أحب الهداية، لكن في داخلي صوتان: واحد يدعوني إلى دنيا، والآخر إلى الدين؟

هذا صراع داخلي، قال تعالى: ( الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاءِ والله يعدكم مغفرةً منه وفضلاً والله واسعٌ عليم).

 والآن اختَر أحد الاثنين بسرعة، لا تتأخر ولو لحظة واحدة: ( والله خيرٌ وأبقى)، هذاك يدعو: (إنما يدعو حزبَه ليكونوا مِن أصحاب السعير) بينما هذا (والله يدعو إلى دار السلام) فمن تجيب؟

وما جاء هذا الصراع في باطنك إلا وعندكَ من الإيمانِ ما لعلَّ اللهَ به ينجيك وينقذك، فإنَّ مَن لا إيمانَ له لم تتصارعْ دعواتُ الدنيا والشيطان في باطنِه، بل هو منحدرٌ معها انحدار الماءِ إلى السفل، ولكن لما بقيَ عندك من الإيمان قامَ الصراع عندك، فَقَوِّ جُندَ الرحمن، الذي يدعوك إلى دار السلام, ويهديك إلى الصراط المستقيم، وارفض خواطرَ ( الذي يَعدِكُم الفقر, ويأمركم بالفحشاء) وقل: ((الله خير)) ولا تتبع خطوات الشيطان، (فإنه لكم عدوٌّ مبين).

 فأجب داعيَ الله، ولبِّ مناديه، واستحضِر الآن أنَّك عما قريبٍ سائرٌ: إمَّا إلى مرافقةِ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والسابقين الأولين.. وإما إلى مرافقة الساقطين والهابطين والفاسقين، مع مَن تريد؟

 وقريباً الوقت يأتي، اليوم نتحدث عن هذه الأشياء، وتمرُّ بنا سنواتٌ معدودةٌ، والكلُّ بعد ذلك يرجع منا إلى ذلك المصير، وعما قريبٍ يكون الباقون في الحياةِ الدنيا دونَنا وغيرَنا مِن سوانا، ولا تطول أيضاً بهم المدَّة، وما جئنا إلا والدنيا في آخرِ أمدِها (إنَّهم يرونَه بعيداً ونراه قريباً)، فأحسِنِ الإجابةَ لداعِي فوق: (أجيبوا داعيَ الله ومَن لا يُجب داعيَ الله فليس بمُعجزٍ في الأرض وليس له مِن دونهِ أولياء).

         ثبَّتَ اللهُ القلبَ، وأخذَ باليد.

 وردِّد: يا مقلِّبَ القلوبِ والأبصارِ ثبِّت قلبي على دينِك، وأكثِر مِن اسمِ ربِّك: الله، الله، تجد أنَّ الإمدادَ ليَصرع العدوَّ الخبيثَ الذي يحملُك على الالتفات إلى الدنيا وزخارفها، ويحقُّ نصرُ اللهِ بذكرِ الله: (إذ تستغيثون ربَّكم فاستجابَ لكم)، فأكثِر مِن ذكرِ اسمِ ربِّك سبحانه وتعالى: ( واذكر اسمَ ربِّك بكرةً وأصيلا) و ما اسمُ ربك؟ الله ... الله ... الله ... الله ...  فإنَّ ذلك يهزمُ جندَ الشيطان. صرفَه الله عنا، وعن جميعِ المؤمنين.