تفسير سورة الشورى -02- من قوله تعالى: { وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (6) } إلى الآية 8

للاستماع إلى الدرس

الدرس الثاني من تفسير العلامة عمر بن محمد بن حفيظ للآيات الكريمة من سورة الشورى، ضمن الدروس الصباحية لشهر رمضان المبارك من عام 1446هـ ، تفسير قوله تعالى:

{ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (6) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8) }

صباح الثلاثاء 12 رمضان 1446 هجري

 

نص الدرس مكتوب:

الحمدلله المنعم علينا بصلاة الصبح في جماعة والجلوس في المصلى نذكر الله حتى تطلع الشمس، ويصلي أحدنا ركعتين أو أربع، وينصرف إلى بيته بحجة وعمرة تامة، تامة، تامة؛ وهي في رمضان بسبعين أو ألفًا، اللهم لك الحمد اقبل منا وأقبل بوجهك الكريم علينا.

الحمدلله الذي أكرمنا بالتنزيل وبيانه على لسان عبده الهادي الدليل، سيدنا محمد صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله وصحبه خير جيل، وعلى مَن والاهم واتبعهم في سواء السبيل، وعلى آبائه وإخوانه مِن الأنبياء والمرسلين؛ أهل التفضيل والتكريم والتعظيم والتبجيل، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين، وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين. 

وبعد،،،

فإننا في نعمة تأملنا لكلام إلهنا وربنا وخالقنا وبارئنا ومولانا وسيدنا؛ الذي بيده أمرنا وإليه مرجعنا -جلَّ جلاله وتعالى في علاه- فيما أنزل مِن الوحي على قلب عبده المختار سيدنا محمد ﷺ.

ابتدأنا في أول الآيات في سورة الشورى ومررنا على قوله -جلَّ جلاله-: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ (6))، يقول الله تبارك وتعالى: 

  • لي الألوهية والربوبية ومرجع الخلق وحسابهم علي. 

  • وأنت يا عبدنا دالٌ ومبين ومبلغ، وبشير، ونذير ومعلم.

  • لست بوكيل على العباد فتخاطَب بتفصيل ما يقولون ويفعلون، وتقصرهم وتكرههم على شيء. 

بل هذه أمور الألوهية، وحكمة الربوبية في البرية، دعنا نتصرف فيهم بما شئنا وأدي ما كلفناك وحمَّلناك به مِنَ الأمانة؛ فذلك كافيك للمنزلة لدينا والمكانة في محبتنا. 

(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ) -مِن دون الله تعالى- (أَوْلِيَاءَ)، فَوَالُوهُمْ مِن دون الله أي: 

  • أطاعوهم في مخالفة أمر الله.

  • أطاعوهم في عبادة غير الله. 

  • أطاعوهم في فعل المحرمات التي حرمها الله. 

  • أو ترك الواجبات التي أوجبها الله. 

فمتخذُ الأولياء مِن هؤلاء عليهم رقابة القوي الرقيب المتين -جلَّ جلاله-: (اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ) يرقبُ ما يقولون ويفعلون، وينوون، ويتصرفون، ويتحركون ويسكنون، فيحسبه عليهم ويحفظه عليهم، ثم يوافيهم بجزاء كل ماقالوا وكل مافعلوا. 

(اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ) -جلَّ جلاله وتعالى في علاه-؛ فإلى ماذا عرَّض نفسه مَن اتخذ وليًا من دون الله؟ وقد جاءه البيان مِن الله، والنور من الله على أيدي الأنبياء والمرسلين، عرضوا نفسهم لماذا؟ لرقابة الرقيب الحسيب وَلِأَنْ يتعرضوا لغضبه، وأن يتعرضوا لشديد العقاب والعذاب الذي لا يطاق؛ فلا والله ما ظلموا إلاَّ انفسهم، ولا جلبوا لأنفسهم إلاَّ السوء، فكيف ينتظر أن يجلبوا الخير لغيرهم وهم الذين أوقعوا نفسهم في أسوأ السوء وفي أفضع المنقلب، والمآل والمصير، و شر المستقبل؛ لذا لا يجوز قط طاعة الكافرين، ولا الغافلة قلوبهم عن ذكر الله: 

  • (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) [الكهف:28]. 

  • يقول تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لنَّبِيُّ اُ۪تَّقِ اِ۬للَّهَ وَلَا تُطِعِ اِ۬لۡكٰ۪فِرِينَ وَاَلۡمُنَٰفِقِينَۚ إِنَّ اَ۬للَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا * وَاَتَّبِعۡ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَۚ إِنَّ اَ۬للَّهَ كَانَ بِمَا يَعۡمَلُونَ خَبِيرٗا) [الأحزاب:1-2].

فلا هدى، ولا صلاح، ولا حق إلاَّ في الذي أُوحى إليك من ربك،  اتبع ما يوحى إليك مِن ربك، لا تطع الكافرين والمنافقين.

يقول: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ): 

  • سواء الهة عبدوهم مِن دون الله. 

  • أو أصحاب تعاونوا وإياهم على مخالفة أمر الله ومعاداة أنبيائه وأوليائه. 

  • أو حتى أنفسهم وأهواءهم قاموا معها في مضادة العمل بشرع الله ومنهجه. 

فقد (اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ)، رقيب على:

  • ما يقولون ويفعلون.

  • وعلى ما يتحركون ويسكنون.

  • وعلى ما يقبلون ويرفضون.

  • وعلى ما يحبون ويبغضون.

  • وعلى كل ما يتصرفون فيه فيجازيهم، ويعاقبهم، ويعطيهم سوء نتيجة أعمالهم. 

(اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ(6))، إذًا فوظيفتك ووظيفة الأتباع مِن بعدك، وظيفة الأنبياء وأتباعهم:

  • أن تحسنوا البيان.

  • وأن تدعوا إلى الرحمن.

  • وأن تستقيموا على ما أوحى وأنزل في السر والإعلان. 

ولستم بوكلاء على العباد: 

  • (وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ)، وما أنت عليهم بحفيظ (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ) [الغاشية:21-22].

  • (مَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ) متسلط (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) [البقرة:256] -الله أكبر-.

يقول: (اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ(6) وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ) ومِن قبلك، خصصناك بوحي القرآن كتابنا الذي جعلناه مهيمنًا على كل الكتب كما يقول: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ) [المائدة:48]. 

  • (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا) أنزلنا مُعلمين لك بأسرار الخلق، والإيجاد والتشريع لهم، ومآلهم ومصيرهم.

  • (قُرْآنًا)  كتابًا يتلى عليهم عربيًا بلسانك لتبين لمن حواليك مِن قومك، أخبارنا وأنباءنا ثم توصل إلى بقية أهل العالم بمختلف أهل اللغات معاني هذا الذي اخترنا أن يكون بلغتك العربية. 

(وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ..) مكة المكرمة؛ حيث ابتدأ الله تعالى خلق الأرض بدحي موضع الكعبة، ثم كوَّن بقية الأرض فكانت هذه الأم التي كوَّن الله منها جميع المدن والقرى، وجميع أجزاء الأرض في شرقها وغربها وجنوبها وشمالها، فكانت أم القرى. 

قال: (لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ)، القرية التي جعلناها أُمًا لجميع قرى العالم وهي مكة المكرمة؛ والمراد إنذار أهلها، مَن يساكنك فيها، ومَن يعيش معك فيها، ومَن حضر فيها. 

(لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا) أرضًا فأرضًا، فأرضًا إلى منقطع الأرض، كل مَن حولها؛ وفيه الإعتناء بالبقعة الشريفة وتمجيدها، مع أنه نذير للعالمين: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) [الفرقان:1]، ولكن مع ذلك قال له: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) [الشعراء:214]؛ مِنْ خصوص آل مكة. ثم قال: (لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ)، مكة كلها، مَن في مكة؟ كلها ومَن حولها الأقرب فالأقرب فالأقرب إلى آخر الأرض مِن الجهات كلها. 

(لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا)، فتؤدي الإنذار، والإبلاغ، والبيان بما آتيناك مِن جهدٍ، وقوةٍ، وقدرةٍ، ظاهرةٍ، أو باطنة، ويتصل بك رجالٌ مِن أراض مختلفة، وتمر بك السنون وانتشار الدين محدود في بُقاع من الأرض، ولكن دينك سيصل إلى جميع بِقاع الأرض، ولن تنتهي أيام الدنيا حتى لا يبقى على ظهر الأرض بيت إلاَّ أدخلتُه دينك هذا؛ فأنت المنذر والمبشر، والمبين والمُعلم بما آتيناك مِن عقل وحكمة، وقوىً ظاهرة وباطنة، تُلقي في قلوب مَن حواليك ممن هيأناهم لصحبتك ومرافقتك، وخصوصًا منهم السابقين الأولين مِن المهاجرين والأنصار؛ ليكونوا سُرُجًا منيرة لمن بعدهم، وليتصل هذا الخير بمن سبقت له منَّا سابقة السعادة، فيتلقاه في كل زمان وفي كل مكان، مَن قضتْ الإرادة بإسعاده وحُسن معاده، فيؤمن ويخبت ويذعن ويُصدِّق، ويحمل الأمانة ويؤديها إلى غيره حتى تبلغ جميع أقطار الأرض، ونهدي كل مَن سبقت لهم السعادة عندنا.

(لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ..)، تُذكِّر كل مَن يسمعك، وكل مَن يصل إليه إنذارك، تذكرهم بيوم عظيم مشهود، يوم الوعد والوعيد، يوم جمْعِنا للأولين والآخرين، يوم العجائب، يوم القضاء، يوم الحُكم الذي لا معقب له، يوم الفصل بين العباد فيما هم فيه يختلفون، فإن هذا يوم أعددته لجميع خلقي أجمعهم فيه، أنبأت عنه جميع الأنبياء مِن قبلك؛ ليبلغوا قومهم خبر هذا اليوم وينذرونهم ذلك اليوم ويبينون لهم مما أجعلوا مِن الأحوال والشؤون في ذلك اليوم. 

فما أعظمه مِن يوم! .. قال الله على المطففين في الكيل والميزان: (أَلَا يَظُنُّ أُولَٰئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) [المطففين:4-6]، فما أعظم هذا اليوم مآل مَن نسيه ولم يبالي به أن يشتد عليه العذاب حتى ينادى: (إِنَّا نَسِينَاكُمْ) [السجدة:14]، (كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا) [الجاثية:34]، (لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) [ص:26]، فجدير بكل مؤمن أن يكون هذا اليوم حاضرًا في ذهنه وعقله ومشاعره ويستعد له، إنه يوم الجمع.

(وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ)، لا شك، ولا تأخر له قط، (وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَّعْدُودٍ) [هود:104]. (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ * كَلَّا سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) -يقول الله الدلالات أمام أعينكم- (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا * وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا * وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا * وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا * وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا * وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا * لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا) [النبأ:1-16]، ما هذه الدلائل؟ ما هذه الآيات؟ ما هذه العظمة؟ تشكون في يوم النبأ ويوم الجمع؟ (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا) [النبأ:17]، مجرد وقت يصل إليه، فتقوم الساعة وكلٌ يحضر (فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا) [الكهف:47]، (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا).

(وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ)، لا شك ولا مرية، يحضرُ فيه الأولون والآخرون؛ فهو يوم جمع الكل مِن بني آدم مِن عند آدم إلى مَن تقوم عليهم الساعة، ولا نفس وحدة تغيب، حتى السِقط الذي خرج مِن بطن أمه لم تكمل أشهره، ومعهم الجن ولا يغيب واحدٌ منهم، ومعهم حيوانات البر ولا تغيب واحد مِن الحيوانات، وحيوانات البحر ولا يغيب واحد منها؛ (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) [الأنعام:38]. 

يُجمع الكُل، ولا مَلك مِن الملائكة إلاَّ ويحضر مِن جميع الملائكة الذين كانوا في الأرض، وفي الجو، وفي السماوات كلهم يحضرون؛ (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) [الفجر:22]، هو يوم جمع، جمع، جمع، جمع. ومع ذلك، فبالنسبة لجميع الحيوانات يُجمع كل اعتداءٍ لبعضها على بعض، وكل ما كان بينها وبين بني آدم مِن اعتداءٍ لم يقِرَّهُ الخالق ليفصل بينهم، "حتَّى يُقتَصُّ للشَّاةِ الجَمَّاءِ ، مِنَ الشَّاةِ القَرناءِ بِنَطحِها"، وتحول قرون هذه إلى هذه وتنطحها بقدر ما نطحتها في الدنيا، فيُجمع كل أعمالهم.

ثم بالنسبة للمكلفين، أقوالهم، وأفعالهم، ونياتهم، ومقاصدهم، ومعاملاتهم، وحركاتهم وسكناتهم، ونظراتهم ومسموعاتهم كلها مجموعة يوم جمع -يوم جمع- (وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا)، (وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا) [الكهف:49]،  (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) [آل عمران:30]، فهو الجامع، هذا يوم الجمع -الله أكبر-. يُجمع فيه هؤلاء بأعدادهم وبجميع أعمالهم؛ (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ) [الواقعة:49-50]. 

(وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ)، وسيدنا أنذَرَ يوم الجمع، وبيَّن لنا بياناتٍ شافياتٍ عن ذلك اليوم تكفينا؛ تكفينا يقظةً، تكفينا عبرةً، تكفينا انتباهًا، تكفينا تعليمًا، تكفينا تحذيرًا، تكفينا رجاءً في الفضل والإحسان مِن المُحسن المنَّان.. وكان إذا ذَكَر السَّاعة وهو يَخطُب: يَحمرُّ وجهه، وتنتفخ أوداجه؛ كأنَّه مُنذِرُ جيش يقول: صبَّحكم أو مسَّاكم .

(وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ)، وبعد القِصاص بين الحيوانات بعضها البعض، وبينها وبين بني آدم كذلك الجانّ، فلا يظُنّ أن مَن ضرب دابَّةً: جملًا، أو غنمة، أو هرة بغير حقّ أنَّه يَفلُت! ربُّك هو ربَّها، ظننت ما لها وليّ؟! ظننت مالها ربّ؟ سيأخذ حقها منك، حتى أخبرنا : "أنَّ امرأة حُبِست في النّار في هرَّة حَبَستها؛ لا أطعمتها، ولا تركتها تأكل مِن خُشاش الأرض"، فسبحان العادل!.

فإذا تمَّ القصاص بينها البين، وبينها وبين المُكلَّفين قال الله لهذه الحيوانات: كوني ترابًا؛ فتعود تربة كُلَّها ولا يبقى منها شيء! ويبقى الإنس والجنّ معهم الملائكة؛ هؤلاء: (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ(7))؛ وعندها يقول الكفار كلٌّ منهم: (يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا)،  يقول ليتَنا كنتُ واحدة مِن هذا البقر أوالغنم أوالكلاب، ولا أتعرض لأمامي هذا (وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا) [النبأ:40].

وأنذِرهم (يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ) ثم يصيرون إلى الفريقين: (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ(7))؛ وهذه نهاية القسمة لجميع المُكلَّفين؛ مهما اختلفت اتّجاهاتهم ومذاهبهم وأحسابهم وأفكارهم؛ فالمرجع واحد من الاثنين: إمَّا الجنَّة وإمَّا النَّار.

والفريق الأول: أهل الجنة على درجتين: سابقون، وأصحاب يمين

  • والدَّرجات العُلى من الفردوس والمَزيد وعلِّيين؛ للمقربين السَّابقين.  

  • وبقية الجنات؛ لأهل اليمين، قال ﷺ: "أكثر أهل الجنة البُلْه" عن أهل يمين. 

  • وعلِّيون: لذوي الألباب، الذين نَفَذوا إلى إدراك الحقيقة، وتميزوا عن بقية الخليقة؛ هم أولو الألباب؛ أدركوا ما تَغيَّبَ عن غيرهم؛ من شؤون عظمة هذا الإله. 

  • وأسرار حكمته، وتقديره وتدبيره، وأسرار ربُوبِيَّته وألوهيَّته؛ عَرَفها المُقرَّبون؛ فلهم الدَّرجات العُلى في الجنَّة.

قال تعالى -بعد هذا الجمع للجميع، يَظهر الفوارق بين من آمن وكفر، ومن أطاع وعصى-: (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ(7))، وأهلُ الجنَّة أيضًا -في قسم أصحاب اليمين- من يدخل النَّار أولاً، وهم من كل من مات على الإيمان؛ ولكن عليه من الذُّنوب والمعاصي ما لم يُغفَر ولم يُكَفَّر ولم يُشْفَع فيه؛ فيُعذَّبون بقدر ما لم يُعفَ عنهم من الذُّنوب، ولم يُشفَع لهم فيه، ثُمَّ يُخرجون إلى الجنة وهكذا.. واحدًا بعد الآخر، حتى يخرج آخرهم بعد مرور سبعة أيَّام من أيَّام الآخرة، سبعة آلاف سنة من أيَّام الدُّنيا. 

ومن يطيق النَّار سبع دقائق؟! ومن يُطيق النَّار سبع ثواني؟! لا تطاق. "ويَخرُج من النار؛ مَن كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان"؛ فهؤلاء أواخر أهل اليمين -أصحاب اليمين-،. 

وبعد ذلك وبعد خروج آخر واحد سمّاه رسول الله ﷺ: "جُهينة" مِنَ النَّار فذهبوا إلى الجنَّة، ثُمَّ إعطائه في الجنَّة مثل الدُّنيا عشر مرات! مَن يقف على رأسه كل يوم ثلاثمائة من الولدان، وسبعمائة من الجواري مع كل جارية إناء فيها أنواع الطَّعام والشَّراب؛ يتناول منها كل واحد لا يُشبه الآخر! يلتذُّ بآخرها كما يلتذَّ بأوَّلها وأشَدّ.. هذا أقلُّهم -آخر واحد في الجنة- ويَرى ما عنده يتزايد يقول: يا ربّ اجعل طعام أهل الجنَّة عليّ؛ فإنَّه ما ينفد هذا! يُطعِمهم.. هو أقلّ واحد منهم، سبحان الله.

فإذا خَرج أطْبقَت النَّار وأوصِدَت على من فيها، فلا يخرج منها أحد. وصوَّر الله تعالى الموت -المعنى للموت الذي يَمُرّ على جميع أهل الرُّوح- فيتصوَّر بصورة: كبش، ويُرفع بين الجنَّة والنَّار، ويقال لهم: انظروا، فينظُر أهل النَّار؛ يفرحون يريدون الموت، وأهل الجنة: يَعجبون، ما هذا؟!.

  فيُأمر نبي الله -يَحْيَى- أن يأخذ المُدية والسّكين ويَذبح، فيقول -المُحيِيَ المُميت-: أنتم الآن أيُّها المُكلَّفون، مَنْ في جنّتي ومن في ناري؛ حَكَمتُ أنْ لا تموتوا بعد اليوم، فلأميتكم أبدًا؛ محلكم، هذا معنى: التّصوير للمعاني، فإذا ذبحوا؛ نادى المنادي: يا أهل الجنّة خلودًا فلا موت، يا أهل النّار خلودًا فلا موت.. فيزداد أهل الجنّة فرحًا إلى فرحهم، فيزداد أهل النار حزنًا إلى حزنهم، -والعياذ بالله- اللهم اجعلنا من أهل جنّتك.

(فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ(7))، النّار المُوقَدة، التي تُغلى أو تفور عليهم وتلتهب؛ فتحرق جُلودَهُم ولُحومَهُم وعِظامَهُم وأجوافَهُم؛ حتى تَصْدَع قلوبهم، (الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ) [الهمزة:7-8]. نعوذ بالله من غضب الله، ونسأله جناته مع السّابقين من غير سابقة عذاب ولا عتاب ولا فتنة ولا حساب، نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار.

يقول الله: اقتضت الإرادة منّا هذا، والحُكم والمُلك مُلكُنا، والأمرُ أمرُنا.. 

  • (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) قال: في قدرتي أيّ شيء في مشيئَتي؛ ولكن هذه حكمتي..

  • (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) إمَّا كُلُّهم كُفّار فُجّار في النّار، أو كُلُّهم مؤمنون أخيار في الجنّات. 

لكن قال: لا، لا اقتضت حكمتي في عَظَمتي أنْ نجعل دارين، ونجعلهم فريقين، فمنهم شقي وسعيد. (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ) [القيامة:22-25]، (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ) [عبس:38-41].

يقولُ: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً..)، في الحديث -عند الإمام أحمد، والإمام الترمذي، وجماعة من أهل السنن- يقول: "أنّه ﷺ خرج على الصّحابة يومًا بيده كتابًا ينظر فيهما -يديه- واحد في اليمين وواحد في الشمال، ويقول للصَّحابة: أتدرون ما هذا؟ وما فيهما؟ يقول: لا يا رسول الله إلّا أن تخبرنا. قال: أما هذا كتاب من ربِّ العالمين فيه أسماء أهل الجنّة، وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أُجْمِل على آخره، فلا يزيدون ولا ينقصون. وقال بيده الأخرى: هذا كتاب من ربِّ العالمين فيه أسماء أهل النار بأسمائهم، وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أُجْمِلَ عليه لا يزيدون ولا ينقصون. قالوا: يا رسول الله ففيمَ العمل؟ أفلا نَتَّكِل؟ قال: سَدّدوا وقارِبوا واعملوا؛ فكلُّ مُيَسَّر لِمَا خُلِقَ له، فإنَّ من كان من أهل الجنة خُتِمَ له بعمل أهل الجنَّة، ومَن كان مِن أهل النّار خُتِمَ له بعمل أهل النّار" ﷺ.

وهذا من  كتاب معنوي، ويسع الأسماء ذي كلها، النبي يُطالِعه وهو أُمي ﷺ، ولا أحد غيره يقدر يقرأه، وقال بيديه فطار، ثم قال: "إن الله قد فرغ من عباده فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير". اجعلنا من فريق الجنة يا رب مع سيد أهل الجنة يارب، في زمرته يارب، في دائرته يا رب، في مرافقته يا رب، بجاهه عليك منزلته لديك، لا تُخلِّف منا ولا من أهلينا ولا أحبابنا أحدًا عنه يا حي يا قيوم.

 (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) على مسلك واحد، على دين واحد، على منهج واحد، 

  • (وَلَٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ)؛ بالإيمان والإسلام والأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة.

  • (يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ)؛ فيرحمه في درجات من رحمته العامة والخاصة ويُدخلهم جنته.

(وَالظَّالِمُونَ) لأنفسهم من كل مَن بلغتهم دعوة إلهِهِم على أيدي رسل وأتباع الرسل؛ فأصروا واستكبروا وعاندوا (الظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8))، ما معنى (مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ)؟

  •  لا يقدِر أحد أن يُخلصهم من الذل ولا المهانة ولا الخزي ولا العذاب.

  •  ما أحد يقدر يخلّصهم من ذلك.

  •  ما أحد يقدر ينصرهم.

  •  ما أحد يقدر يتولاهم ما أحد يقدر يُنجيهم من عذابه ومن عِقابه.

 إذًا فالموالاة التي بينهم والمناصرات كلها ذهبت هباءًا منثورًا، وهو وكذلك: 

  • من لم يكن له ولاية من الله؛ فلا ولي له. 

  • ومن لم تكن له نصرة من الله؛ فلا نصير له. 

وكل المناصرات بين الناس في العالم الزائل الفاني تزول وتفنى وتضمحل ولا اعتبار لها، ولا منصور إلا من نَصَره الله، ولا مُتولى ومُتكَفل إلا من تولاه الله وكفله، وما عدا ذلك ايش تنفع هذا النُصرات لبعضهم البعض والولاء؟؟ لبعضهم البعض على غيرها ايش تنفع؟، ما عاد حد له نصير بعد، (وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) [آل عمران:192]. 

 (وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8)) يعني نهائيًا، ما قال ما لهم ولي ولا نصير (مِّن وَلِيٍّ) في اللغة منع نهائيًا.. نهائيًا ولا شي ولا ذرة من ولاية، ولا ذرة من نصرة ما يحصلون شيء، مَن ينصرهم مَن دون الله؟ مَن ينجيهم مِن عذاب الله؟ مَن؟.

(مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8))؛ فلا تقبل الخِداع، كل علاقة لغير الله باطلة، وكل ولاء ومحبة لغير الله هباء، أو نار؛ فانتبه؛ فلا تحب إلاَّ أنبياءه، وأولياءه، وصالح عبادك، انتبه لنفسك؛ فهذا الولاء الذي يبقى، (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ) [غافر:51-52]، وذا الذي قام على الصفا: "يا معشر قريش، يا صباحاه؛ فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ"، وُضع السلا على ظهره وأُوذي وهاجر والله ناصره، وهذه نصرته المُستمرة في مجامع الوحي الذي أُنزل عليه، والمعاني التي وردت مِن الحق إليه، والقلوب المتعلقة بالله وبرسوله على منهجه الذي بُعث به، وهذا الخير المنتشر في شرق الأرض وغربها؛ مظاهر نصرة الله لهذا الرسول.

ما مِن دولة مِن دول العالم إلا وصلى فيها لله تعالى مُصلون ليلتنا هذه، وصام صائمون يومنا هذا؛ نُصرة مِن الله لمُحمد؛ على رغم المُعاندين؛ على رغم المُفسدين، على رغم الفاسقين؛ على رغم الكافرين أفرادًا وجماعات شُعوبًا ودُول؛ كل المخالفين الذين لا يريدون نشر هذا النور؛ فالله ناصر عبدهُ محمدا: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) -وهكذا- (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [الصف:8-9]. 

ومهما نشروا مِن أنواع الفساد، والشر، والضر، والدعوة إلى الإلحاد، والتغبيش، والتلبيس والكذب، والخداعات؛ فإنه لا تمر أيام الدنيا حتى يدخل دين محمد  كل بيت، ويتم نصر الله للمختار، ثم القيامة موعدنا، وفي يوم الجمعِ ينصر الله الرسل وأتباعهم: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ۖ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) [غافر:51-51]، -والعياذ بالله تبارك وتعالى-.

فيا خيبة المُصرِّين على الشر، وعلى الكفر، وعلى الضلال، وعلى الفِسق في شرق الأرض وغربها، مِن عربهم وعجمهم، من كل من بلغته هذه الدعوة الطاهرة النقية فأبى واستكبر، يا ويلٌ لهم ويا حسرةً عليهم، وما أعظم شناعة مآلهم الذي سيصيرون إليه.

اللهم أنقِذ، اللهم تَدارك الأُمة، اللهم انشر الخير، ثبتنا على ما تحبه منّا وترضى به عنا، ارزقنا الوفاء بعهدك، وتوفنا على الإيمان والإسلام مُؤمنين صادقين، وانشر الهداية في العالمين، واجعلنا سببًا لنشرها يا أكرم الأكرمين.

فسبْقُ سعاداتٍ وسبقُ شقاوةٍ *** وكُلٌ مُيسر لما خلق له 

كل ميسر لما خُلِقَ له، اللهم يسَِر لنا اليُسرى، وجنبنا العسرى، واغفر لنا في الآخرة والأولى، واجعلنا مِن أهل الصدق معك سرًا وجهرا.

بسر الفاتحة 

إلى حضرة النبي محمد 

 اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه

 الفاتحة 
 

تاريخ النشر الهجري

13 رَمضان 1446

تاريخ النشر الميلادي

12 مارس 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام