حقيقة الإيمان وهيبة الرحمن وتعظيم شعائره، وخطر وآفات تعظيم ما خالف منهاجه العظيم
خطبة الجمعة للعلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ، في جامع الإمام الشافعي، منطقة فوة - المكلا، 14 ربيع الثاني 1443هـ، بعنوان:
حقيقة الإيمان وهيبة الرحمن وتعظيم شعائره، وخطر وآفات تعظيم ما خالف منهاجه العظيم
نص الخطبة:
الخطبة الأولى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الحمدُ للهِ العليِّ الكبير، السميع البصير، العليم القدير، اللطيف الخبير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الأول والآخر والظاهر والباطن {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} و {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ۚ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}.
ونشهد أنَّ سيدَنا ونبيَّنا وقرةَ أعيننا ونورَ قلوبنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه، ونبيُّه وصفيُّه وخليلُه، أعظمُ الخلائق ذِلَّةً وتواضعًا للرَّبِّ، وأعلاهم منزلةً وقدرًا لديه. اللهم أدِم صلواتِك على عبدِك الهادي إلى الصراطِ المستقيم، خاتمِ النبيِّين سيدِنا محمدٍ ذي الخلقِ العظيم، وعلى آله الأطهار وأصحابِه الأخيار، ومَن والاهم فيك وثبتَ على صراطِهم المستقيم، وعلى آبائه وإخوانِه مِن الأنبياء والمرسلين خِيرتِك مِن البرية، مَن جعلتَهم السببَ في إصلاحِ العبادِ وإرشادِهم في كُلِّ قضيَّة، وعلى آلهم وصحبِهم وأتباعهم، وعلى ملائكتِك المقرَّبين، وعلى جميعِ عبادِك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتِك يا أرحم الراحمين.
أما بعد عبادَ الله: فإني أوصيكم ونفسِيَ بتقوى الله.. تقوى الله التي لا يقبلُ غيرَها، ولا يرحمُ إلا أهلَها، ولا يُثِيبُ إلا عليها.
أيها المؤمنون بالله: حقائقُ الإيمان تدعونا أجمعين لأن نُمَكِّنَ تلك الحقيقةَ مِن قلوبِنا، فتخرجَ هيبةُ غيرُ الله مِن صدورِنا وتحِلَّ فيها هيبةُ المَلِك العظيم، وعظمةُ الإلهِ الجليلِ الكريم، صاحبِ القدرة، وصاحب العِزَّة، وصاحبِ الإرادة، وصاحبِ المُلك، مَن بيدِه ملكوتُ كلِّ شيء وإليه تُرجعون. إنَّها مداوية، حقائق الإيمان بسِرِّ: "لا إله إلا الله محمد رسوله الله" مداويةٌ ومعالجةٌ لِمَا يطرأ على هذه القلوب في العالم الخَلقِيّ.. مِن إعظامِ ما ليس بعظيم والهيبة مِن غيرِ القويِّ القديرِ المتين -جلَّ جلاله-. والناس تغلبُهم الأوهامُ والظنونُ والخيالات، بل أكثر ما يقوم على ظهرِ الأرض مِن الدعوات إلى مختلفِ المناهج والأنظمةِ في كُلِّ ما يخالفُ منهجَ ربِّكم الذي خلق وهو الذي {أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}، في جوانبِ شؤونِ المادة أو الاجتماع أو البحار أو الفضاء أو السياسة أو غيرها مما يخوض الناسُ فيه يقوم شأنُهم في كل ما خالفَ منهجَ الله على الظَّنِّ والوهمِ والخيال ليس إلا. لا يقين فيما هم فيه ولا علم {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ}.
كما قال ربُّكم -جل جلاله- مُبَيِّنا حالَ أكثرِ الخلائق على ظهر الأرض: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} ويدَّعون بعد ذلك علماً!
وفي وقت ادَّعاء العلم في القرنِ الذي مضى بكم كانت مظاهر العلم مبدآن متناقضان مختلفان متباعدان، أحدهما في شرقِ الأرض والثاني في غربها، وعلى الأول قام في عام الاقتصاد نظامُ الاشتراكية، وعلى الثاني قام نظامُ الرأسمالية، ويتبع كلًّا مِن النظامين نظراتٌ إلى الخَلْقِ وإلى الخُلُقِ وإلى الفكر وإلى القِيم وإلى المجتمعات.. كل ما خالف فيها منهجَ الله ليس قائمًا إلا على ظنٍّ ووهمٍ وحدسٍ وخيالٍ لا علمَ فيه ولا حقيقة. ولو كان علمًا لَمَا تناقض. وكان يُوحَى إلى أبناءِ المسلمين في العالم الإسلامي: لن تكون علميَّاً حتى تتبعَ واحدًا مِن أهل هذا التناقضِ إمَّا غربي وإمَّا شرقي تتبعه فيما يَطرحه فأنت إذن علميّ.. المهم أن تتخلَّى عن ثوابتِ الدين! وعن قِيَمِ الهدى! وعن أسس الرسالة التي بُعِثَ بها خاتمُ النبيِّين!
فالعلم عندهم أن تتخلَّى عن الدين ثم تتبع مَن سُمِّيَ عالماً وليس بعالم مِن بعض مفكِّري الغرب أو بعض مفكِّري الشرق! وتقاسموا العالمَ الإسلامي بينهم في سطوتِهم عليه وتسييرِهم لحُكَّامِه وأحكامِه وما فيه ما بين شرقي وغربي..!
ومرَّت ردهةٌ مِن الزمان وبرهة والناس على مثلِ ذلك الحال، والقلوب تهابُ غيرَ الله! وتخاف مِن غير الله! وترجو غيرَ الله -تعالى في علاه-! وبهذا الداءِ والمرضِ سُلِّطَ العدوُّ عليهم، يمينًا ويسارًا، شرقا وغربا، وصاروا أتباعاً! وصاروا مأمورين يمتثلون لأمورٍ تأتي مِن أسيادِهم!
وما جزاء مَن لم تَثبُت في قلبِه عظمةُ الله، ويهابُه، ويهاب لقاءَه، ويخاف الرجوعَ إليه.. ما جزاء مَن خرجت مِن قلبِه هذه الهيبة إلا أن يَهَاب مخلوقًا مثلَه ساقطَ القدر يلعبُ به كما شاء، ويُمَشِّيه فكرًا وسلوكًا كما أراد، يذهب به يمنةً ويسرَة، ويُغَيِّره في سياساتِه وفي قراراتِه وفي مسار حياته وفكرِه وسلوكِه!
وكان ذلك واقعًا يشهده المُنصِفُ العاقلُ في واقع المسلمين، وهي أيضا حقيقة جعلها اللهُ تبارك وتعالى على ظهر الأرض، فلا يوجد في الواقع والحقيقة إلا حَقٌّ واحد وباطل كثير، إلا هدى واحد وضلال كثير، الحق الواحد والهدى واحد في سَعَتِه أصوله وأسسه تجمع أهلَ "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، إذا وعَوا معناها ودلالاتها وحقّها تجمعُهم وتجمع قلوبَهم، وتمنع أن يَبسُطَ أحدٌ منهم يدَه للسوءِ بالآخَر، في عرضٍ أو مالٍ أو نفسٍ..
(ألا إنَّ دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم حرامٌ عليكم) لسانُ صاحبِ الرسالةِ المأمون مِن قِبَل ربِّ العرش للأمةِ في حجَّةِ وداعِه: (ألا إنَّ دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم حرامٌ عليكم كحرمةِ يومِكم هذا في شهرِكم هذا في بلدِكم هذا، ألا هل بلَّغت؟) وقالوا بلَّغتَ يا رسولَ الله، ورفع إصبعَه نحو السماء يَرُدُّها عليهم يقول: (اللهم فاشهد، اللهم فاشهد، اللهم فاشهد) ثم قال: (ألا فلا ترجِعوا بعدي كفارًا يضربُ بعضُكم رقابَ بعض)
صدق الناصح، صدق المُبَلِّغ المأمون، صدق خاتمُ النبيين، وكذبَ أهلُ الظنون والأوهام، وقالوا ارفع صوتَك وارفع سلاحَك على أخيك وأنت شهيد! ارفع صوتَك وارفع سلاحَك على أخيك وأنت في الجنة! استحلَّ الدماءَ واستحلَّ الأعراضَ واستحلَّ الأموالَ وأنت على هدى!
مَن قال هذا!؟ مَن قال هذا؟ قاله مَن ناقَضَ محمد ومَن خالف نبي الهدى، أمَّا نبي الهدى فقد أعلنها صريحة! فقد أعلنها صريحة: (ألا فلا ترجِعوا بعدي كفارًا يضربُ بعضُكم رقابَ بعض)!
أيها المؤمنون بالله -جلَّ جلاله-: يجب أن نُثَبِّتَ في القلوبِ هيبةَ الإلهِ الذي جعل شعارَنا للصلاة تكبيرَه، شعارَنا في الأعياد تكبيرَه، شعارَنا في الفرح والانتصار تكبيرَه "الله أكبر".
"الله أكبر" إذا تمكَّنت مِن قلبِك خرجَت هيبةُ أسلحةِ الدمارِ الشامل، خرجت هيبةُ طائرة بلا طيَّار، خرجت هيبةُ أنظمةِ الشرقِ والغرب، وحَلَّ في القلب تعظيمُ نظام رَبِّ المشارقِ والمغارب.
فلا تجدوا انسياقًا ولا استرسالًا ولا انطلاقًا إلا مع نظامِ ربِّك، وتوجيهِ ربِّك، ووحيِ ربِّك، لا تأمَن على نفسِك ولا على أسرتِك ولا على حياتِك ولا على مسلكِك شرقيَّاً ولا غربيَّاً، رَبّ المشارق والمغارب ربُّك وربُّهم أعلم، وأحكم، وأقدر، وما جاء عنه هو الحق، وما خالفَه هو الباطل.
اِفْقَه سرَّ التكبير، وكبِّرِ العليَّ القدير، لا بلسانِك..! في كلِّ يومٍ وليلةٍ تسمعُ الآذانات "الله أكبر، الله أكبر" وتدخل الصلاة: "الله أكبر" وتكرِّرها في انتقالاتِك في الصلاة، في اليوم كم مِن مرة.. فأين معناها مِن قلبِك، مِن لُبِّك؟ مِن مشاعرِك؟ مِن أحاسيسِك؟ مِن ذوقِك؟ مِن مسلكِكَ في الحياة؟!
أتُسَلِّمُ الزِّمَامَ لمَن يخالفُه ويخالفُ رسولَه في فكرٍ أو سلوكٍ ثم تدَّعِي أنك تقولُ "الله أكبر"!
لقد كبَّرتَ أولئك! لقد استصغرتَ وحيَ مَلِك الممالك الإلهِ المالك! -جَلَّ جلاله-
ألا: فلتَعِ قلوبُ المسلمين سِرَّ التكبير، سِرَّ الصلاة، سِرَّ الجمعة، سِرَّ الشريعة في عظمتِها، وفي بهجتِها، وفي حقِّها، وأحقيَّتِها، وفي هُداها، وفي تصفيتِها للقلوبِ والأفئدة؛ حتى لا تُبقِي للشيطان مجالاً أن يُدخِلَ إليها البغضاءَ ولا الشحناءَ ولا عداوةَ بعضِهم البعض؛ لأنهم اتَّخذوا عدوَّ الله عدوًّا فلم يقدرُوا أن يتَّخذوا مؤمنًا بالله عدوًّا، والله يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} و: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} فلا يصبُّون عداوتَهم على مؤمنين، ولكن يصبُّون عداوتَهم على إبليسِ اللعينِ وما جاء عنه.. إنَّه العدو، قال -جَلَّ جلاله وتعالى في علاه-: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا}.
أيها المؤمنون: على قدرِ سِرِّ التكبيِر يَثبُتُ الولاءُ للهِ ولرسولِه وللذين آمنوا، والحقُّ يقول: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.
يا أيها الذي مِن أجلِ المادة آذيتَ مسلماً أو انتَهكتَ حُرماتِ عِرضِه، أو دمِه، أو مالِه: المحكمةُ أمامَك لا يُنقِذك منها دولةٌ صغرى ولا كبرى، ولا حزبٌ ولا هيئةٌ، ولا وزارةٌ ولا مؤسسة، لن ينقذَك مِن حُكمِ المحكمةِ الكبرى أحدٌ مِن هؤلاء، والحكمُ لله العليِّ الكبير، سيؤاخذُك على ما قلتَ وعلى ما فعلتَ، وهو أعلم بِك وبقصدِك ونيَّتِك.
ألا تعلم عظمتَه؟! ألا تُكَبِّرُه ما دُمتَ في فرصةِ الحياة؟! حتى تلقاه بقلبٍ يعلمُ عظمتَه، ويعلم جلاله ويخضعُ لجلاله! ويُحَكِّمُ ربَّه، ويُحَكِّمُ نبيَّه محمدًا، في نفسِه وأسرتِه، وأهلِه ونظامِه، وعقلِه وفكرِه، ومعاملتِه، وبيعِه وشرائه، ولباسِه، وأكلِه وشُربِه، وأخذِه وعطائه، وعلائقِه بالقريب والبعيد والصغير والكبير {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ..} فوق ذلك يكونون مطمئنِّين بأنك صاحبُ حقٍّ وأنَّ ما جئتَ به هو الحق لا يشكُّون ولا يوسوسون ولا يلتفتون للغير {..ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
تلكم حقائقُ الإيمان. أحياها اللهُ بعد موتِها في قلوبِ الكثرةِ الكاثرةِ مِن رجالِنا ونسائنا، وصغارنا وكبارنا، ومَن اشتبهَ الأمرُ عليهم والتَبس، ومَن لبَّسَ عليهم إبليسُ ووَسوَس، ومَن فقدَ أدبَه في الباطن مع علَّامِ الغيوب فلا يجدُ في قلبِه عند ذكرِه لله وَجَلَا، ولا يجدُ عند سماعِ القرآنِ قشعريرة، والحقُّ يقول: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}.
بكَى أبو بكر الصديق كثيرا، وفي خلوتِه وفي لياليه، وبكَى عمرُ الفاروق، وبكى عثمانُ الشهيد، وبكى عليُّ المرتضى.. وأنت قَلَّ بكاؤك! أو عدِم؛ لأنك لم تعلم ما علموا، ولم تعرف ما عرفوا، ولا آمنتَ كما آمنوا، وإلا لبكيتَ كما بكوا. بكَوا تعظيما، وإكبارا، وإجلالا، وخوفًا، وخشية، ومحبةً، وشوقا.
ولقد قالت أسماءُ بنت عميس: دخل عليَّ أبوبكر رضي الله عنه -أيامَ خلافته- دخل عليَّ في ليلة وعَمِدَ إلى ماءٍ فتوضأ وصلَّى، ثم وضع رأسَه بين رجليه يقول: "واشواقاه إلى رسولِ الله! واشواقاه إلى رسولِ الله!" هذا خليفةُ رسولِ الله يحمل هذا الذوق، يحمل هذا الشوق، يحمل هذا الإحساس، ويبكي! قالت حتى رقَّ قلبي له وقمتُ إليه وقلتُ: يا أبا بكر يا خليفةَ رسول الله، إنك كنتَ معه آمنتَ به وصدَّقتَه وشهدتَ معه المشاهدَ وكنت معه في الغار، ومات وهو عنك راض، وسوف تلقاه بعد اليوم، فخفِّف على نفسِك.
رضي الله عن الصديق، وعن الفاروق، ومَن جاء بعدهم..
لم يكن دينُهم صوراً ولا مظاهرَ ولا كلاما، ولكن مشاعر وأحاسيس ووجدان وأذواقٌ ملأت قلوبَهم عليهم رضوان الخلَّاق -جلَّ جلاله-
اللهم أيقِظ قلوبَ الأمة، اللهم اكشِفِ الغُمَّة، اللهم ادفع عنَّا سلطةَ أعدائك ظاهرًا وباطنا، واجعل هوانا تبعًا لما جاءَ به نبيُّك سِرَّاً وعَلَنَا، برحمتك يا أرحمَ الراحمين.
والله يقولُ وقولُه الحقُّ المبين: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
وقال تباركَ وتعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم}
{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}،
{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}
باركَ الله لي ولكم في القُرآنِ العظيم، ونفعَنا بما فيه مِنَ الآياتِ والذكرِ الحكيم، وثبَّتَنا على الصراطِ المستقيم، وأجارَنا مِن خِزيهِ وعذابِه الأليم.
أقول قولي هذا وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولوالدينا ولجميعِ المسلمين فاستَغفِروه، إنَّه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله العظيمِ والعظمةُ كلُّها له، ولا عظيمَ إلا مَن عظَّمَه وما عظَّمه، وأشهد أن لَّا إلهَ إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه. اللهم صلِّ وسلِّم على الرحمةِ المهداة والنِّعمةِ المُسدَاةِ عبدِك النذيرِ والسراج المنير، البشيرِ النذير سيدِنا محمد، وعلى آلِه وصحبه وأهل محبَّته وقُربِه، وآبائه وإخوانِه مِن أنبيائك ورسلك، وآلِهم وصحبِهم، وملائكتِك المقرَّبين، وجميعِ عبادِك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
أما بعد عباد الله: فإني أوصيكم وإيَّايَ بتقوى الله..
فاتقوا الله، وليعلمِ المتكلمون والسَّامعون أنَّ الرقيب يرقبُهم مِن فوق، وسيسأل المتكلمَ عمَّا تكلَّم والسامعَ عمَّا سَمِعَ في يومٍ يجمعُ فيه الأوَّلين والآخِرين {لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}.
أيها المؤمنون: {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ النَّارُ} {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ}.
إنَّ مَن عظَّم اللهَ وكبَّره تفقَّدَ قلبَه حتى لا يرى اللهُ فيه ما يكرَه من غِشٍّ ولا مِن غِلٍّ ولا مِن حقدٍ.
ولقد روى الإمام أحمد -عليه رضوان الله تبارك وتعالى- وغيره، وجاء بسند صحيح: (أحبُّ المؤمنين إلى الله مخمومُ القلب صدوقُ اللسان) قالوا: عرَفنا صدوقَ اللسان، ما مخمومُ القلب؟ قال: (هو التقيُّ النَّقي الذي لا غِلَّ فيه ولا غِشَّ ولا حسد).
(مخموم القلب): مُنظَّف الباطن مراقبةً للذي ينظرُ إلى القلوب.
كثيرا ما زيَّنتَ هندامَك ومظهرَك وحلاقتَك وما عندكَ لأعيُنِ الخلق فزيِّن موضعَ نظرِ ربِّك يا هذا، واخرُج مِن جمعتِك مكبِّراً لله معظِّما لشعائرِه {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}.
فلا ولاءَ إلا لمَن آمن به، ولا تعظيمَ إلا لشعائره، وما سوى ذلكم زائلٌ حقير {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} هذا مثلٌ ضربَه ربي لأعمالِ الكفار على ظهرِ الأرض، شرقها وغربها: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً..}
صدق ربي وكذبَ إبليسُ الذي يقول العظمةُ عندَهم، والتقدُّم عندهم، والتطوُّر عندَهم، أمَّا شؤون المادة فمبسوطةٌ مِن قِبَلِ الخالق للبَرِّ والفاجرِ والمؤمنِ والمنافق، ولنا في طلبِها شرعٌ وميزانٌ وحلالٌ وحرامٌ نقوم عليه. أمَّا الخُلُقُ والفكر والاعتقاد فلا والله لا يجوز أن يُقتَدَى فيه بشرقيٍّ ولا غربيٍّ ولا صغيرٍ ولا كبيرٍ غير وحيِ الله وبلاغِ البشيرِ النذير والسراجِ المنير، ولا لأجلِ المادةِ والصناعة ترضَخ رؤوسُنا لشرقيٍّ ولا غربي..! أين رَبُّ المشارق والمغارب؟! وأين كان هذا الذي تريد أن ترضخَ له؟ وأين سلفُه؟ وما تاريخُه الحديثُ والقديمُ إذا عقلت!
لا أشرفَ لكَ مِن تبعيةِ الطُّهْرِ المُطَهَّر النَّقيِّ المعصوم المختار مِن قِبَل ربِّ العرش "محمد بن عبدالله".
"محمد بن عبدالله" نزل تحكيمُه مِن أسرتك! رُدَّه إلى الأُسرة، نزَلَ تحكيمُه مِن مسارك في الحياة رُدَّه إلى مساركَ، إن أردتَ أن تبيعَ أو تشتري ففي بلاغِه عن الله نورٌ لك، وإن أردتَ أن تزرعَ أو تصنعَ ففي بلاغِه عن ربِّك نورٌ لك، حتى إذا أردتَ أن تقضيَ حاجةَ الإنسان فعندَه لك إرشادٌ وآداب، وأوجبَ الاستنجاءَ وأوجبَ الاستبراء، وقال: (عامَّةُ عذابِ القبر مِن تركِ الاستبراءِ مِن البول)، إذا أردتَ أن تأتيَ أهلَك وزوجتَك فعندك نورٌ مِن بلاغِه عن الله، سَمِّ اللهَ وقل: اللهم جنِّبنا الشيطانَ وجنِّب الشيطانَ ما رزقتَنا"، ولا تأتيها في المحيض، ولا تأتيها مِن دبُر، فذلك حرامٌ عليك وأذىً، وائتِها من حيثَ أمرك الله -جلَّ جلاله-.
فما بقي حاجةٌ في الدنيا تخرج فيها عن نورِ بلاغِ محمدٍ عنِ الله، خذه معك وحكِّمه، حَكِّمه في أقوالك، وهو القائل: (كلُّ كلامِ ابنِ آدمَ عليه لا له إلا ذكرُ الله وما والاه)، وربك يقول: {لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ..} لا يُنشَر عنه في الانترنت ولا في المجلات ولا في التلفزيون ولا ليُقَال فلان ولا ليُقال علَّان؛ {ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}.
اخرُج مِن الجمعة مكبِّرًا لله، مُعَظِّما لشعائره، استخرج هيبةَ سوى اللهِ مِن قلبِك وفؤادك، فلا في الأرض ولا في السماء إلهٌ إلا هو، ولا في الدنيا ولا في البرزخ ولا في القيامة إلهٌ إلا هو، ولا أمرٌ إلا له.
عظِّم أمرَ الله، كبِّر مولاك تعالى في علاه- وتحقَّقْ بحقائقِ التكبير.
اللهم طَهِّر قلوبَنا وصفِّها ونقِّها عن تسرُّبِ تكبيرِ سواكَ وتعظيمِ مالا تُعَظِّمه ولم تعظِّمْه مِن سائر الكائنات، اللهم ارزقنا كمالَ الإيمان واليقين وحسنَ المتابعةِ لحبيبِك الأمين.
ألا: وأكثِروا الصلاةَ والسلامَ على عبدٍ محبوب لربِّكم وَعَدَ مَن صلَّى عليه مرَّةً أن يصليَ هو رب العرشِ عليه عشرَ مرات، ولمَّا أراد أن يأمرَنا بالصلاة عليه بدأ بنفسِه وثَنَّى بالملائكة، وأيَّه بالمؤمنين، فقال مُخبِرَاً وآمِرَاً لهم تكريماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك وكرِّم على عبدِك الذي إذا ذُكِرَ عند أحدٍ فلم يُصَلِّ عليه أخطأ طريقَ الجنة وكانَ البخيل، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك الذي قال لنا فيما رواه الإمام الترمذي بسندٍ حسن: (إنَّ أولى الناس بي يومَ القيامة أكثرُهم عليَّ صلاة) صلِّ وسلِّم عليه يا رب، وعلى الخليفةِ مِن بعده المختار وصاحبهِ وأنيسهِ في الغار، مُؤازرِ رسولِ الله في حالَيِ السَّعةِ والضِّيق، خليفةِ رسولِ الله سيِّدِنا أبي بكر الصِّدِّيق، وعلى النَّاطِقِ بالصَّوابِ، حليفِ المحراب، ناشِرِ العَدلِ في الآفاق، المُنيبِ الأوَّاب، أميرِ المؤمنين سيِّدِنا عمرِ بن الخطاب، وعلى النَّاصِح لله في السِّرِّ والإعلان، مَن استحيَت منه ملائكةُ الرحمن، مُنفِقِ الأموال رجاءَ الرِّضوان، أمير المؤمنين سيدِنا عُثمانَ بنِ عفَّان، وعلى أخِ النَّبيِّ المصطفى وابنِ عمِّه، ووليِّهِ وبابِ مدينةِ علمِه، إمام أهلِ المشارق والمغارب، أمير المؤمنين سيِّدِنا علي بن أبي طالب.
وعلى الحَسَنِ والحُسينِ سيِّدَي شبابِ أهلِ الجنَّة في الجنَّة وريحانتَي نبيِّك بِنَصِّ السُّنة، وعلى أمِّهِما الحَوراءِ فاطمةَ البَتولِ الزَّهراء وبنات المصطفى، وخديجةَ الكُبرى وعائشةَ الرِّضَا، وأزواج المصطفى أمهات المؤمنين، وعلى أهلِ بيعةِ العقبة وأهل بدرٍ وأهلِ أُحدٍ وأهلِ بيعةِ الرِّضوان، وسائرِ الصَّحبِ الأكرمين ومَن تبعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعلينا معهم وفيهم برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمين.
اللهم أعزَّ الإسلامَ وانصُرِ المسلمين، وأَذِلَّ الشِّركَ والمشركين، اللهم ارفع سلطةَ أعدائك عن المسلمين، اللهم اجمع شملَ المسلمين على ما تحب وترضاه، والطُف بنا وبهم فيما يجري به القضاء، اللهم اجعل هوانا تَبَعَاً لما جاء به عبدُك الأمين، اللهم ارزقنا تحكيمَه في جميعِ شؤوننا، وأصلِح جميعَ ظهورنا وبطونِنا، ولا تصرِفنا مِن جمعتِنا إلا والقلوبُ لك مُكَبِّرة، وبعظمتِك مُقِرَّة، وإليك آئبَة، ولما عندك طالبَة، ولفضلِك راغبة، وعمَّن سواك مُعرِضة.
اللهم ارزقنا صدقَ الإقبالِ عليك، وأقبٍل بوجهٍك الكريم علينا، وضاعفِ البركاتِ في هذه المساجدِ والجُمَع للمسلمين، واجمع شملَهم، ورُدَّ عنهم كيدَ أعدائك أعداءِ الدين.
اللهم فرِّج كروبَ الأمة، واكشفِ الغُمَّة، وعامِل بمحضِ الجودِ والرحمة، وأدِم لنا أمناً وطمأنينةً وسكينةً وعملًا بما يُرضيك، وصفاءً للقلوب ترضاه وترضَى به عنَّا.
يا أكرمَ الأكرمين يا مَن لا تخفى عليه خافية، نسألكَ العفوَ والعافيةَ والمعافاةَ في الدين والدنيا والآخرة، اغفر لنا ولوالدينا ومشائخنا وذوي الحقوق علينا، ومن أسس هذه المسجد، ومَن قام فيه، ومَن تردَّد إليه، ولوالدينا خاصة وموتى المسلمين وأحياهم إلى يوم الدين.
يا خيرَ الغافرين مغفِرةً واسعةً لا تغادرُ ذنبًا ولا خطيئةً ولا وِزراً ولا سيئة، بدِّل سيئاتِنا إلى حسنات، وأقبِل بوجهِك الكريمِ علينا، وكُن لنا بما أنت أهلُه في جميعِ الحالات، واختِم لنا بـ "لا إله إلا الله" متحقِّقين بحقائقِها وأنت راضٍّ عنَّا، نُحِبُّ لقاءكَ وتحبُّ لقاءنا.. برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
نسألكَ لنا وللأمة مِن خيرِ ما سألك منه عبدُك ونبيُّك سيدُنا محمد، ونعوذُ بك مِن شرِّ ما استعاذكَ منه عبدُك ونبيُّك سيدُنا محمد، وأنتَ المستعانُ وعليك البلاغُ ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ العليِّ العظيم.
{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}
عبادَ الله: إنَّ اللهَ أمرَ بثلاث، ونهى عن ثلاث:
{إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
فاذكروا اللهَ العظيمَ يذكُرْكُم، واشكروه على نعمِه يَزِدْكُم، ولذِكرُ اللهِ أكبر.
14 ربيع الثاني 1443