غنائم الفوز العظيم في حسن الرجاء وصدق الالتجاء

للاستماع إلى المحاضرة

محاضرة العلامة الحبيب عمر بن حفيظ، ضمن سلسلة إرشادات السلوك، بمصلى أهل الكساء بدار المصطفى بتريم، ليلة الجمعة 2 ذي القعدة 1440هـ، بعنوان: غنائم الفوز العظيم في حسن الرجاء وصدق الالتجاء.

بسم الله الرحمن الرحيم

        الحمدُ للهِ الرحمن الرحيم الذي أرسلَ إلينا الرحمةَ المُهْداةَ والنِّعمةَ المُسْدَاةَ المُرسل رحمةً للعالمين؛ عبدَه المجتبى محمد، الهادي إلى السبيلِ الأرشد، أعظمَ الخلائقِ جاهاً عند الحقِّ سبحانه وتعالى؛ ذلكم نبيُّكم طه أولُ شافعٍ وأولُ مشفَّع، صاحبُ المقامِ والقَدرِ الأرفَع، والجاهِ الأعلى الأوسَع، الذي هو أرحمُ الخلائقِ بالخلائقِ وهو فيهم لهم الأنفع. اللهم أدِم صلواتِك على السراجِ المُنير والبشيرِ النذير عبدِك المصطفى سيدِنا محمدٍ وعلى آله المُكرَمِينَ بالتطهِير، وأصحابِه الذين حُظُوا بالتَّنوير، وعلى مَن سار في سبيلِهم خيرِ المَسِير إلى يومِ المصير، وعلى آبائه وإخوانِه مِن الأنبياءِ والمرسلِين أهلِ الفضلِ العظيمِ والقَدرِ الكبير، وعلى آلِهم وصحبِهم والملائكةِ المقرَّبين، وجميعِ عبادِك الصالحين، وعلى أهلِ هذا المَجمَعِ ومَن يسمعُنا معهم وفيهم يا عظيمُ يا غفورُ، يا بَرُّ يا شكور، يا رحمنُ يا رحيمُ يا إله يا كريم يا أرحم الراحمين.

        وفي استجلاءِ معاني رحماتِك وتَلَقِّي فائضاتِ نفحاتِك نجتمعُ بفضلِكَ ونحن قومٌ أنعمتَ عليهم بالوُجودِ مِن عَدَم ولم نكن شيئاً مذكورا ؛ فخلقتَنا في أمةِ الحبيبِ الأعظمِ والنبيِّ الأكرم، وهديتَنا إلى الإيمانِ به وتصديقِ ما بعثتَه به إلينا، فلك الحمدُ شُكرا، ولك المنُّ فضلا. ثم اخترتَنا بعد هذا الإيمان أن نجتمعَ على قدمِ أهلِ السنةِ والهدى ممَّن به اقتدَى واحداً بعد واحدٍ على طولِ المدى، لك الحمد والمنَّة. وجمعتَنا على الإيمانِ والعملِ الصالحِ والتواصِي بالحقِّ والتواصي بالصبر، وربطتَ قلوباً بالإقبالِ عليكَ وبمجالِي هذا الإقبالِ، فمنهمُ الحاضرُ، ومنهم المستمعُ في شرقِ الأرضِ وغَربِها. وجعلتَنا من قبائلَ شتَّى وبلادٍ شتَّى نجتمعُ على ذكرِك فنذكرك ونَرقُبُ أن تذكرَنا أنت .. وأنت مَن أنت.. وإذا ذَكرتَ فَيَا سُعْدَ مَن ذكرتَه، أنتَ الله القائل فيما أنزلتَ على مُصطفاك (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ).

         وإذا ذكرتَنا فسرايةُ رحَموتِ ذِكرَاك في بَرَاياك لا حَدَّ لها ولا غاية؛ تنتهي بالمذكورين إلى مجالسَ في القيامةِ عبَّرَ عنها المُشَفَّعُ الأعظمُ  يومَ القيامة أنه يغبطُ أهلَها النبيُّون والشهداء، وهم ليسوا بأنبياء ولا شهداء؛ قومٌ مِن قبائلَ شتى وبلادٍ شتى يجتمعونَ على ذكرِ الله فيذكرونَه. وأفضلُ الذكرِ "لا إله إلا الله" .. حَقِّقنا بحقائقِها يا الله، واسقِ هذه القلوبَ أسرارَ "لا إله إلا الله"  حتى نعلمَ علومَ ما علَّمتَ  النبيَّ المعصومَ في قولِك له: ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ). اجعَلنا في خِيَارِ أهلِها، في خواصِّ أهلِها، في كُمَّلِ أهلِها، فيمن كتبتَ في الأزلِ أن تُحيِيَهم عليها وتُميتَهم عليها وتَبعثَهم عليها مع خواصِّ أهلِها يا كريم، يا رحيم، يا عظيم. بِحَقِّ سيّدِ أهلِها ارزُقنا مرافقتَه، وأدخِلنا في دائرتِه، اللهمَّ إننا في أثرٍ مِن آثارِ دعوتِه وضياءٍ مِن أنوارِ سُنَّتِهِ وبلاغِه عنكَ فيما بعثتَه إلينا فصلِّ عليه واجمَعنا به، وثبِّت الأقدامَ على دربِه، واملأ هذه القلوبَ بِحُبِّهِ يا الله، وانشر دينَه في الآفاقِ في مشارقِ الأرضِ ومغاربِها، واجعل كُلَّ مَن حَضَر وكُلَّ مَن يسمعُ مِن الأسبابِ التي تختارُها لنَشرِ هذا الدين، ونصرةِ عبدِك الأمين، ونفعِ الخلائقِ أجمعين؛ حتى تُثْبِتَنا في أنفعِ الأمةِ للأمةِ وأبركِ الأمةِ على الأمة، وتُدخِل بنا إلى ميادينِ الرحمةِ طوائفَ كثيرٍ من عبادِك يا كاشفَ الغمَّة ويا جالِي الظلمة ويا واسعَ الرحمة يا الله ..

اللهم إنَّ في مواقفِ القيامة اجتماعاتٍ تَجمع فيها مَن رَبطتَ بين قلوبِهم بروابطَ اجتمعُوا عليها لك ولوجهِك في الدنيا في ظلِّ العرشِ وتحتَ اللواءِ المعقودِ وعلى الحوضِ المورود، ولهم بعد ذلك مجامعُ في جناتِ الخلود ؛ يا ربَّ يومِ القيامة يا ربَّ الجنة دار الكرامة .. يا الله .. يا الله اجعل مجمعَنا ومَن فيه ومَن يسمعُنا في أزهى تلك المجامع، وأبهَى تلك المجامع، وأعلى تلك المجامِع، وأحلى تلك المجامِع يا جامعَ الناس ليومٍ لا ريبَ فيه.

اللهم إننا نذكرُك ونحمدُك ونشكرُك، ونذكرُ مِن أجلِك محبةً فيك ولكَ عبدَك المصطفى محمداً، فاجعلِ اللهمَّ حظوظَ هذه البصائرِ والأبصارِ مِن رؤيةِ وجهِه الأغرِّ ذلك اليوم وافراً كثيراً وعظيماً كبيرا، ما شَرَّفتَ أعيُناً بالنظرِ إلى تلك الطلعةِ الغرَّاء والوجهِ الأزهر فاجعل عيونَنا مِن أوفى الناسِ حَظَّاً مِن ذلك النَّظر ورؤيةِ الوجهِ الأزهرِ في يومِ الهَوْلِ الأكبر، حيث يُكرَم مَن أُكرِمَ بالنظرِ إلى ذلك الوجهِ الأمانَ مِن كُلِّ ما منه يُحذَر، يا كريم يا رحيم يا الله، هانحن بينَ يدَيك والحالُ لا يخفَى عليك، يا إلهَنا، يا سيِّدَنا ومولانا ما كان مِنَّا يقتضِي الحجبَ عن تلكَ الرُّتبِ العُلا فإنا نستغفرُك منه ونتوبُ إليك يا حيُّ يا قيُّومُ يا أعلى، فَبِحَبِيبِك محمدٍ اصرف عنَّا ظلمةَ ذلك، وشرَّ ذلك وسوء ذلك، واسلُك بنا في أشرفِ المسالك يا ملكَ الممالك يا الله..

 يا الله نُلِحُّ عليكَ ونتوجَّه إليكَ ونتذلَّلُ بين يديكَ، لا تقطعْنا عن المجامع الكبرى الزَّاهِرَة يومَ الوقوفِ بين يديك، يا ربَّنا يا ربَّنا .. يا ربَّنا يا ربَّنا .. يا ربَّنا (رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) يا ربَّ العباد، يا كريمُ يا جواد، يا عالمَ الخافي والباد، أصلِح لنا كلَّ جسمٍ وفؤاد، يا الله بعنايتِك اجتمعُوا فاجعَلهم ممَّن بذِكرِك ووَحيِك انتفعوا، وإلى مراتبِ القُربِ منك ارتفعُوا، اللهم وجَمْعَاً في دائرةِ الحبيب، وقُرْبَاً مع أهلِ التَّقريب، يا قريبُ يا مجيب يا الله. مَن حضرَ ومَن يسمعُ في جنبِ ذرةٍ من رحمتِك يَسِيرٌ أن تُبلِّغَهم تلك المطامع، وأن تجمعَهم في تلكَ المجامع، وأن تغفرَ لهم ما كان مِن الحواجبِ والحواجزِ مِن الذنوبِ القَواطِع، يا مجيبُ يا سامع، يا مجيبُ يا سامع، يا مجيبُ يا سامع ..

 أوقفتَنا على أبوابِك، ورزقتَنا الِّليَاذَ بأعتابِك، لا بوصفٍ مِنَّا ولا بعملٍ استحقَقنا ذلك، لكن منكَ بكَ فضلاً منك، وخرجَت هذه الأقدام من قريبٍ وبعيدٍ؛ وخرجَت مِن منازلِها لا حاجةَ لها إلا الطمعُ والرغبةُ فيما لديك، فلا تجعَل بيننا وجهاً إلا مِن الوجوهِ الناضرةِ التي هي إلى ربِّها ناظرة، في حاضرينا ومَن يسمعُنا اجعلنا مِن أهلِ الوجوهِ الناضرةِ التي هي إليك ناظرة، يا رب الدنيا والآخرة يا الله.

سيدَنا.. وفي الصُّحُفِ مما كسبَت أعينُ في الحاضرين والسامعين ما يقتضِي الحَجْبَ وما يقتضِي البُعدَ ..  سيدَنا .. إلهَنا .. ربَّنا .. ودواءُ ذلك عندَكَ وحدَك، والخلاصُ مِن ذلك عندكَ وحدَك وقد سألناكَ وحدك، وقد سألناكَ وحدكَ وتوجَّهنا بخيرِ خلقك ؛ ما كان مِن أعيُنهم وما كان مِن ألسُنِهم وما كان مِن أفواهِهم وما كان مِن ذنوبِ وجوهِهم وأيديهم وأرجلِهم وجميعِ أعضائهم ائذن لنا ولهم بمغفرتِك الواسعة يا واسع، وعفوِك العظيمِ يا عظيم، وتجاوزِك الكبيرِ يا كبير، ومسامحتِك العظيمَة يا عظيم .. يا الله .. يا الله .. يا الله .. (وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّه) فاحلُل عقدةَ الإصرارِ عن جميعِ الذنوبِ صغيرِها وكبيرها عن كُلِّ قلبٍ من قلوبِ مَن حضرَ ومَن يسمع يا الله (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) 

يا الله .. يا الله .. يا الله .. يا الله اعترافاً وإقراراً، هذه أيدينا إليكَ بالنَّدمِ على ما كان مِنَّا، والتوبةِ مما جنَينا، والعزمِ أن لا نعودَ إلى معصيتِك بقلوبِنا ولا جوارحِنا فاقبَل توبتَنا، واغفر حوبَتَنا، واعفُ عن سيئاتِنا، وتجاوَزْ عن خطيئاتِنا، واجعل لنا شأناً بعد ليلتِنا أحلى في معاملتِك، وأجمل في مخاطبتِك، وأقوى في حُسنِ الإقبالِ عليكَ مع نيلِ الَقبولِ منكَ يا الله .. يا الله يا الله..

 انكسِرُوا بقلوبِكم وانطرحُوا على علَّامِ غيوبِكم واعترفُوا له بعُيوبِكم واعلمُوا أنه طبيبُكم، ومُداويكُم، وشافيكُم، ومعافيكُم، وما لكُم غيرُه. فيا مَن ليس لكَ غيرُه لا تحرِم نفسَك بركةَ الساعة والدخولَ مع الجماعة، وأن تُقبلَ فيك الشفاعة، وأن تُحسِنَ الابتهالَ والضَّراعة، عسى أن يَنظر إليك، فللهِ في كلِّ يومٍ وليلة ثلاث مائة وستين نظرة، إذا نظر إلى عبد بنظرةٍ منها سعدَ سعادةً لا يشقَى بعدَها أبدا.  يا مَن ليس لك غيره هذا عطاؤه وبِرُّه، وهذا جودُه وخيرُه، وهذه أبوابُه انفتحت، وهذه مواهبُه انسكَبت، وهذا جودُه يُعطَى، وهذا الغفرُ للخطأ، وهذا جمعُ الأرضِ بالسماء، والدنيا بالبرزخ، وهذه السحائبُ بالجود، وهذا الفضلُ الغير محدود، يا مَن ليس لك غيره اصدُق في التوجُّهِ إليه، واغنَم في هذه الساعةِ صدقَ التذلُّل بين يدَيه ؛ فلعلَّك إذا انكسرتَ رحمكَ فجبرَ كسرَك وغفر وزرَك، ورفع ذكرَك، وشرحَ صدرَك .. إنه الله .. إنَّهُ الله .. هل لك قلبٌ يسمع؟ إنه الله. هل لك فؤادٌ يَعِي؟ إنه الله. هل لك روحٌ تُدرِك؟ إنه الله .. إنه الله .. إنه الله (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۖ هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)  بأسرارِ تسبيحِ ما في السماوات والأرضِ اجعل لتَسبيحاتِ قلوبِهم قَويَّ الرَّبطِ بأسرار التسبيحِ مُؤتَمَّةً بخيرِ مَن سَبَّحَكَ مِن العبيدِ، حبيبِك المصطفى الحميدِ المَجيد (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) قلتَ لأمينِك المأمون: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا) فَسَجَدَ وسبَّح، فَبِحَقِّكَ عليك اربِط اللهمَّ سجودَ قلوبِ وجِبَاه هؤلاء بسجود حبيبِك، وتسبيحَ قلوبِ وألسنِ هؤلاء حاضرينا وسامعينا بتسبيحِ حبيبك ؛ حتى تَصِحَّ الوُصْلَة ونُدرِكَ المُرافقة، ويَعذُبَ الوُرُود على الحوضِ المورود. إلهنا مَن حضرَ ومَن يسمع وأهاليهم ومَن في ديارِهم وجيرانِهم وقراباتِهم يردُون جميعا، نَرِدُ وإياهم جميعاً في أوائلِ الواردين، على حوضِ الحبيبِ الأمين ونُسقَى منه شراباً لا نظمأ بعدَه أبداً يا أكرمَ الأكرمين.

 وفي يَقين قلوبِ الأوائل قال سيدُنا أويسُ بن عامرِ القرني لسيدِنا عمرِ بن الخطاب ومعه سيدُنا علي بن أبي طالب: { لا موعدَ بيني وبينك يا أميرَ المؤمنين إلا حوضَ رسولِ الله } فإذا اجتمعُوا هناكَ فاجعل اجتماعَنا معهم، نَرِدُ حيث وَرِدُوا، ونشربُ مما شَرِبُوا، ونَفِد كما وَفَدُوا .. يا الله .. يا الله .. يا الله. ولقد قال حبيبُك المصطفى لأنسِ بن مالك، وكان سيدُنا عليٌّ في جانبٍ من البيت نائماً، وفي البيت فاطمة والحسن والحسين سقاهُما صلى الله عليه وسلم مِن شَاةٍ في جنب البيت والتفتَ إلى أنس يقول: {إني وهذان وأمُّهما وذاكَ النائم في مكانٍ واحدٍ يومَ القيامة} ما أعجبَ ذاك المكان، ما أطيبَه، ما أرفعَه، ما أجلَّه، ما أجملَه، قرِّبنا مِن ذلك المكان، يا رحيمُ يا رحمن، يا كريمُ يا منَّان قرِّبنا مِن ذلك المكان، يا كريم، يا رحيم، يا عظيم، يا وهَّاب، يا منَّان قرِّبنا مِن ذلك المكان، وأهالينا وأولادِنا وقراباتِنا وذرياتِنا وطلابِنا وأصحابِنا، يا قريبُ قرِّبنا مِن ذلك المكان .. يا الله يا الله .. يا الله يا الله .. يا الله..

أتدرون متى كَتَبَ وقَضَى أن يُدعَى بهذا الدعاءِ الآن في هذا المكان؟ كَتَبَ ذلك قبلَ خلقِ العرش، وقبلَ خلقِ الكرسي، وقبلَ خلقِ الجنةِ والنار؛ فنحن فيما قَضَى وقَدَّر في الأزلِ نتلقَّى منه مالا يُعَبَّر عنه .. إنه الله يا أحبابَنا .. هل مِن قلبٍ يَفْقَه ؟ إنه الله يا أصحاب يا أحباب يا طُلَّاب يا سامعين: إنه الله .. إنه الله .. إنه الله، ربُّ العالمين أكرمُ الأكرمين، أوَّلُ الأولين، آخرُ الآخرين، راحمُ المساكين، ذو القوة المتين، أرحم الراحمين .. إنه الله، اسمٌ كريمٌ عظيمٌ لكم السعادةُ بِتَشَعْشُعِ نورِه في أفئدتِكم وعلائقِ أسرارِه بذواتِكم.

 اللهم ارحمنا وإياهم رحمةً واسعةً، ارفعنا إلى أعلى مراتبِ الولَعِ بك والولَهِ بك والرغبةِ فيما عندك. وخرجَت مِن منازلِها لا حاجةَ لها إلا الطمعُ والرغبةُ فيما لديك، مَنَّاً منكَ عليهَا يا سيدي، مَنَّاً منك عليها يا سيدي، مَنَّاً منك عليها يا سيدي لا مَنَّاً منها عليك، يا الله يا الله .. يا الله ..

وتدارَكِ القلوبَ البعيدةَ حتى تُنِيبَ إليك، تدخلْ في مداخلِ المُقبلينَ عليك والمَقبولين لدَيك. يا ربَّنا وأظهِر مِن قضائك في ساعتِنا قلوباً بعيدةً تُقرِّبها، قلوباً كافرة تُدخلُها الإيمان، ويَرِد مَن يَرِد منهم إلى هذا المكان، وتَسقيه مِن تلك الدِّنان، ترفعُه في مراتبِ الامتنانِ يا منَّان يا الله. ثم تجمع الكُلَّ مِنَّا، اجعل لنا في الجِنانِ مجمَعاً، لا يتخلَّف عنه أحدٌ ممَّن والانا وممَّن حضرَ مجالسَنا وممَّن أقبلَ عليكَ متَّصلاً بسَندٍ إلى حبيبِك يا الله.

 أيدي الفقراءِ وأنتَ الغني، أيدِي الضعفاءِ وأنتَ القوي، أيدِي العاجزين وأنتُ القادر، يا الله ..

هو يسمعُكم وهو يراكم؛ قال لسيِّدِنا موسى وهارون: ( إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)، وقال حبيبُه محمد لصديقِه الصِّديق (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)، يا كُلَّ قلبٍ يُعَظِّم هذا الرَّب ويريدُ رضاه: (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) أقبِل وتوجَّه، وقُمْ بواجبِك، وانصر شريعةَ نبيِّك صلى الله عليه وسلم، ما مات منها في بيتِك ودارِك أحيِه، وما هُجِرَ مِن سُنَنِهِ في أُسرَتِك اُعمُره، اعمر ديارَك وأسرتَك بسننِ محمدٍ وأخلاقِ النبيِّ محمد.

 رَبَطَنَا الله وإياكم بهذا الحبيبِ المحبوب ربطاً لا يَنحلُّ أبدا وجعَلنا به مِن أسعدِ السعداء يا الله. ونُحَقِّق توبتَنا إليه عنَّا وعن أهلِينا وأولادِنا وأحبابِنا من الحاضرين والسامعين ومَن والاهم في الله تبارك وتعالى، ونقولُ جميعا:

يا تَوَّاب تُبْ علينا .. يا توَّاب تُبْ علينا

وارحمنا وانظر إلينا .. وارحمنا وأنظر إلينا

للاستماع إلى المحاضرة

لمشاهدة المحاضرة

 

تاريخ النشر الهجري

03 ذو القِعدة 1440

تاريخ النشر الميلادي

05 يوليو 2019

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية