كيفَ الطريقُ إلى الهدايةِ في وقتِنا الحاضر؟ وكيفَ السبيلُ إلى الدعوة إلى الله في وقت اختلفتْ فيها الجماعاتُ الإسلاميَةُ وتنكَّرَ البعضُ منها للبعض الآخر؟

الطريقُ في ذلك أن تحذَرَ من التكفيرِ بتحذيرِ نبيِّك محمدٍ صلى الله وسلم عليه وعلى آله، ثم أن تملأَ قلبَك بِحُسْنِ الظَن، ثم أن تختارَ لنفسِك مسلكاً يزيدكَ تواضعاً وخضوعاً وأدباً مع الله، ثم أن تتصلَ بسندٍ في العلمِ متصلٍ إلى النبي محمدٍ صلى الله وسلم عليه وعلى آله، ثم أن ترثى هؤلاءِ الذين يتناحرون ويتحاملُ بعضُهُم على بعض ويقيمونَ موازينَ مما وصلَ إليهم، فقدسوه تقديساً خرج بهم عن حدِّ الإعتدال، أو انحصروا فيه انحصاراً غريباً، فأصبحوا لا يريدونَ أن يسمعُوا لأحد، ولا أن يُحسِنوا عرضَ ما عندَهم ، ولا أن يستفيدوا من كلِّ من خالفهم في مسألةٍ معينةٍ أو رأيٍ معيَّنٍ، فهؤلاء ارثهم وارحمْهُم، واسألْ ربَّك أن يخلِّصَهُم من هذه النكبة والشدَّة، قبلَ أن يموتَ الواحدُ منهم وهو يعتقدُ أن مَن على يمينِه وعلى يسارِه ضالُّون فاجرون كافرون.. فلو حاسبَهُ اللهُ على الواحدِ منهم ربما أهلكَهُ، فكيفَ إذا حاسبَهُ على مئاتٍ وألوفٍ من عبادِهِ المؤمنين؟ وفيهم من هو أعلى منهُ وأعظمُ منهُ وأجلُّ منه عندَ الحق سبحانه وتعالى، وإذا كان (بحسْبِ امرئٍ من الشرِّ أن يحقرَ أخاه المسلمَ) فكيفَ بمن يجعلُ دينَهُ احتقارَ المسلمين؟ أو تضليلَ المسلمين؟ أو تكفيرَ المسلمين؟ وكيف إذا تناولَ ذلك الحاضرَ والماضي من الأمة؟ فالأمرُ شديدٌ، والأمرُ خطيرٌ، فارثهم وارحمْهُم، وإن عندَك وسيلةٌ لأن تأخذَ بيدِ الواحدِ منهم وتخلِّصهُ من هذه الورطةِ.. فافعل، وإلا فادعُ ربَّكَ أن ينشرَ الهدايةَ بين المؤمنين، واثبُتْ على التواضع، واثبتْ على الإخلاص، واثبت على كثرةِ الذكرِ للحقِّ تبارك وتعالى، وحسنِ التلاوةِ للقرآن، وتقرَّبْ إلى اللهِ بالإحسانِ إلى عبادِهِ وإلى خلقِه، وحافظ على زيادَةِ الخشيةِ من اللهِ في قلبِك، وزيادَةِ التواضع، ولا تشوِّشْ وِجهتَكَ إلى اللهِ تبارك وتعالى باعتقادِ السوءِ في أهلِ لا إله إلا الله محمدٌ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآلِهِ وصحبِهِ وسلم، وإذا كان يذْكرُ علماءُ الأمةِ أنهُ في إنكارِنا المنكرَ يجبُ أن لا يؤدِيَ الإنكارُ إلى منكرٍ أكبر، ويجبُ أن يكونَ هذا المنكرُ إذا أنكرنا عليه مجمعٌ عليه. وقد ورد عن سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وكان لا يرى صلاة النافلة قبل صلاة العيد وأنه دخل مسجد الكوفة يوم العيد فرأى قوما يصلون فلم ينههم، فقال له من معه ألا تنهاهم؟ فقال لا أكون ممن نهى عبدا إذا صلى، يعني أن الرجلَ يصلي في وقتٍ ليست فيه سنةٌ معينةٌ، لكنَّهُ ليس من الأوقاتِ التي نهى النبيُّ عنها، فلم يكن عنده وجهٌ لينهاهَ عن الصلاةِ ما دامت صلاة، وجاءَ في الحديثِ ( الصلاةُ خيرُ موضوعٍ، فمن شاءَ فليستكثر، ومن شاءَ فليستقلل ) هذا هو فقهُ الصحابة، والآن بعُدْنا عن فقهِ الصحابة، وصرنا ليس على مجرَّدِ صلاة في غيرِ نافلة معروفة، بل على أبسطِ الأشياءِ مما اختُلِفَ فيه من السنن لم يُجمع عليه تستعدُّ منا عقول لأن تضلِّلَ وأن تفسِّقَ وأن تشمَئزَّ وأن تَنْشُرَ الشحناءَ بيننا، ودينُ الحقِّ تباركَ وتعالى يعلمنا أن نطهِّر قلوبَنَا ونحسِّنَ معاملتَنَا حتى مع البعيدِ، فيكفَ مع أهلِ الإيمانِ والتوحيد؟ اللهم خلِّصِ المسلمينَ من المساوي والآفاتِ كلِّها يا رب العالمين.