، فيكون ذلك من أقوى العوامل لاستقامة المؤمن على المنهج الفاضل وعطائه المتنامي وأداء دوره السامي في واقع هذه الأمة وفي خلال حياته القصيرة المحدودة التي يُرجى من حُسنِ اغتنامِها منحاً ومِنناً غير محدودة ولا مقطوعة ولا ممنوعة من حضرة الواحد الأحد.. وبالله التوفيق .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اللهم خذ بأيدينا والمؤمنين إليك أخذَ أهل الفضل والكرم عليك ، قوِّمنا إذا اعوججنا وأعنَّا إذا استقمنا .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

تاريخ النشر الهجري

06 جمادى الآخر 1426

تاريخ النشر الميلادي

13 يوليو 2005

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

آخر الكلمات

22 ربيع الثاني 1445

بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرفِ الأنبياء والمسلمين،...

13 ربيع الأول 1445

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا...